سَرقوا مِـنَ الجُثـَّة حَلوى !!
صادق مهدي حسن
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
صادق مهدي حسن
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كان يوم 25 / 3 /2003 من أيام (ناحية الكفل) العصيبة.. وذلك عندما سقطت هذه المدينة الصغيرة بيد الجيش الأمريكي الفاتح المحرر المحتل الغاصب !!.. و كان هناك الكثير من المواقف والأحداث المرة الأليمة التي كابدها أهل تلك المنطقة التي تتمركز في موقع (إستراتيجي) يربط بين بابل والنجف وكربلاء .. قصص لو كتبت لكانت من أطول الروايات..واليكم أقصوصة أبطالها بعض ضحايا حرب التحرير...
أخبرني صديقي أنَّ عائلة كانت متوجهة في طريقها عبر الكفل إلى منطقة أخرى..وتزامن مرور سيارتهم في الشارع الرئيسي مع دخول الأمريكان إلى المدينة بعد أن عبروا الجسر الذي يربط جانبيها .. حيث كانت المنية بالانتظار،إذ لقي أفراد تلك العائلة المساكين (الزوج والزوجة وطفل لم يبلغ الحلم) حتفهم داخل السيارة بنيران أمريكية صديقة !!!.. وتـُركوا وسط الشارع على تلك الحال لعدة أيام حتى(استقرت) الأمور وعاد البعض ممن فرَّ من أهالي المدينة آنذاك إلى منازلهم .. تنهَّدَ صديقي وحَوقَلَ بلوعةٍ وقال : تصور! قام بعض ذوي النفوس الدنيئة المريضة بسرقة هذه العائلة ولم تسلم من السرقة حتى الحلوى التي كانت بين جثثهم المتعفنة..نعم لقد سرقوا الحلوى من بين جثث أصحابها ، فأي خسِّة ونذالة هذه؟!
أطرقتُ مَلياً ثم ابتسمت بألمٍ وقلت : لعلي ألتمسُ عذراً لمن سرق الحلوى من هؤلاء الأموات ، فربما كانوا بحاجةٍ إليها ..لنقـل هم جياعٌ على أقل تقدير ((فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ)). ولكن ما قولك بمَن يملك ما يملك من الثروات الجبارة .. ومع ذلك يجاهد من أجل أن يأتي إلى هذا البلد المنكوب ويستبيح دون خجلٍ أو وجلٍ كل الحرمات والمقدسات ويسرق.. ويسرق.. ويسرق بما لا يخطر على أذهان الأبالسة والشياطين من طرق وأساليب وفنون ليزيد من أرصدته التي ملأت مصارف العالم ؟!! هذا فضلاً عن أولئك (اللصوص الصغار) الذين يعيثون بأغلب دوائر الدولة فساداً وطغياناً وعتواً..حتى أصبح العراق كالجثةٍ الخاوية التي تكالبت عليها طعنات السيوف ومخالب الوحوش الكواسر وعضّات الثعابين ليس الآن فحسب بل على مَـرِّ العهود والأزمان وتناوب الحكومات الدكتاتورية والديمقراطية..لا نجدهم يشبعون من سرقة خيراته أبداً.. أبداً.. أبداً، بل هــُم كجهنـَّم ((هل امتلأتِ ...هل من مزيد)) .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat