صفحة الكاتب : د . كمال ميرزا

حتى يتحول وحيد القرن إلى ذي القرنين
د . كمال ميرزا

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 لم يعد القتال بين حيوانات الغابة مباشرة هو الذي يحدد زعيم هذه الغابة كما كانت المعلمة والجدة وبرامج الأطفال تخبرنا وفق أيديولوجية البقاء للأقوى والاستمرارية للصدق والخير والعادات الحميدة، فقد تطورت الحيوانات كما تطورت الغابة نفسها، فكان للعولمة وسياقها الحضاري الأثر الأكبر في إكساب الأطراف المتصارعة على الزعامة قدر كافٍ من الذكاء، بحيث أصبحت المواجهة تتم بجهاز التحكم عن بعد وبأحجار الدومينو وبأعواد الثقاب البشرية.
إلا أن ما يميز غابتنا التي نعيش بها كبشر بسلوك حيواني عن غابات الحيوانات الأخرى أن قواعد حكمهم وتمكينهم في الحياة في غابتهم واحدة، فالبقاء للأقوى ولا تخضع للمحاباة ولا إلى تغيير العلاقات لأية اعتبارات، ولا تعرف السياسة ودهاليز نفاقها إلى ميادينهم أية طرق، فتبقى القيادة للأقوى متفرداً بها ثم من يليه. 
أما غابتنا البشرية فتحميها السياسة ودهاليزها، وتنظم معايير حكمها وتمكينها موازين مختلة تلعب فيها شريعة الغاب دوراً رئيساً، ويلعب التقرب والمحاباة والانسلال أدوار لا متناهية، لا تضبطها أخلاق ولا شرف، ولا تستقيم أمورها بسيد واحد يقود ويدير مقاليدها ويوجهها. فقادتها الدسائس وأحكامها النفاق، وأدواتها في تطبيق الأحكام هي سفك الدماء والظلم والطغيان.
لقد استطاعت غابتنا البشرية في الفترة الماضية أن تسير بقطب وأحد طوابعه صهيوني وعباءته وأدواته أمريكية، فكان اختلال الموازين والظلم والقتل والجور والتبلي عنوان عريض لمرحلة القطب الأمريكي الأوحد كما قال فرعون وفق ما ورد في كتاب الله "أنا ربكم الأعلى"، وعندما لم يكتف هذا القطب بما حققه من إبادة للإنسانية وإهانة للحضارة البشرية قام بتحريك رمال البشرية جمعاء إرضاء لغروره، فكانت حمامات الدماء التي شهدتها منطقتنا تحت مسميات الربيع والثورات والحرية والتنمية والديمقراطية.
وعندما أيقن العالم بضرورة التخلي عن قرن الشيطان ليصبح العالم ثنائي أو متعدد الأقطاب، ازدادت وتيرة الدماء وارتفعت درجة الفوضى الفكرية التي جسدها أبناء جلدتنا من بني البشر سلوكاً حضارياً تحررياً، فكان الميدان السوري هو نقطة البداية الفاصلة، التي قررت من خلالها روسيا الاحتفاظ بوجودها على خارطة العالم القوي، الأمر الذي يعتبر من أقوى البدايات المتأخرة بالنسبة لنا، والدقيقة والحرجة بالنسبة للعالم أجمع وخاصة الروسيين، إلا أنها رحلة الألف ميل المرسومة بدقة لا متناهية، فبدايتها التخلي عن ليبيا، وبداية حسمها الانخراط في الميدان السوري، وكلمة النهاية ستكون في الميدان السوري أيضاً، أما دورة حياتها فتشمل اليمن والعراق ولبنان والأهم من ذلك كله حزب الله وفلسطين.
إن ما يميز غابتنا أيضاً وجود مؤسسات دولية تشهد على الظلم والبغي والطغيان، وتشرع القتل والتدمير، وترفع شعار التغيير إذا كان خدمة للشيطان الأكبر الذي يحكم السيطرة على العالم، وعلى الرغم من إيقانها بضرورة الثنائية القطبية أو التعددية من أجل استمرار العالم ووجوده على الوتيرة نفسها من نمط الحياة، إلا أنها لا تحاول تغيير القرن الوحيد المتحكم بالعالم إلى أكثر من قطب إلا بطرق الحوار الدموي.
 فإذا كانت كمية الدماء التي روت أرض المنطقة العربية غير كافية للآن إلا لتعلن نقطة البداية الفاصلة، فكم سيلزمنا من دماء حتى يتحول قرن الشيطان الأمريكي إلى قرني غزال جميلين يتركان انطباع المحبة والمصالح أمام الجميع.
 أوليست كمية الدماء التي سوف تقدمها الشعوب قرابين للتحول العالمي إلى ذي القرنين أقل بكثير من بقاء قطب واحد متحكم بالعالم.
ولماذا دائماً وعبر التاريخ سورية ومنطقتها الجيواستراتيجية هي بوابة التحول العالمي.
وغيرها الكثير من التساؤلات التي تطرح ما دام قدرنا في سورية أن نكون مفاتيح قيادة العالم. لذلك عشتم وعاشت سورية قلب العروبة النابض، وبوابة التحولات العالمية

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . كمال ميرزا
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/10/14



كتابة تعليق لموضوع : حتى يتحول وحيد القرن إلى ذي القرنين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net