صفحة الكاتب : شهاب آل جنيح

لماذا انتصرت إيران وفشلت السعودية؟
شهاب آل جنيح

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

شدٌ وجذب، تهديدٌ ووعيد، هكذا هو حال العلاقات السعودية الإيرانية، منذ الثورة الإسلامية الإيرانية في العام 1979م ولحد اليوم، لكل دولة منهما ثقلها الإقليمي والدولي، وكلٌ لها سياستها ومصالحها وأهدافها، التي غالباً ما تخالفت وتصادمت، وارتد تأثيرها على المنطقة برمتها.

كل دولة منهما لها حليفها العالمي، إيران مع المحور الروسي، والسعودية مع المحور الغربي الأمريكي، هذه النقطة ذات أهمية بالغة، فالولايات المتحدة الأمريكية وخلال السنوات السابقة، سرعان ما تخلت عن حلفائها؛ بمجرد بداية ظهور ضعفهم وفشلهم، كما فعلت مع حسني مبارك وزين العابدين بن علي، وهذا على خلاف الموقف الروسي، الذي يبدو أنه أكثر تمسكاً بحلفائه، ويتضح هذا الأمر الآن في سورية.

السعودية وخلاف سياستها المتبعة منذ عقود من الزمن، فقد تغيرت هذه السياسة، بعد تسنم الملك سلمان لزمام السلطة، إذ إن السياسة الجديدة، تمثلت في التدخل المباشر في الصراعات الدائرة في المنطقة، لكن السؤال اللافت للنظر: هل كان قرار تغيير سياسة المملكة ارتجالياً، وأن السعودية سقطت في وحل الحروب؟

للإجابة على هذا التساؤل هنالك عدة أمور منها، إن القيادة السعودية الجديدة، كانت مندفعة بقوة، للتدخل بشكل مباشر وعلني في هذه الصراعات، وذلك بعد تخلي الولايات المتحدة عن حلفائها التاريخيين في المنطقة، وهم مبدئياً حلفاء للمملكة أيضاً، في مقابل ذلك تَحقق انتصارات متوالية، للمحور الروسي الإيراني، في كل من اليمن وسورية ولبنان والعراق، وهذا الأخير وإن لم يكن ضمن هذا المحور، لكنه بحسب سياسته في المنطقة فهو يحسب عليه.  

إيران وعلى خلاف السعودية، كانت أكثر ذكاءً وحنكة في إدارة الصراع، فهي لم تدخل الصراع العسكري بشكل مباشر، كما فعلت السعودية في البحرين واليمن، لكنها لم تتراجع خطوة في دعمها لحلفائها، وهذا ما حصل في سورية ولبنان.

الاتفاق النووي الإيراني، كان نصراً للدبلوماسية الإيرانية؛ فبموجبه تم رفع بعض العقوبات عنها، كتصدير النفط للأسواق العالمية، وتَحسّن العلاقات الإيرانية مع الدول الكبرى، في حين نجد أن السعودية، أرادت أن تنتقم لنفسها، من الفشل الذي لحقها في سورية والعراق؛ فأعلنت "عاصفة الحزم" كبداية لحربها على اليمن.  

كانت هذه الخطوة مفاجئة للجميع، إذ أن المملكة التي لم تدخل حرباً طوال تأريخها، لادفاعاً عن فلسطين ولاغيرها، شرعت بطائراتها وصواريخها؛ لتغيير إرادة الشعب اليمني الفقير! لكن كما فاجأت السعودية العالم بشنها الحرب، فقد تفاجأت هي، بأن وجدت نفسها، في مستنقع غير قادرة على الخروج منه، وكأنها بدأت الحرب، لكنها غير قادرة على إنهائها.

الدعم المالي والعسكري والسياسي، للمعارضة السورية، لم يجد نفعاً، فقد بقي النظام السوري على حاله، وخسرت السعودية الصراع في سورية، كذلك مشاكلها الداخلية من الاضطهاد والقتل للشيعة، وكذلك تدخلها في البحرين، جعلها ضعيفة أمام المجتمع الدولي، وهي لاتمتلك أوراق جديدة لإدارة الصراع.

أشد ما واجه السعودية، هو هبوط أسعار النفط، حيث إنها تصدر أكثر من عشرة ملايين برميل نفط يومياً، إضافة لوحل الحرب في اليمن، فقد كلفها مليارات الدولارات، وأحرج حلفائها من الغرب، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا؛ لأن السعودية قد ارتكبت مجازر متعددة بحق اليمنيين، وكانت كل الصواريخ والطائرات المستخدمة واعتدتها، هي أسلحة أمريكية وبريطانية، مما جعل المنظمات الدولية الإنسانية والحقوقية، توجه انتقادات لاذعة لكل من السعودية وحلفائها، خاصة الولايات المتحدة وبريطانيا.

أخيراً، نجحت إيران بسياستها الخارجية؛ فحررت نفسها من قيود العقوبات، وعادت بقوة للمجتمع الدولي كقوة إقليمية، أما المملكة السعودية، فأظهرت للعالم مدى ضحالة تفكير حكامها، وعجزهم عن النصر في أي معركة، من المعارك الدائرة في المنطقة، سواء نصراً سياسياً أو عسكرياً، ويعود ذلك؛ لأن المملكة اعتمدت  مدى عقود، على الدعم والتوجيه الغربي الأمريكي، وبمجرد التقليل من هذا الدعم أو زواله، فإن حكامها عاجزون أن ينهوا حرباً، كحربهم على اليمن الفقير.  


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


شهاب آل جنيح
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/12/13



كتابة تعليق لموضوع : لماذا انتصرت إيران وفشلت السعودية؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net