الأزمة العراقية وخارطة ما بعد داعش
سعود الساعدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لجوء تنظيم داعش الاجرامي الى استراتيجية الغزوات عبر الاستهداف المباشر للمدن وهجمات فرق الانغماسيين والهجمات الانتحارية في الفترة القريبة الماضية يعد تحولا نوعيا بعد التراجع الكبير والمتواصل للتنظيم الاجرامي في الجبهات غرضه الاساسي الحاجة الماسة لتشتيت الجهد العسكري العراقي ورفع معنويات افراده عبر نقل المعركة الى داخل المدن يسعى من خلاله الى احداث ارباك كبير وخلط للأوراق وامساك لزمام المبادرة.
مدينة الفلوجة هي رأس الافعى ومنطلق العمليات لتنظيم داعش بما تشكله من عقدة استراتيجية هامة في قلب العراق ولا تمثل عمقه الفكري فقط بل والتخطيطي والعملياتي واللوجستي أيضا ومركز القيادة والسيطرة ومصدر التهديد الدائم لبغداد وتشكل ورقة الضغط الأميركية على الحكومة وعنصر اشغال واستنزاف لقوات الحشد الشعبي لذلك لا ترغب الإدارة الأميركية التي تقود غرفة العمليات العسكرية العراقية وترسم خططها اقتحام الفلوجة وحسم امرها وايقاف تهديدها وهي التي عملت طويلا على ذلك لحسابات اعمق واكبر من الساحة العراقية ولا تقتصر عليها فقط وادعاء رئيس الوزراء قرب تطهير الفلوجة بعد ضغوط الرأي العام التي ولدتها مواقف وتحذيرات قيادات الحشد الشعبي رد عليها المتحدث باسم التحالف الأميركي بتأكيده ان الأولوية في عمليات التطهير هي لمدينة الموصل قبل مدينة الفلوجة لحسابات خاصة وغايات انتخابية أميركية تريد وضع حصاد زرع بذور تنظيم داعش في سلتها ولمصالحها لا في السلة العراقية او لحساباتها الوطنية.
ما يجري في العراق هي “حرب تمويهية” تعقدت مساراتها وتشابكت خطوطها للتغطية على ميدان الصراع الحقيقي تديرها واشنطن بدهاء وحرفية عالية وهي التي تمتلك تاريخا طويلا وحافلا في صناعة فرق الموت في السلفادور وفيتنام وهندوراس وغيرها مرورا بفرق التكفير القاعدية في افغانستان وليس انتهاء بالعراق وسوريا صحيح انها خسرت بعض ميادينها ومعاركها لكن تمتلك اصرارا كبيرا على بلوغ اهدافها أو تقليل خسائرها الى الحد الادنى ما يعني ان الصراع طويل!!.
تنظيم داعش نجح في جر قوى التحالف الوطني للدخول في سجالات سياسية ومناكفات حادة بهدف تعميق الازمة السياسية المزمنة والمتجددة باسم حركة الاصلاحات المزعومة التي عمقت أزمات الواقع السياسي ونجح التنظيم في احداث شرخ شيعي – شيعي بمعية حلفائه ومحركيه لفرض خيارات سياسية معينة في وقت ينزف فيه الأبرياء الدماء.
اميركا من جانبها ما تزال تتحرك بنشاط كبير خلف المسرح وبعيدا عن الأضواء للتهيئة لخارطة عراق ما بعد داعش وتعمل على إدارة الازمات العراقية بأبعادها السياسية والأمنية والاقتصادية الأساسية بما يمهد للانتقال من مرحلة العراق الفيدرالي لتكريس صيغة العراق الكونفدرالي بثلاث دويلات شيعية وسنية وكردية تمارس فيها محافظة بغداد المرتبطة بالأمن الأميركي الاستراتيجي بصورة مباشرة دور توزيع الثروات بحسب وثائق أميركية ومؤتمر باريس لما يسمى بـ “المعارضة السنية” الذي تم تأجيل انعقد نهاية الشهر الماضي يأتي في هذا السياق.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
سعود الساعدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat