كتاب ( على نهج محمد )للكاتب الامريكي كارل إيرنست مؤاخذات و تعليقات الحلقة الثالثة
امجد المعمار
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
3ـ يقول المؤلف بأن من أهدافه ( الكشف عن الوجه الإنساني للإسلام ) , و لا أدري هل قصر الدين أم عز الناصر و المعين ليأتي شخص بعيد عن الإسلام ـ إذا لم يكن عدواً له ـ ليبين إنسانية الإسلام . أليس الإسلام هو دين الله تعالى , أوليس الله تعالى هو خالق البشرية و رازقها و المعتني بها , ألم يؤكد في جميع الأديان على أهمية الإنسان و إنه خليفة الله في الأرض و أن جميع المخلوقات خلقت له و من أجله و لخدمته .
لنذهب للقرآن الكريم , كتاب الله العزيز , و المصدر التشريعي الرئيسي للإسلام , لنستعرض آياته بحق الإنسان و كرامته و عزته , أليس في القرآن سورة كاملة بأسم ( سورة الإنسان ) . ألم يؤكد القرآن الكريم على عزة و كرامة الإنسان , ألم يشر القرآن إلى أهمية حقوق الإنسان , ألم يذكر القرآن الكريم أن قتل نفسٍ ما فضلاً عن كونها بشرية هو قتل للبشرية جمعاء . كما و إن المستعرض لآيات القرآن الكريم يجد أن لفظ ( الإنسان ) قد ورد ( 59 ) مرة في ( 57 ) آية من آيات القرآن الكريم .
لكن التكبر و الاستعلاء الغربي يأبى التنازل و التفكير بعقلانية و إنسانية تجاه الإسلام , فيبقى متكبراً في كل شيء حتى في أفكاره , فضلاً عن تاريخه المرير المليء بالصراعات و حروب القتل و سفك الدماء . يقول المستشرق الإنكليزي ( هاملتون جب ) : ( ... نحن اليوم أمام جو مثقل بالدعاية , فمن واجب كل باحث إذن أن يحدد بدقة لسامعيه و لنفسه المبادئ التي يركز عليها وجهة نظره ... ) .
فلا يعطي الباحث للجماهير من السامعين و المتلقين أفكاراً مؤدلجةً هدفها واضح و غاياتها معروفة , و لا يحاول الباحث أن يبث الدعايات المغرضة التي لا واقع لها وسط جمهور المتلقين خدمةً لأهداف السياسة و الدوائر الحاكمة , و لا يكتب الباحث أفكاره و أحكامه المسبقة و التي تعكس عقليته و دينه و أيدلوجيته و عرقه و ما يؤمن به من أفكار و معتقدات هدفه في ذلك إثبات صحتها بفكر دوغمائي إقصائي بحت .
بل على الباحث الحقيقي أن يبحث عن الحقيقة و يفتش عنها و يصرح بها رغم كل شيء , و ضد كل معارض . فالحقيقة أمانة علمية على الباحث أن يؤديها بالشكل المطلوب , و أن يعطيها ما تستحقه في ميزان البحث العلمي من احترام و تقدير , و إعلانٍ و إظهارٍ لها ليعرفها الجميع و يستفيد منها طلاب العلم و الباحثين عن الحقيقة .
لكن و على العكس نجد أن مقولة ( أن التاريخ يكتبه المنتصر ) و ( الإعلام بيد الأقوى ) هو السائد , و هو المسيطر , و بالتالي تكونت و تشكلت أفكار حتى صارت حقائق و تاريخ يُرجع إليه عن قضايا بنتها الدعاية , و شكلها المنتصر , و ألفها المتغطرس , كان على الكل القبول بها على مضض , و هذا ما نعاني منه في تراثنا العربي الإسلامي , و كذلك المعاناة متبادلة بالنسبة للشعوب الغربية بما فرض عليهم من أفكار شكلت فيما بعد العقلية الغربية بإتجاهاتها و ميولها و خزينها الفكري عن الشعوب الأخرى .
يقول الدكتور عبد الجبار ناجي : ( إن ما ورد من تفسيرات حاقدة في مؤلفات كتاب العصور الوسطى قد أثرت في الفرد الأوربي كثيراً , ثم أتسع الاعتماد عليها في تشويه صورة الإسلام ... و تجاوز تأثير هذه الأساطير و الأباطيل حتى أمتد إلى كتابات القرن السابع عشر للميلاد ... ) .
أما فيما يخص طبيعة و حقيقة الفكر الأمريكي لأننا هنا بصدد الكلام عن كاتب أمريكي و عن كتابه الذي ألفه عن النبي محمد ( ص ) و عن الإسلام , و وضع فيه عصارة الفكر الأمريكي الغربي , المبني على تراث فاقد للقيمة التاريخية بسبب انعدام التاريخ و فقدان البعد التاريخي في الكتابات الأمريكية حول أمريكا و فيما يخص الكتابات الأمريكية عن العالم , و ذلك لكون أمريكا بلد جديد لا جذور تاريخية لها . لذا فلقد بنيت الأفكار الأمريكية من خليط غير متجانس من الأطروحات الاستعمارية و الليبرالية و العنصرية و الاستبدادية , و من التطور المفاجئ و السريع و الحرية الزائدة و ضرب القيم و الثوابت مقابل التحرر و التطور و الفائدة . فكان عدم التجانس هذا ليس على مستوى الأفكار الداخلية و بنية التاريخ الأمريكي فقط , بل كان على مستوى التعامل مع الآخرين . و سوف نشير لأمور مهمة حول هذا الفكر الخليط و غير المتجانس في الفقرات القادمة بما يتلاءم و سير البحث .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
امجد المعمار
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat