طَرِيقُ الْتَّغْييرِ آلْمَرْجُو! [٩]
نزار حيدر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ثانياً؛ النّاخب من جانبهِ سيساعدهُ القانون الجديد على تحسين خياراتهِ، من جهةٍ، وعلى تحديد النّتائج النهائيّة للانتخابات من جهةٍ أُخرى!.
فهناك فرقٌ كبيرٌ جداً بكلّ تأكيد بين الجهد الذي يبذلهُ النّاخب لاختيارِ مرشّحٍ واحدٍ فقط من بين (١٠٠) مرشح مثلاً في دائرة انتخابيّة صغيرة محدّدة الأبعاد، وبين ان يختار واحِدٌ من بين (٦) آلاف مرشّح! في دائرة انتخابيّة هُلاميّة.
كما انّ هناك فارقٌ جوهريٌّ بين أَن يختار النّاخب واحِدٌ فقط لا غير ليفوز بمقعدِ دائرتهِ الانتخابيّة، وبين ان يختارَ واحِدٌ فقط ليفوز مع (٧٠) مرشّحٍ آخر في الدائرة الانتخابيّة لا دَخَلَ لهُ بهم! لانّ قانون الانتخابات الحالي لا يسمح للنّاخب بالتّصويت على اكثر من مرشّح واخد فقط حتى اذا كان عدد المقاعد في الدائرة الانتخابيّة (٧٢) مقعداً كما هو الحال بالنّسبة الى العاصمة بغداد!.
في الحالة الجديدة سيكون لصوتِ النّاخب دويٌّ في فوز او خسارة كلّ مرشّح على حِدَة، اي انّ للصّوت الواحد القول الفصل في تحديد النائب الفائز بشكلٍ مباشرٍ، امّا في الحالة الآن فانّ لصوتِ النّاخب دورٌ تافهٌ ربما في تحديد الفائز والخاسر، لانّ القانون يُجيز نقل وانتقال الأصوات بين القوائم والمرشّحين، وبالتالي يحصرها بيد زعيم القائمة الذي سيتفضّل على مرشحي قائمتهِ بالأصوات الإضافيّة حسب الولاء عادةً!.
وعندما يكون النّاخب معني بدائرتهِ الصّغيرة فقط، فسيبذل المزيد من الجهد للتعرّف على المرشّحين وعلى برامجهِم الانتخابيّة، بكلِّ هدوءٍ بعيداً عن الضّوضاء والدّعاية الانتخابيّة الصّاخبة والمال السَّائِب، التي تُرافق عادةً الحملات الانتخابيّة كلّما كانت الدوائر أَكبر!.
ثالثاً؛ امّا المرشّح فسيتمتّع بمصداقيّة أَكبر وأَوسع، يحسب لكلّ خطابٍ او حديثٍ يُدلي به خلال حملاتهِ الانتخابيّة الف حسابٍ وحسابٍ قبل ان يرسلهُ على عواهنهِ، وكذلك سيدقّق في وعودهِ التي سترِدُ في برامجهِ الانتخابيّة! لانّهُ سيكونُ وجهاً لوجهٍ مع النّاخب في دائرةٍ صغيرةٍ يعرف عَنْهُ النّاخب كلّ شَيْءٍ، اسمهُ، عائلتهُ، خلفيّتهُ العلميّة والتربويّة، سيرتهُ الذّاتيّة، سلوكهُ وعلاقاتهُ، لانّهُ ابْنُ الدّائرة الانتخابيّة الصّغيرة [المحلّة] لا يقدر ان يكذب على اَهلِها او يُزوِّر تاريخهُ او شهادتهُ الدراسيّة او يدّعي لنفسهِ من الإنجازات والنّجاحات ما لم يفعلهُ.
امّا في القانون الحالي فانّ جلّ المرشّحين لا يعرفهم النّاخب الا كونهُ مثلاً [زَوج بنت دولة رئيس الوزراء] لان الدائرة كبيرة والمرشّحين من مناطق مختلفة والمخصّص لها عشرات المقاعد فكيف يتمكّن النّاخب من المرور عليهم جميعاً ليكتشف الاصلح والأفضل من بين الكمّ الهائل من المرشّحين؟!.
وبذلك سنقلّل في قانون الانتخابات الجديد من الكذِب والدّجل والوعود المعسولة التي لا يتخيّلها عقلُ عاقلٍ، والتي تُصاحب الحملات الانتخابيّة عادةً!.
سنقلّل من فوز النّكِرات والامّعات التي تمتلئ فيها قوائم الزّعماء عادة من الذين معيارُهم الوحيد {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} امام الزّعيم وآراءه ومواقفهُ ومنهجيّتهُ! لانّهم لا يمتلِكونَ ايَّ رصيدٍ شخصيٍّ ليدلوا برأيهم في حضرةِ الزّعيم الذي هو بالنِّسبةِ لهم كراعٍ يَهُشُّ على غنمهِ في حضيرةِ الدّوابِّ او في المرعى!.
بالقانونِ الجديد سيحجز مقاعدهُم تحت قُبّة البرلمان الأقوياء بشخصيّتهم وهويّتهم وشهادتهِم العلميّة الحقيقيّة وليست المزوّرة وبخبرتهِم وتاريخهِم المرصّع بالنّجاحات الحقيقيّة وليست المسروقة من الآخرين التي يدّعيها المرشّح كَذِباً وزوراً! وبنزاهتهِم وباعتبارِهم عند النّاس.
وسيخسر مقعدَهُ [زوج البنت] ومَن لفَّ لفّهُ ممّن يفتخِرُ بغيرهِ! مِنَ الذين لا يعرِف عنهم النّاخب سوى انّهم زعماء في [موكب مُختار العصر] الذي ينصِب مأتمهُ في كربلاء في الاربعين فقط للتّجارة الرّخيصة!.
رابعاً؛ ومن الواضح جداً فانّ حجم الدّائرة الانتخابيّة يتناسب تناسباً عكسيّاً مع مصداقيّة التّمثيل النّيابي، فكلّما كانت الدائرة أَصغر حجماً كلّما كانت مصداقيّة هذا التّمثيل أَكبر وأوسع وأَشمل، والعكس هو الصّحيح، فعندما تكون الدائرة بحجم محافظة مثل العاصمة بغداد فان مصداقيّة التّمثيل ستكون قليلة جداً ان لم نقُل انّها معدومةٌ.
انّ النُّظُم الدّيمقراطيّة في العالم تحرص دائماً على زيادة التّمثيل النّيابي عاماً بعد عامٍ من خلال تطوير وتحسين القانون الانتخابي وتحديثهُ بشكلٍ مستمرٍّ، لانّ أحد أهم تجلّيات النّظام الدّيمقراطي هو مدى صدقيّة التّمثيل الانتخابي!.
*يتبع
١٨ آب ٢٠١٦
لِلتّواصُل؛
E-mail: nazarhaidar1@gmail. com
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
نزار حيدر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat