النص: آمنة البهبهانيّة ..درة العلماء ومفخرة نساء كربلاء
الشيخ عقيل الحمداني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الاسلام هو صاحب الشعار الجميل الذي طبقه بشكل واضح المعالم ( المراة ريحانة )
فهي ريحانة عطر جو اسرتها بعطر جمال اخلاقها وحسن ادارتها لشؤون الاسرة التي تختص بها كزوجة وام واخت والامام علي × بكلامه هذا فقد وصف المرأة بأجمل وأرق الأوصاف حين مثلها بالريحانة والتي تعني الرحمة بكل ما تشتمل عليه هذه اللفظة من معان براقة ولطيفة وجميلة، بخلاف القهرمانة التي تختص بأمور الخدمة والعمل فحسب.
فالإسلام العظيم في مناهجه القويمة واطره الفكرية, قد أعزّ المرأة بقوانينه المميزة وتطبيقاتها على واقع الحياة وانتشلها من حضيض الذل الذي لحق بها جراء سياسات الجاهلية الجهلاء وخلصها مرارة الحرمان الانساني والاجتماعي والسلوكي ، وجعل لها وفق معادلات قيمية اخلاقية المكانة العليا في المجتمع ، واعطى امثولة المساواة بينها وبين الرجل في عدد كبير من المواضع .
وبإمكاننا القول وبكل صراحة انه لا يوجد دين ولا قانون وضعي اعطى صورة جميلة عن المراة بل وخصها بجملة مميزة من قوانين تضمن لها كرامتها وتجعلها في هالة تقديس واحترام لها ولكل ما يرتبط بها مثل الدين الاسلامي قال العلاّمة الطباطبائي في تفسير الميزان الجزء الثاني: وأمّا الإسلام فقد أبدع في حقّها أمراً ما كانت تعرفه الدنيا منذ قطن بها قاطنوها ، وخالفهم جميعاً في بناء بنية فطرية عليها كانت الدنيا هدمتها من أوّل يوم وأعفت آثارها ، وألغى ما كانت تعتقده الدنيا في هويّتها إعتقاداً ، وما كانت تسير فيها سيرتها عملاً . فإنّه بيّن أنّ المرأة كالرجل إنسان ، وأنّ كلّ إنسان ذكراً أو اُنثى فإنّه إنسان يشترك في مادتّه وعنصره إنسانان ذكر واُنثى ، ولا فضل لأحد على أحد إلاّ بالتقوى ، قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) الحجرات : 13 .فجعل تعالى كلّ إنسان مأخوذاً مؤلفاً من إنسانين ذكر واُنثى ، هما معاً وبنسبة واحدة مادة كونه ووجوده ، وهو سواء كان ذكراً أو اُنثى مجموع المادة المأخوذ منهما ، ولم يقل تعالى مثل ما قاله القائل : وإنّما اُمهات الناس أوعية ( ).
ولا قال مثل ما قاله الآخر :
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا * بنوهن أبناء الرجال الأباعد( )
بل جعل تعالى كلاً مخلوقاً مؤلّفاً من كلّ ، فعاد الكلّ أمثالاً ، ولا بيان أتم ولا أبلغ من هذا البيان ، ثم جعل الفضل في التقوى . وقال تعالى : (أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ) . آل عمران : 195
فصرّح أن السعي غير خائب والعمل غير مضيع عند الله ، وعلل ذلك بقوله : ( بعضكم من بعض ) فعبرّ صريحاً بما هو نتيجة قوله في الآية السابقة : ( إنّا خلقناكم من ذكر واُنثى ) .
وامام هذه المعطيات من معادلات الاكرام والتبجيل التي احاط الاسلام بها المرأة نجد ان كثيرا من النساء عبر التاريخ استطعن ان يتركن بصمات واضحة المعالم على مسيرة نساء عصرهن وبل كانت بصماتهن واضحة في العلم والتقوى وبناء الجيل بناءا علميا ومعرفيا ,ومن تلك النساء التي يفتخر بهن التاريخ , ويحق لأي امرأة كربلائية وعراقية ان ترفع راسها عندما تذكر عطاءاتها العلمية واياديها البيضاء المعرفية هي السيدة امنة بيكم الكربلائية .فمن هي هذه المراة وماذا قدمت لدينها ولمدينتها المقدسة ؟
نقرا في بطاقتها الشخصية :
آمنة بيگم بنت المولى محمّد باقر بن محمّد أكمل البهبهاني الحائري .
ولادتها : نقل في التاريخ ان السيدة امنة الحائرية ولدت في كربلاء حدود سنة 1160هـ ، وتوفيّت فيها حدود سنة 1243هـ ، ودفنت عند نجلها السيد محمّد المجاهد المتوفى سنة 1242هـ في المقبرة الخاصّة المجاورة لمدرسة البقعة في سوق التجّار فيما بين الحرمين الشريفين .
جاء في كتاب اعلام النساء المؤمنات( ) ان السيدة امنة بنت محمد باقر كانت عالمة ، فاضلة ، مجتهدة ، من أفقه نساء عصرها ، متكلّمة ، واعظة ، اُصوليّة ، محقّقة ، مُحدّثة جليلة ، ذات سند قويم ، مؤلّفة ، كثيرة الزهد ، عظيمة الورع .
