خيوطُ نورٍ مِنْ شُعاعِ كربلاء
عبد الحسن العاملي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
⚫️ أبو الفضل العبَّاس، قَلْبٌ آخر، خَصَّهُ الله بِقَلْبِ الحسين عليه السَّلام.
⚫️ دوماً تطوفُ الرُّوح حيث تتمسَّح عتبةَ الله، لذا تعوَّدت أن تعبر الأثير الأكبر لتحطَّ حيث قُبَّة الحُسَيْن عليه السَّلام.
⚫️ تماماً كما كانت الأرض مرتعاً للذِّئَاب يوم الحُسين (ع)، كذا هي اليوم. وكما كان الإمام الحسين بقلَّة أهلِ بيتِهِ وأصحابِهِ، كذا أنصارُهُ اليوم في دمشق والضَّاحية وبغداد وصنعاء وطهران في عالَمٍ يعيشُ "عقدة الفرعونيَّة" التي تُغَذِّي أمويَّة اليوم.
⚫️ ولأنَّ الحسين لم يعتذِر عن القتال والشّهادة بقلَّة النَّاصر، كذا فعلت شيعتُهُ اليوم، وها هي تخوض أكبر حروبها تحت شعار: (خُذ حتّى ترضى)، لأنَّ عطيَّة الحُسَيْن كانت لله، وكذا شيعتُهُ اليوم.
⚫️ ((يا حُسَيْن))، كلمةٌ تمخَّضت عن لسان ملكوت الله، يوم عزَّت عواطِف السَّمَاء، فنزفت حنيناً لمحبَّة الحسين عليه السّلام.
⚫️ لأنَّ معركة "الحقِّ الأكبر" تحوَّلت محمديَّةً-أمويَّة، كان لا بُدَّ مِن كبشٍ عظيم بحجم الإمام الحُسين(ع). ولأنَّ معركة اليوم كالأمس، وَجَبَ أن نطعن أميَّة بالصَّميم، حتَّى لا تتحوَّل سامريَّةً جديدة في أمَّةِ محمَّد(ص).
⚫️ أنْ يعيشَ الحُسَيْن "لحظَة صَمْت" في تلك الملحَمَة الرَّهيبة، هذا يعني أنَّهُ يقفُ وَجهَاً لِوَجه مع وَلَدِهِ "علي الأكبر". لأنَّ اللهَ حَبَاهُ شمائِل جدِّه النَّبي(ص)، وألبسَهُ قَلْبَ خشوعِه، وكمالَ سَخَائِهِ، وطالعةَ هَيْبَتِه، لذا نطقت الرِّواية بواحدة مِن المشاهد التي اهتزَّ لها التَّاريخ -في تلك البقعة التي أعادت صناعة التَّاريخ- حِيْن أقبلَ "عليُّ الأكبر" يستأذنُ أباهُ الحُسَين ليكونَ "قتيلاً بين يديه". فأطرقَ الإمام الحُسَيْن ثُمَّ قال: اللهمَّ اشهَد أنَّهُ قد برزَ إليهم غلامٌ أشبهُ النَّاس خَلْقَاً وخُلُقَاً ومنطقاً برسولك محمَّد(ص)، وكُنَّا إذا اشتقنا إلى نبيِّك نظرنا إليه. ثُمَّ صَاح: يا بن سعد.! قطعَ اللهُ رحمك كما قطعت رحمي، ولم تحفظني في رسول الله(ص).. ومنذ تلك اللحظة كتبَ تحوَّلَت الطُّفوف مذبحاً على السَّماء وباباً على الأزليَّة التي ما زالت إلى اليوم تلتقطُ دمَ الحسين وأهل بيتِهِ وأصحابه.
⚫️ لم يُذبَحَ الإمام الحسين في العاشر من المحرّم سنة 61 للهجرة، بل في "السَّقيفة"، يَوم اتَّخذَ القوم قراراً بالإنقلاب على "اللهِ ونَبِيّهِ" بأهلِ بيته. لذا نحُّوا عَلِيَّاً بالسَّيف، واتَّفقوا على "تقاسُم السُّلطة" بعقليَّة عشائر كانت تصنعُ صَنَمَهَا مِن "تَمر"، فإذا جَاعَت أكلته.!!
⚫️ إنَّما قُتِل الإمام الحُسين مِن أجل الله، فمَن خَالَفَ الله أو أصرَّ على معاصيه، فهو شريكُ تلك الأُمَّة التي قَتَلَت الحسينَ وسبَت زَينَب(ع).
⚫️ في العَاشِر مِن المحرَّم تحوَّلَ "عزاءُ الحُسَيْن" إلى "طُوْفَان بَشَرِي" أعادَ تمجيدَ "الدَّمِ الأقدس" الذي استحالَ منذ "يَومِ الطُّفُوف" صوتاً أزليَّاً لله.
⚫️ مع الليل لم يبقَ للحُسَيْنِ "خيمة" إلاَّ حُرِّقَت.. ومنذ تلك اللحظة أضحَت رزيَّةُ الطُّفوف "مَأتَمَاً لله". ومعها تحوَّلَتْ قُبَّةُ الحُسِيْن عرشَ اللهِ الأزلي، ومآلَ الحياةِ الخَالِدَة، وعِمَادَ الأروَاح التي تَتَوَلَّهُ "لقاءَ الرَّبّ"، فتَأنَس بـ"مُطْلَقَات الطُّفوفِ" التي تَفَرَّدَ بها الله.
⚫️ في الحَادِي عَشَر مِنِ المحرَّم بَدَا الكونُ "كئيباً"، وتحوَّلَت "دموعُ الأزل" شاهداً على خطورة المصاب الأكبر والرزيَّة التي تمخَّضها الملأ الأعلَى وما زَال.. لأنَّ القتيل أكبر مِن السَّمَوات.. ولأنَّ السَّبيَ أكبر مِن الأرجاء التي تُمسِكُ زمام هذا الكون المُضطَّرب.
⚫️ في التَّعريف الإلهي، الحسين "شهيد الحقّ الأكبر"، وزينب أيقونة الصَّوت الذي هزَّ ممالك الجبابرة.
⚫️ أن تتحوَّل زينب بنتُ الزَّهراء بنت النَّبيّ سبيّةً في "عقال أُمَيَّة"، هذا يعني أنّ كلَّ تلك الأُمَّة تحوَّلت عدوَّاً للهِ ورسوله..!
⚫️ كانت "أُمَيَّة" تَعتَقِد أنَّ العقيلة زينب(ع) سَتَتَوسَّلُهُم الرَّأفةَ بها وبأهل بَيْتِهَا.! وإذا بِهَا تتحوَّلُ "لَبْوَةًُ عَلَوِيَّةً" تنتَفِضُ فوقَ الجِرَاح، وصوتاً يُعَانِقُ الأزَل، ومنطِقَاً أقوى مِِن السَّيف، وأزيزاً أكبر مِن الصَّاعِقَةِ التي رمَى اللهُ بها قومَ عَاد وثمود.
⚫️ في مثلِ هذه الأيَّام تحوَّلَ رأسُ الإمام الحُسَيْن عَلَمَاً للوُجُود، وصوتاً للسَّمَاء، ومشروعاً لقَتِيلٍ سيهزمُ قلاعَ الجبابرة، وسيتحوَّل "دَمُهُ الأقدس" "مشروع حياة" لكلِّ الأحرار في العالَم.
⚫️ مع شهادة الإمام الحُسين(ع) أدرَكَ العَالَم معنى قَوْلهِ تعالى: ((فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا)). ولأنَّها حياة أكبر مِن مَادِّيَّة، وأيقونة أكبر مِن جسد فقد أتبعَهَا اللهُ بقوله: ((إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ)).
⚫️ التَّعريف الأكبر في السَّماء للإمام الحسين(ع)، أنَّهُ إمامُ التَّكاليف الإلهيَّة التي سَقَاهَا "حَرَّ وريدِهِ الأقدس" حَتَّى لا يَبْقَى لأحد حُجَّة في الخروجِ على الله وارتكاب معاصيه.
⚫️ لولا الحُسَيْن لم تترشَّح كربلاء لتكون عرشَ الأزليَّة وقلب محجَّة الله.
⚫️ في الثَّالث عشر مِن المُحرَّم لم يُدفَن الحُسَيْن، لأنَّهُ أكبر مِن أن يموت. لذا دُفِنَت أميَّة، وبقي الحُسَيْن رمزاً لفقَاهَة الوجود ومنطق كسر العتاة والجبابرة.
⚫️ عظمةُ الحُسَيْن أنَّ قُلُوبَ الخلائق تحوَّلت قبراً له، لذا هي تعيشُ به وتَأوي إليه.
⚫️ كان الحُسَيْن حيثُ الله، لذا تحوَّلت كربلاء وطناً للسَّموات.
⚫️ أن تكون حسينيَّاً هذا يعني أنَّكَ تتَّخِذُ التَّقوى محراباً ما بينكَ وبين الله.. وإلاَّ فإنَّ أهل المعاصي والآثام أبعد النَّاس عن معسكر الحُسَيْن عليه السَّلام.
⚫️ أن تكون حُسَيْنِيَّاً، يعني أنَّك "نصيرٌ للحقّ"، الحقّ بكلّ معانيهِ الفرديَّة والعامَّة، أنْ تكون جُزءَاً مِن "هموم النَّاس" وقضايا المظلومين، حتَّى لو كانوا مَلاحِدَة. لأنَّ فلسفة الإمام الحُسين تبدأ مِن حيث يتحوَّل الإنسان جزءاً مِن "توازنات حضارة الوجود"، وثقلاً من معاني استخلاف الله للبشر.
⚫️ لا شَكّ أنَّ ركيزة الثَّورة الحسنيَّة كانت "الكلمة"، الكلمة بالمعنى الذي يُعيد ربط الأرض بالسَّمَاء، وهذا يفتَرض أنَّ الإنتساب للحُسَيْن يعني تأكيد إرادة الله التشريعيَّة فِيْه، بما في ذلك شكل فعلِه، وطموحِه، وحركة مواقفِه، وطبيعة علاقتِهِ بأسرتِهِ ومالِهِ والبيئة الإجتماعيَّة التي يتفاعل فيها.