كان هناك في احد القرى رجل ضرير لا يمتلك من الدنيا الا بقرة - تقول الحكايا - و في ذات يوم ذهب رجل ليراها فلم يجدها و في تلك اللحظات سمع صوت اذان الفجر فهرول مسرعا الى المسجد و عندما اراد الوقوف في الصف الامامي لم يجد مكانا له فبحث عن مكان في الصف الثاني فلم يجد فسحة له و هكذا اضطر ان يقف خلف الجميع لانه لم يجد مكانا يقف فيه .. فصاح : - ايها المؤمنون .... من سرق بقرتي ....؟! هذه حكاية قديمة و لكنها ذكرتني و انا استمع الى مئات الفضائيات على امتداد الوطن العربي الكبير شرقا و غربا ، شمالا و جنوبا ، بل و في مناطق بعيدة ايضا و اشاهد فيها ما لا يحصى من المتحدثين .. و المتكلمين .. و الساسة .. و الوعاظ .. و الاساتذة .. و القادة .. و الخطباء .. و جلهم يتحدث عن : - الامانة .. - الايمان .. -مخافة الله .. - المشاركة في المصير .. - الصدق و الاحسان .. - نبذ العنف و كراهية العدوان .. - و الدعوة الى رص الصفوف .. و تجنب الخلافات .. و التشهير .. و حب العدل .. و الاستقامة .. و الوقوف بحزم ضد الارهاب .... الخ . دعوات تأتي عبر الفضائيات .. و شبكات الاتصال .. بمختلف انواعها : المرئية .. و المسموعة .. و المطبوعة .. و عبر النقل المباشر و المتلفز ... الخ . و هي لا تهمل ما ستؤول له مصائر البشر ، لانها وجيزة و وجيزة جدا ، و ان الموت لن يترك قويا .. او غنيا .. او دكتاتورا .. او بطلا .. او فقيرا ، يفلت منه ! فالحياة لا تعدو اكثر من ومضة من التراب و الى التراب ...! و لكن عندما نشاهد - و في هذه القنوات ذاتها - انباعا : الاقتتال .. و المذابح .. و الهدم .. و الدخان .. و تشريد الابرياء .. و موت الاطفال بردا .. و مرضا .. و جوعا .. و سبي النساء .. و تدمير الممتلكات .. و اضاعة الثروات ... الخ . نتساءل : من يهدم .. و من يخرب .. و من يسفك دماء الاطفال و النساء و الشيوخ .. و من يسرق اموال الشعب .. و من ينشر الفوضى و يروج الخرافات .. و يسهم بحرب الكل ضد الكل ... الخ . فأذا كان ( الجميع ) لا يدعون الا الى الوحدة و الاصلاح و الايمان و مخافة الله ، و يحذرون من ايذاء الابرياء و سرقة اموالهم ... فمن سرق بقرة الفلاح المسكين ، و من سرق احلام الملايين و سلبهم حقوقهم عبر عصرنا الحديث ... ؟!
العراق - بغداد
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat