صفحة الكاتب : د . مسلم بديري

مسرحية:لاشيء يهم
د . مسلم بديري
أشخاص المسرحية :
 
- الدفّان..
 
- الميّت..
 
- الشاب..
 
- الفتاة..
 
..المكان: مقبرة مظلمة.. قبور مرتبة بشكل خاص.. تسمع في المكان أصوات ليلية تتخلل الهدوء,
 
 
 
الدفان : لاشيء جديد .. كل الأشياء مكررة ..صباح ..مساء,ليل ..نهار ..خوف,خوف..حياة,موت حتى الموت قلت مهابته بتكراره أصبح كضيف ثقيل الظل اليم الوطء كثير القدوم... كل الأشياء مكررة ,إلا أنا فلن أتكرر....
 
لا اعلم ماذا سيُفعل بكل هذه الأرواح كل هذه المقتنيات الثمينة.. آمنا بالله الناس ليسوا بحاجة لأرواحهم أليسوا بحاجة لأثمن أشيائهم..؟ لم هذا التفريط بالأرواح وبما هو أثمن منها... بخس ,بخس ,بخس لاشيء ثمين في هذا الزمن...(يبصق) تف أيها الزمن الأعمى لا اعلم ا أنت بلا ثمن أم أشياء معاصريك؟
 
(يتحرك) أيها السعداء.. أصدقائي الأموات , عفوا الأحياء.. لقد لوثني الأحياء المزيفون بغبار تسمياتهم أنا لا أرى انتهاء الحياة يعني الموت كل ما في الأمر إن أشيائكم الثمينة قررت أن تأخذكم معها أما البقية فقد جاءت أشيائهم الثمينة بدونهم
 
الموت يعني دوران الدنيا بعكس عقارب العادات..
 
(يجلس متكأ على دكه قبر ويخرج ناي ويبدأ العزف لحن حزين جدا)
 
الدفان : (مذعورا بعد أن سمع حركة في القبر المجاور) من هنا؟
 
الميت : (ينهض ,يتمطى تسقط منه ذرات غبار يقوم باسترجاعها)
 
الدفان: (مرحبا) أهلا لقد طال غيابك كثيرا
 
الميت : لا نزورك حتى تختفي منك رائحة الأحياء
 
الدفان: اجلس يا صديقي لا عليك فرائحة الأحياء من أسرع الأشياء زوالا
 
الميت : (يجلس)ها.. حدثني ما هو الجديد ؟ يبدو من عزفك انك في حالة لا تحسد عليها
 
الدفان : أف يا صديقي لقد سئمت من طول قعودي بلا عمل
 
الميت : !
 
الدفان : صدقني من سنين لم ادفن ولا ميت
 
الميت : وهل واظب الناس على الحياة؟
 
الدفان : لا يا صديقي .. صحيح تغادرهم الحياة لكنهم لا يدفنون يبقون كما هم يسيرون ,يأكلون يمرحون , يضاجعون قباحاتهم ,سيان دفنهم من عدمه لا أحس بتلك النشوة المفقودة التي كنت أعيشها لحظة دفن شخص....
 
الميت : يعني نحن الوحيدون الذي خسرنا وانطلت علينا حيلة الزمن ودفنا في الحياة
 
الدفان : لا تغير من وجهة نظري فيك
 
الميت : ؟!
 
الدفان : انتم آخر الأجيال -تقريبا- ممن ماتوا موتا حقيقيا .. هم من دفنوا في الحياة أما انتم فقد حييتم بالدفن
 
الميت : بي اشتياق لرؤية أحبائي
 
الدفان : دع عنك هذا الاشتياق .. لقد تغيرت وجوههم كثيرا صدقني لقد رايتهم قبل حين ليس بعيد بالكاد عرفتهم
 
الميت : لا.. لا يمكن ذلك أنا اعرفهم وجوههم ..ابتساماتهم الندية لا يمكن أن يخفى علي ذلك
 
الدفان : كان ذلك زمان أيها العزيز.. لقد أكلهم غبار الحياة ولعبت دابة الأرض بعصي جمالهم .. ابتساماتهم شاحبة وجوههم خاسرة إلى الأرذل ناظرة كأنهم أشباح
 
الميت : !
 
الدفان : لا تعجب يا صديقي
 
الميت : كيف عرفتهم إذن ؟
 
الدفان : أنسيت يا صديقي بأنني منهم حي مثلهم؟
 
الميت : اختلطت الأشياء براسي وضاع الفهم من الأحياء ومن الأموات؟
 
الدفان : دعك من الفهم فلن يجرك ألا إلى مزيد من الراحة..
 
الميت : اشعر بغثيان شديد
 
الدفان : أظن لأنك أطلت الجلوس معي
 
الميت : ( تنهمر من عينه دمعة واحدة)
 
الدفان : أتسخر مني ؟
 
الميت : ( دمعة أخرى)
 
الدفان : ما هذا الضحك ولم هذه السخرية؟
 
الميت : هون عليك يا أيها الحيّ ...
 
الدفان : عدنا للسخرية ؟
 
الميت : يبتسم
 
الدفان : (يحاول وضع كفه على كتف الميت) لا.. لا يا صديقي ما هذا الحزن الذي اجتاح كيانك فجأة أتبتسم؟
 
الميت : (يدفع كتفه بعيدا عن كف الدفان)
 
الدفان: ؟!
 
الميت : اعذري فانا على وضوء..!
 
الدفان : المهم يا سيدي المحترم حدثني عنكم ؟ كيف حالكم ؟
 
الميت : نحن كما ترى هذا هو حالكم..أنظره لتعرف حالنا.. نأكل مما أخذنا معنا من أشياء .. ونشرب من بقايا ذاكرتنا ..ونقضي أوقات انشغالنا بالنظر إلى الأشياء من منظار قديم جدا
 
الدفان : ! .. الذين هناك بكفة الدنيا .. اقصد الأحياء المزيفين يأكلون مما دفنوه هنا حالهم مغاير لحالكم تماما.. كيف يأكلون من أشياء بعيدة عنهم .. دفنوها بأيديهم تخلوا عنها؟
 
الميت : ( تنزل من عينه دمعة واحدة)
 
الدفان : !!
 
الميت : كما تفضلت.. أنت كل شيء قد تغير .. وأصبح البعد عن هذه الأشياء يشبع ... حد سمنة العقل المفرطة وضمور الإنسانية
 
الدفان : متى كانت آخر مرة اطلعت فيها على الأحياء؟
 
الميت : الآن....
 
الدفان : وبم أحسست ؟
 
الميت : لو كنت منهم لوليت فرارا وملئت رعبا
 
الدفان : اشعر بجوع شديد..
 
الميت : (يريد النهوض) مهلا سأحضر لك شيء مما نقتات به..
 
الدفان : ( مذعورا) لا يا سيدي شكرا
 
الميت : ؟؟
 
الدفان : لدي الكثير منه .. العشرات بل المئات يأتون هنا يوميا يضعون منه الكثير..
 
الميت : ؟
 
الدفان : لكي لا يعرقل مسيرة الألف رغيف في حياتهم
 
الميت : وهل ذلك معرقل ؟
 
الدفان : جدا
 
الميت : ؟!
 
الدفان : هذه الأشياء ثقيلة جدا ودافئة ومفعمة.. ونحن كما تعرف في عصر السرعة لا نريد شيء .. أي شيء في جعبتنا يعرقلنا.. بالله عليك ألا تعرف أننا بعصر السرعة ؟
 
الميت : (صمت)
 
الدفان : اجبني ؟ ألا تعرف؟
 
الميت : صه صه بارك الله فيكم اعرف ذلك ..
 
الدفان : ولم هذه الشتائم ؟
 
الميت : !
 
الميت : لأنكم لا تستحقونها..
 