نشأتها : ولدت ونشأت في كربلاء ، وأخذت المقدّمات وفنون الأدب وعلوم العربية على أعلام اسرتها ، وتخرّجت في الفقه والاُصول والحديث على والدها المؤسس المجدد الوحيد البهبهاني الحائري المتوفى سنة 1205هـ .
ويكفيها علما وفخرا انها من اسرة ذلك المجدد العظيم البهبهاني الذي كان اعجوبة عصره في العلم والورع والتقوى فأثرت عليها معادلات الوراثة فنشات عالمة فقيهة ورعة ومثال للتقوى مزدانة بالمعارف والوعي المعرفي عالي المستوى حتى وصلت الى درجة ان تكون عالمة في الفقه والاصول ويا لها من درجة سامية عظيمة مميزة وصلت اليها هذه المرأة الجليلة .
زواجها : ينقل في تاريخها انها لما بلغت خطبها الافاضل من الرجال واقترنت بابن عمّتها السيّد علي الطباطبائي الحائري المتوفّى سنة1231هـ صاحب كتاب الرياض .
وهو السيّد علي ابن السيّد محمّد علي بن أبي المعالي الصغير بن أبي المعالي الكبير الطباطبائي. ولد في الثاني عشر من ربيع الأوّل 1161ه بمدينة الكاظمية المقدّسة في العراق. كان من اكبر علماء عصره ومن اساتذته الشيخ محمّد باقر الإصفهاني المعروف بالوحيد البهبهاني، الشيخ يوسف البحراني وكان من جهابذة العلماء والفقهاء وتخرج على يديه العشرات من العلماء ومنهم الشيخ محمّد المازندراني المعروف بأبي علي الحائري، السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي، نجلاه السيّد مهدي والسيّد محمّد، الشيخ محمّد إبراهيم الكلباسي، السيّد أبو القاسم الخونساري، الشيخ جعفر الأسترآبادي، السيّد محمّد باقر الشفتي، الشيخ أسد الله التستري، الشيخ أحمد النراقي.و قال الشيخ الوحيد البهبهاني+ عندما أجازه بالرواية عنه: «استجازني السيّد السند، الماجد الأمجد، الموفّق المسدّد، الرشيد الأرشد، المحقّق المدقّق، العالم الكامل، الفاضل الباذل، صاحب الذهن الدقيق والفهم الملي، الطاهر المطهّر، النابغة النورانية، صاحب النسب الجليل الرفيع والحسب الجميل، والطبع الوقّاد والذهن النقّاد، ولدي الروحي». قال الشيخ أبو علي الحائري(قدس سره) في منتهى المقالوهو يتكلم عن صاحب الرياض : «ثقة عالم عريف، وفقيه فاضل غطريف، جليل القدر، وحيد العصر، حسن الخُلق، عظيم الحلم».
ومن مؤلفات السيد علي الطباطبائي + رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدلائل، رسالة في تثليث التسبيحات الأربع في الأخيرتين، رسالة في حجّية الشهرة وفاقاً للشهيد، رسالة في تحقيق حجّية مفهوم الموافقة، حواشي متفرّقة على الحدائق الناضرة، رسالة في الإجماع والاستصحاب، حاشية على كتاب معالم الأُصول، رسالة في الأُصول الخمس، شرح المفاتيح.
تُوفّي(قدس سره) عام 1231ه، ودُفن بجوار مرقد الإمام الحسين× بمدينة كربلاء المقدّسة.
الذرية الطيبة : وتذكر المصادر التاريخية انها من اقترانها بابن عمتها صاحب الرياض رزقهما الله تعالى ذرية طيبة كان منها العلماء الذين تركوا بصمات معرفية واضحة على مسيرة الاسلام وفكر اهل البيت ^ .ففي اعيان الشيعة : ورُزقت منه- أي السيدة امنة - ولدان : السيّد محمّد المجاهد المتوفى سنة1242هـ والسّيد مهدي الطباطبائي الحائري المتوفى سنة 1250هـ
وقال السيّد محسن الأمين في كتابه أعيان الشيعة في ذيل ترجمة ولدها السيّد محمّد المجاهد قائلاً : لصاحب الترجمة أخ اسمه السيّد محمّد مهدي أصغر منه كان أيضاً عالماً جليلاً ، اُمهما بنت الآغا البهبهاني وكانت عالمة فقيهة
من عطاءاتها المعرفية : وكانت السيدة امنة البهبهانية من النساء الفاضلات والتي تؤمن بأهمية التأليف والتدوين في حياة المجتمع المسلم فلولا وجود المؤلفات لما وصل الينا ارث الاسلام ولا افكار قياداته الربانية وسلوكياتهم القويمية ومناهجهم في الدين والعقيدة والفقه وباقي فروع المعرفة الانسانية ونقل السيّد حسن الأمين ـ فيما استدركه على أعيان والده ـ عن الاستاذ عبدالحسين الصالحي في كتابه المخطوط رياحين الشيعة عدداً من مؤلّفاتها قائلاً : ولها مؤلّفات في الفقه والاُصول منها : مبحث الحيض من كتاب الرياض لزوجها السيّد علي الطباطبائي الحائري ، ورسالة في النفاس ، وكتاب الطهارة وغيرها . وكلّها موجودة في مكتبة آل صاحب الرياض في كربلاء
فطيب الله ثرى هذه المرأة الجليلة العالمة وكثر الله من امثالها في بلاد العلم والعلماء عراقنا الحبيب .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
الشيخ عقيل الحمداني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat