صفحة الكاتب : صالح الطائي

ليس دفاعا عن أحد ... ليس طعنا بأحد
صالح الطائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 ليس دفاعا عن حاكم أو نظام، ولا طعنا بحاكم أو بالنظام القائم، ولكن الخبرة مطلوبة، لابد وأن تميز صاحبها عن غيره ممن لا يملكون خبرة ومؤهلات، ولذا نجد الدول المتقدمة تبحث عن مدة الخبرة لدى من ترغب بتوظيفهم قبل أي شيء آخر، مهما كانت أهمية المنصب المراد شغله. أما على مستوى القيادات العليا فالدول تأخذ على عاتقها عادة تدريب موظفيها ومسؤوليها للحصول على خبرات مكتسبة جديدة تمهد لهم سبل النجاح في خدمة مؤسساتهم وبلدهم.
ولا يمكن لدولة تحترم نفسها أن تتقدم وتثبت أمام التحديات ما لم تكن قيادتها العليا من مستوى وزير فصاعدا على درجة عالية من التدريب والتعليم وتراكم الخبرات، وهو ما كان معمولا به عبر التاريخ حتى أن الخلفاء كانوا ينتقون علماء أجلاء لتربية وتأديب وتعليم أبناءهم لغرض تأهيلهم وإعدادهم لتولي المسؤولية، وتمثيل النظام، فمثلا نجد في تاريخنا القديم أن يحيى بن خالد بن برمك المولود سنة 120 والمتوفى مسجونا سنة 190 للهجرة، كان مؤدب ومربي ومعلم الخليفة العباسي هارون الرشيد الذي ملأ الدنيا وشغل الناس.
وفي تاريخ أحدث وتحديدا في زمن الملكية في العراق قبل سنة 1958، كان عمر فيصل الثاني أربع سنوات ـ ولد سنة 1935 ـ حينما مات والده الملك غازي بحادث تحطم سيارة، ونودي به ملكا، ونودي بخاله الأمير عبد الإله بن علي وليا على العرش، فأعدوا للملك جناحا خاصا في البلاط الملكي ليتلقى فيه دروسه الأولية، حيث انتقي مجموعة من كبار العلماء لتعليمه، منهم الدكتور مصطفى جواد لتدريسه اللغة العربية، وعبد الغني الدلي، وعبد الله الشيخلي، وناجي عبد الصاحب، وأكرم شكري، وقاسم ناجي، وجليل مطر، ومستر سايد بوتم ومستر بيت ريفرز.
وفي سنة 1947 أرسل الملك إلى لندن ليلتحق بمدرسة ساندوريد، وفي سنة 1940 أُلحق بكلية هارو. ثم بسبب مرض والدته عاد إلى العراق سنة 1950 فنظمت له دراسة على غرار دراسته في تلك الكلية، ثم عاد إلى الكلية في عام 1951 وأنهى دراسته عام 1952، وفي أيار من سنة 1953 وبعد أن أصبح أهلا لتحمل المسؤولية تولى سلطاته الدستورية وأدى اليمين الدستوري.
لكن بعد دخول عصر الانقلابات والثورات، فقدت هذه الميزة، وأهمل العمل بها، فالحركة الدموية العسكرية والعلاقة الحزبية؛ هي التي كانت تحمل الشخص إلى منصب المسؤولية، دون نظر إلى مؤهلاته وسيرته ونشأته. ومنذ عام 1958 ولغاية سنة 2003 تكرر صعود تلك النماذج السيئة إلى سدة الحكم، ومعهم تكررت مآسي العراق وأهله، وهذا ما كان يدفع العراقيين إلى التطلع نحو المستقبل، يحلمون أن تتغير الأمور، عسى أن تنعم البلاد بوضع مستقر يسمح لها أن تشرف على إعداد قياداتها وفق الأسس العلمية والتربوية المطلوبة.
ثم لما تحقق الحلم، وجدنا أنفسنا مقادين من قبل مجموعة من شذاذ الآفاق؛ الذين كانوا يعيشون خارج العراق ممن يحملون الجنسيات المزدوجة: القطرية والسعودية والأمريكية والسويدية والكندية، ولكنهم لا يحملون نقيرا من التربية والثقافة والتأهيل الذي يتيح لهم قيادة البلاد في هذا الزمن العصيب، فحدث ما حدث، وتحولت البلاد إلى مناطق متناحرة متقاتلة، ودمرت الزراعة والصناعة، وأتلفت الثقافة، وضاع التراث، وتهددت وحدة الوطن، وحياة المواطن، وحمل أهله السلاح على بعضهم، ليس لأنهم كانوا يرغبون بذلك، وإنما لأن الذين تسلطوا عليهم لم يكونوا مؤهلين للقيادة وحمل المسؤولية التاريخية، وها نحن منذ 2003 ولحد الآن نستنسخ خيبات والخطاء الماضي وكأنها عقمت ومات زوجها. ولذا عدنا نحلم من جديد، حلما قد لا يتحقق!.  
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صالح الطائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/12/07



كتابة تعليق لموضوع : ليس دفاعا عن أحد ... ليس طعنا بأحد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net