الدفان : ما هي ؟ ألا نستحق الحياة ؟
 
الميت : تستحقونها جدا
 
الدفان : لا أنت تقصد غير ذلك
 
الميت : اقصد لا تستحقون الشتائم كما يحلو لك أن تسميها....(صمت)
 
((يدخل المقبرة شاب وفتاة يجر احدهما الآخر بانين موجع))
 
الميت : (يهمس) ما هذا اخبرني يا ابن مكة اخبرني ما هذه الشعاب؟
 
الدفان : مشهد يومي متكرر جدا بحيث لا جديد فيه أيضا....
 
الميت : صه صه الساعة ودعنا نرى ماذا تراهم فاعلين؟
 
الدفان : (صمت)
 
الشاب : (يهمس بأذن الفتاة) اليوم يوم سعدك ستنطلقين في هذه الحياة بلا قيود ستصبح حياتك سلسة جدا بلا قيود ستسرعين وتسبقين الزمن ....
 
الفتاة : أنا خائفة جدا....
 
الميت : ( ينظر إلى الدفان نظرة استفهام)
 
الدفان : (يشير له محذرا من أن ينبس ببنت شفة)
 
الشاب : جمالك الأخاذ سحرك الناصع موهبتك الأنثوية كلها حبيسة تلك القيود اخلعيها عنك وسترين كيف تفلح لك كل الأبواب.. كل الأبواب ومفاتيحها ستصبح ملكك....
 
أشياء لا قيمة لها مسميات سموها الأولون أساطير (يصيح) أساطير أضغاث يقظة ما أجملنا حلم راوده الزمن ولم يستعصم اليوم وكل يوم يكتب تاريخ من الأحلام
 
الفتاة : تاريخ تضاجع فيه شهوات الإنسان عقله الرث....
 
الشاب : تعجبيني جدا .. ها أنتِ تقولين بملء فمك انه رث .. وفضلا من الشهوات أن تضاجع رثا
 
الفتاة : لكنه عقل ؟
 
الشاب : أساطير....(يضحك) لن يبقى بعد اليوم جائع .... تلك القيود ستزال وبزوالها ستفتح شهية الأطباق اللذيذة و تصبح أفعى تلقف كل ادمي جائع أو غير جائع.. سلّم الحياة سينزل من حيث نصعد
 
الفتاة : مقتنياتي لطالما سمعت من أخبار الأولين عن قيمتها.. لا يمكن أن أفرط بها.. لا يمكن ((تصرخ)) لا.. لا..
 
الشاب : (يضحك بهستيرية) الأولون (يضحك) الأولون لو عاصرونا لعصروا مقتنياتهم الثمينة على مقاصل الحياة واشربوها نخب انتصار الإرادة الشابة على العقل العتيق
 
الفتاة : أمي .. لا يمكن أن ترتضيها قسمة لي 
 
الدفان : (يهمس للميت) أمها بالأمس عاشت الحدث عينه وصرخت بأعلى ما في صوتها : أمي لا يمكن.......
 
الشاب : يمكنكِ استعادتها أنى شئتِ....
 
الفتاة : (بيأس )وهل ترتضيني بعد أن ارميها في بحر من العدم
 
الشاب : انك لن ترميها بل ستعيرينها لمن يقبع في بحر النسيان المتلاطم بالذكريات المشلولة.... وكل من أعار أشيائه الثمينات أو استودعها هنا عاد بعد أن تصرف وأصبح بشأنه كبير عاد والتقطها ونفض عنها غبار ذكرياته وكان شيء لم يكن
 
الفتاة : لكن الدنيا لا ترحم
 
الشاب : هي أيضا من ربات السوابق .... وبحاجة جدا لان يضل سرها حبيس الألسن....
 
الفتاة : والآخرة ؟
 
الشاب : هناك تجرد الحقائق عارية تماما بلا قيود....
 
ولا احد ينظر إلى أجسامكم بل النظر مركز إلى دائرة القلب والقلب إن لم نقل سيبقى كما هو سيزداد صلابة كالصوان
 
الفتاة : وهل نحن حقائق ؟
 
الشاب : نحن حقيقة في عالم وهمي ووهم في عالم حقيقي
 
الفتاة : أحس الأشياء تزدحم براسي كأنها خيول وحشية تجرني ثلة نحو الماضي وثلة تجرني نحو الحاضر
 
الشاب : طوفان الحياة لا يقف أمام ورقة شرفة مطوية من زمن النسيان
 
الفتاة : إذن اخلع عنك رداء القيود هذا وتعال نبحر في الدنيا فاليوم يوم سعدك ستنطلق في هذه الحياة بلا قيود ستصبح حياتك سلسة جدا بلا قيود ستسرع وتسبق الزمن ....
 
الشاب : : أنا خائف جدا....
 
الميت : ( ينظر إلى الدفان نظرة استفهام)
 
الدفان : (يشير له محذرا من أن ينبس ببنت شفة)
 
الفتاة : جمالك الأخاذ سحرك الناصع موهبتك الذكورية كلها حبيسة تلك القيود اخلعها عنك وسترى كيف تفلح لك كل الأبواب.. كل الأبواب ومفاتيحها ستصبح ملكك....
 
الشاب : : مقتنياتي لطالما سمعت من أخبار الأولين عن قيمتها.. لا يمكن أن أفرط بها.. لا يمكن ((يصرخ)) لا.. لا..
 
الفتاة: (تضحك بهستيرية) الأولون (تضحك) الأولون لو عاصرونا لعصروا مقتنياتهم الثمينة على مقاصل الحياة واشربوها نخب انتصار الإرادة الشابة على العقل العتيق
 
الشاب : أبي .. لا يمكن أن يرتضيها قسمة لي 
 
الدفان : (يهمس للميت)أبوه بالأمس عاش الحدث عينه وصرخ بأعلى ما في صوته : أبي لا يمكن.......
 
الفتاة : يمكنك استعادتها أنى شئت....
 
الشاب : لا اعلم هنالك نداء خفي من أعماقي يدعوني دعوات حثيثة لان أطاوعك....ولكن
 
الفتاة : أتمنى لو عدت إلى الرشاد
 
الشاب : الرشاد ..شيء أجوف
 
صحيح البداية .. معتل الوسط .. ميت النهايات.. اكره جدا النهايات المغلقة
 
الفتاة : ونهايتنا ؟
 
الشاب : مفتوحة جدا
 
الفتاة : اشعر ببرد ينبع من صميم الروح
 
الشاب : اشعر بدفء يمكنه إطفاء كل السنة اللهب المشتعلة
 
الفتاة : صمت
 
الشاب : يقترب
 
الفتاة : تجفل
 
الشاب : يقترب .. ويقترب ويقترب
 
الفتاة : ترتجف .. تهدئ ..
 
الدفان : (يهمس للميت بمرارة) وكما ترى أيها الصديق.. وتحت جنح الليل وبكل الأوجه المستعارة.. قُدَّ القميص من قبل وألفيا دنياهم لدى الباب ضاحكة ضَحِكُ القِيانِ إلى غَبيٍّ
 
الميت : (بمرارة) خسارة
 
الدفان : (يضع إصبعيه بإذنيه)
 
الميت : ؟!
 
الدفان : أصوات تعصف بسكون الكون الليلي
 
شيء يتكسر آهات تولد مختنقة ...
 
سبقت الدنيا ونزوات الإنسان المتعطش لدم أخيه.... الشرف بطيء جدا
 
انظر كيف بات الغراب متعطشا لدم اليمامة
 
يمامة ذاقت الحرية ثم لفضتها .. ما بأيديها لقد ولدت في قفص معلق على إحدى جوانب اللذة الكبرى
 
الميت : أحس باني بحاجة كبيرة إلى الهواء
 
الدفان : بل أنت بحاجة إلى نبش الأرض أو تنفخ في الصور لتخرج الزمن الماضي
 
((يأخذ نايه ويعزف,,لحن يمزج بين الحزن والفرح.. بين الثورة والنوم بين وبين بينما يختفي الميت))
 
اللوحة الثانية:
 
نفس المقبرة الدفان منشغلا بعزفه .... تدخل نفس الفتاة في اللوحة الأولى..بكاء شديد يرافق دخولها ..تدخل ولا ترى الدفان الذي توقف عن العزف وجعل يترقب
 
الفتاة : ما أصعبها حياة
 
لقد رددت إلى أرذل العمر وأنا في ميعة الصبا
 
عيون وأفواه .. أعيش كوجبة شهية بين عيون وأفواه جائعة
 
أعيش كفضيحة بين كومة أسرار....
 
