صفحة الكاتب : احمد علي الشمر

مفاجأة صادمة بحجم الموت مرتين..!!
احمد علي الشمر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  لقد كانت كول المراثي التى تناولتها سابقا، عن أصدقاء ومعارف أو زملاء أو مفكرين رحلوا عن دنيانا الفانية، كنت قد عرفتهم وجالستهم ولامست مشاعرهم وتوجهاتهم عن قرب وخبرة ومحاكاة، أنضجت جل تجربتي الأليمة نحوهم، عبرتلك اللمسات الإنسانية التى إستقيتها وكتبتها من واقع مخالطتهم وتلمس بصمات شخصياتهم  ومشاعرهم وأحاسيسهم الفياضة، التى إستقيتها من خلال علاقتي بهم، ومادونته خواطري عنهم خصوصا، بعد مغادرتهم للحياة بتلك الطريقة الظرفية التسلسلية الدرامية الدراماتيكية المأساوية المفاجأة، مما جبل عليه الإنسان فى هذه الحياة، وبالتالي ماتركته آثارهم فى وجداني من أحاسيس الحسرة وألم الفراق، لتلكم الثلة الخيرة من هؤلاء الرفاق وهي تغادر دنيانا الفانية،  فكنت ومازلت رغم الفراق أكن لهم كل الحب والإخلاص والوفاء، فكان رثائي لهم فى تقديري صادقا ومعبرا.
 وأما فقيدتنا الغالية جود وإسمها من الكرم والجود والسخاء والعطاء والإيثار، وغيره، مما أشبعه وأوغل فى تعريف معانيه الفلاسفة والشعراء، إلى حد إقترنت فيه أكثرتلك المعاني دون مبالغة  بالفلسفة منها إلى القداسة.
  فالله سبحانه وتعالى هو الجواد، ولاشك أن جوده قد عم الوجود بفضله وخيره وإحسانه، فهو الجواد الذى لا ينسى من ذكره ولا يخيب من رجاه ولا يرد من سأله، فمن هذه المعاني الملائكية الفلسفية يتفرع اسم جود.
 وأما جود الطفلة الغضة البريئة  الفقيدة ذاتها، التى عرفتها أخيرا وبعد فوات الأوان، وهي تغادرنا فى غيابها الأبدي، فقد كانت نموذجا مختلفا فى تداعي وضع الحدث الكارثي المأساوي، المؤثربمدى هول فاجعتة، وما أصاب الجميع من ذهول وعمق فى جرح هذا الرحيل المفاجئ والسريع، ومدى تأثيره النفسي البالغ الذى أذهل وخيم بفاجعته، ليس فقط على والدها ووالدتها المكلومين فحسب، ولكن كذلك على جميع أفراد أسرتها الكبيرة ، وبما فى ذلك من بعد عميق للأثر الشخصي الذى إنتابني وإنعكس بداخلي أنا البعيد رغم قرابتي منها.
  ومسوغه هنا ليس لأنها إبنت بنت أخي، ولا لأنها إبنت بنت عمتي، ولا لأني عاطفي بطبعي فى تأثري بمثل هذه المواقف، ولكن ويا لسوء الأقدار لأني لم التقها ولم أرها يوما، إلا فى ذلك اليوم المشهود، يوم الرحيل وجسدها الطاهر وهو مسجى على نعش الموت، وتلك من سخط الأقدارلذروة فاجعتي الصادمة، التى هزت كياني واصابتني كمدية حادة إخترقت جوفي وفتت ضلوعي وطعنت خاصرتي وشلت تفكيري وقدرتي على الكلام والحراك، مما أصابني من ذهول صادم سيطرعلى كياني وكل جوارحي بشعوراللا وعي وبحجم رعب من تلمس الموت لمرتين.
  مرة تجسد فى كينونة غياب جود ذاتها عني أو غيابي القهري عنها، وكانت حية نابضة بالحياة، بفعل عوامل وظروف العصر والحياة التى كانت سببا من أسباب تمزق نسيجنا الإجتماعي، الذى ذهبنا لأجله نسوغ له التبريرات فى تباعدنا وتفكك أسرنا، تحت دواعي زائفة مبررها الإنشغال والحجج الواهية، فلم يعد أحد منا يعرف بعضنا بعضا، حتى تقطعت سبلنا وأوصالنا..!!
  تلك حقيقة مرة للأسف تلف وتمزق واقعنا الإجتماعي، بهذه الصورالمقيتة المنكرة، والبعيدة كل البعد عن تقاليدنا وأطرقيمنا الدينية والإجتماعية..!!
 وأما المرة الثانية لهذه المفاجأة الفاجعة لصدمتي فى جود، فهي حين رأيتها لأول وآخر مرة فى ذلك المشهد المهول المريع، الذى قطع نياط قلبي وجسد كل صور برائتها الطفولية، واختصركل مسافات ذكرى حياتها وكل مشاعري نحوها، وأنا أنظر إليها وهي ملفوفة بكفنها ممدة بجسدها الطاهر على نعش الموت وأنا أتمزق وقلبي يعتصرألما، لا اكاد أصدق وأستوعب ما أرى لحقيقة مشهد موتها المروع، فحين هويت لتقبيلها قبلة الوداع الأخيرة، كان جسدها غضا طريا لمست حرارته وكأنها نائمة، فكم كنت لو اني فى حلم مرعب استيقظت بعده على مشهد مبهج، يبعد عني شبح هذا الكابوس اللعين من تلك الخيالات المزعجة.!!
  ولكن ما لقضاء الله بد وراد، فهو الموت الذى لابد منه، فقد قال إمامنا وسيدنا ومولانا الحسين الشهيد سلام الله عليه من قبل (خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة وما أولهني إلى أسلافي، اشتياق يعقوب إلى يوسف)
    رحم الله فقيدتنا الغالية جود برحمته الواسعة وأسكنها فسيح جنانه..
  متضرعا لله سبحانه بأن يلهم أهلها وجميع اسرتها جميل الصبروالسلوان، وأن يعوضهم بفقدها خيرا ويجزيهم خير الجزاء..
                        بسم الله الرحمن الرحيم
   قال تعالى:
وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة، قالوا ان لله وانا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون.
 صدق الله العلي العظيم.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


احمد علي الشمر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/12/03



كتابة تعليق لموضوع : مفاجأة صادمة بحجم الموت مرتين..!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net