أين سري أين ذاكرتي
 
((تصرخ)) أين.. أين ....؟
 
((تتحرك نصف خطوة,تقف ,تتكئ على قبر تنزل منهارة..تبش التراب))
 
الدفان : (يظهر)
 
الفتاة :( لا تحرك ساكن)
 
الدفان : ماذا هناك ما هذه الضجة ؟
 
الفتاة : (تنظر دون اهتمام )
 
الدفان :( يغتاظ)
 
الفتاة : (تشيح بوجهها)
 
الدفان : عم تبحثين ؟
 
الفتاة : أشياء لا تخصك
 
الدفان : تخصك إذن ؟
 
الفتاة : لا شان لك
 
الدفان : (بخبث) غريب أمرك
 
الفتاة : ليس اغرب من فضولك....
 
الدفان : عموما يمكنني مساعدتكِ لو طلبتِي
 
الفتاة : ( تأخذ بنبش الأرض والبحث )
 
الدفان : (ينصرف متمتما بعض اللحن)
 
((الفتاة تنبش الأرض ثم تأخذ تربا وتهيله على رأسها تتحرك حركات عصبية ..تبكي بشدة))
 
الفتاة : كنت كمائدة متنوعة الأطباق والكل جياع كل اخذ ما يشهي كل وما يحب أكل الكبار والأشراف ثم منهم اقل من هم ثم من هم اقل فالأقل لم يبق في المائدة ما يستسيغه الكبار ولا الأقل ولا حتى العدم لم يبق من يزور المائدة إلا الذباب
 
لا.. لا ..((تصرخ)) لا ارتضي أن أكون
 
أردت أن أكون فكنت لا شيء .. أردت أن أعيش فمت بأوج الحياة
 
((تتفحص جسدها )) تؤلمني كل مفاصل الحياء المقبور
 
أثار العيون في جسدي كخناجر غدر دفين
 
طنين الذباب يمزق ذاكرتي الميتة.. لم يبق ميت الكل أحياء..
 
((تمسك برأسها)) الكل عاش في سعادة الكل عاش في تخمة المائدة وحدها باتت تعاني باتت تشكو كل الاحتياجات
 
أين هم زوارك أيها الجسد أين هم ليروا كيف تضمحل فيك الروح
 
((ومضة)) يقف الشاب نفسه في اللوحة الأولى في فناء مكان جميل وعلى درجة كبيرة من الأناقة ولكن يبدو بهيئة ليست محببة للنفس بينما تجلس الفتاة القرفصاء خلف قضبان تفصل احدهما عن الآخر
 
الفتاة : تشير بيدها علامة لكي يُقبل الفتى
 
الفتى : يضحك ثم يبتسم ثم يكفهر وجهه فجأة
 
الفتاة : ((تصيح صيحة مدوية))
 
الدفان : (يعزف لحن غريب .. اقرب ما يكون لألحان الغجر)
 
الميت : ينهض مذعورا
 
الدفان : أهلا صديقي
 
الميت : ماذا هناك؟
 
الدفان : شيء جديد جدا للمرة الأولى يعود شخص لاسترجاع مفقوداته
 
الميت : غريب جدا
 
يقتربون من الفتاة
 
الفتاة : (مخاطبة الدفان أي أنها لا ترى الميت ) ساعدني يا هذا أشيائي بالأمس تركتها هنا أريدها
 
الدفان : (بخبث) وما هي هذه الأشياء؟
 
الفتاة : أش ..أش .. أشياء تخصني
 
الدفان : (بنبرة ذات معنى) ولم َ تركتها إن كانت تخصك إلى هذا الحد
 
الفتاة : لا..لا.. (تصرخ)( تلطم وجهها)
 
الميت : يحاول إمساكها يمسكها ولكن لا تأثير له إطلاقا
 
الدفان : (يضحك )
 
الميت : ( يرجع القهقرى)
 
الدفان : (يخرج من الأرض أشياء يقوم برميها بوجه الفتاة ) تفضلي هذه أشيائكم أنتِ ومن سبقكِ)
 
الفتاة : (بلهفة تأخذ الأشياء) .. لا إنها ليست لي لا تناسبني حجما
 
الميت : يبدو إنها تركت أشيائها فترة طويلة جدا ؟
 
الدفان : جدا بطول ومضة برق
 
الفتاة :( تصيح) أشيائي .. ((تقوم بنثر الأشياء التي أتى بها الدفان بالهواء)) أشيائي .. صورتي .. ابتسامات أمي الرضّية .. ذاكرتي .. ش.. ش.. ش.. شرفي
 
الدفان : أنصحك أن تعيشي بلا ذاكرة .... وشرفكِ اممم ((يخاطب الميت)) ماذا بشأنه
 
الميت :(تنهمر من عينه دمعة واحدة)
 
الدفان : (يبكي ثم يستدرك فيضحك)
 
صمت.. إظلام تام
 
ومضة بعد عودة الإضاءة الشاحبة :نفس المقبرة الفتاة تمسك بيدها سكين وهي ترتدي الأسود الكامل شعرها مبعثر بشدة ملابسها تبدو على شيء من الاضطراب والشاب يجلس ببهاء ناقص
 
الفتاة : (( تخاطب نفسها)) لا اعلم أي الأشياء في جسدي قد تغير حتى ما عادت تناسبني ذاكرتي؟
 
الشاب: (( يشير إلى يدها بخبث))
 
الفتاة : (تنظر إلى يدها بحسرة.. تبكي ..تقرب السكين من يدها ترتجف الشاب يمسك يدها وبحركة مترددة تُقطع يدها فتصرخ)
 
وبيدها المتبقية تقلب الأشياء التي جاء بها الدفان .. يتجهم وجهها
 
الشاب : ((بتهكم يشير إلى ساقها..وبنفس الطريقة تقطع ساقها....
 
الفتاة : ((بمرارة)) أتمنى الآن أن يعود كل شيء إلى ما كان ((تنظر صوب الأشياء فتعبس))
 
الشاب : بابتسامة مهذبة جدا يشير إلى ساقها الأخرى
 
الفتاة : تقلب الأشياء فتصرخ
 
الشاب : ((بأدب يشير إلى يدها المتبقية))
 
الفتاة : ((تصرخ)) لا .. لا .. أريدها لا يمكن أريدها لأدفن بها ما تبقى من العار من يدفنه إن قُطعت ومن يقطعها إن وجدت من يدفن ؟
 
الشاب : (( بتواضع وابتسامة يشير إلى نفسه))
 
الفتاة : ((تزفر آه أخيرة ثم يعم المكان صمت أعمى))
 
إظلام..
 
بعدها يظهر الدفان وهو يقوم بجمع بقايا جسد الفتاة بكيس ثم يرميه خارج المكان
 
الميت : لماذا ؟ ادفنه بقرب شرفها المدفون....
 
الدفان : لا يمكن ذلك فمقبرتنا لا تستقبل إلا الأشياء الثمينة
 
الميت : يهم بالانصراف
 
الدفان: (يستوقفه) مهلا إلى أين ؟
 
الميت : ذاهب كما ترى وبلا عودة ولو جاء أحبائي فاخبرهم أني في قيلولة حتى إشعار آخر....
 
د. مسلم بديري

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . مسلم بديري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/06/15



كتابة تعليق لموضوع : مسرحية:لاشيء يهم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net