صفحة الكاتب : عادل الجبوري

تنظيم القاعدة يساعد واشنطن على البقاء في العراق!
عادل الجبوري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
    بعد ساعات قلائل من وقوع سلسلة من العمليات الارهابية المسلحة في عدد من محافظات ومدن العراق يوم الاثنين الماضي، الخامس عشر من شهر اب-اغسطس الجاري، اعلن تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين مسؤوليته عن ثمانية وعشرين هجوما مسلحا ضد زوار شيعة وأفراد امن نفذها خلال الاسابيع القلائل الماضية.
   وكانت مدينة كربلاء المقدسة ومدن اخرى قد شهدت عمليات ارهابية استهدفت الزائرين المتوجهين الى مرقد الامام الحسين بن علي عليهما السلام لاحياء ذكرى ولادة الامام الثاني عشر الغائب المهدي المنتظر في الخامس عشر من شهر شعبان.   
  وجاء في نص بيان بثه التنظيم على عدد من المواقع الالكترونية المحسوبة عليه والقريبة منه \"ان من بين العمليات التي نفذها تفجير سيارتين داخل موقف للمركبات في كربلاء اتخذته الأجهزة الأمنية نقطة عبور وحاجزا لمرور المواكب الصفوية في ما يعرف بالزيارة الشعبانية ما أدى إلى مقتل وإصابة مئة شخص\".
   تصعيد العمليات الارهابية لتنظيم القاعدة واعلانه الصريح عن ضلوعه بقتل الزائرين من اتباع اهل البيت عليهم، وعودته الى استخدام العبارات والمفردات ذات الصبغة الطائفية الواضحة مثل \"الصفويين\"، جاء في وقت تشهد الساحة العراقية اوضاعا سياسية مرتبكة ارتباطا بالجمود السياسي وعمق الخلافات والتقاطعات بين الفرقاء ، وخصوصا بين زعيمي ائتلاف دولة القانون والقائمة العراقية نوري المالكي واياد علاوي، بشأن جملة من القضايا، ابرزها المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية، والوزارات الامنية، وكذلك ارتباطا بالجدل والسجال المحتدم حول مصير القوات الاميركية في العراق بعد نهاية العام الجاري.
   واذا كان بعض الساسة العراقيون يعتبرون ان التجاذبات والمماحكات والتقاطعات السياسية الحادة بين الفرقاء انعكست سلبا على الواقع الحياتي والخدمي لعموم المواطنين العراقيين، فأن ذات التجاذبات والمماحكات والتقاطعات ساهمت في المزيد من التردي الامني، واكثر من ذلك فتحت الابواب وراحت تهيء الارضيات لبقاء القوات الاميركية لفترة اطول في البلاد، وهذا ما اعترف به صراحة الرئيس العراقي جلال الطالباني، حينما القى باللائمة على خلافات السياسيين معتبرا انها السبب وراء التردي الخطير في الاوضاع الامنية.
   ويتحدث نواب برلمان ومسؤولون في الحكومة-تصريحا وتلميحا-عن ان الاجواء السياسية الراهنة تساعد على بقاء القوات الاجنبية، من خلال توفيرها الذرائع والحجج لذلك البقاء، سواء بصورة مباشرة او غير مباشرة. 
   ويؤكد بعض المطلعين على طبيعة النقاشات والحوارات السياسية خلف الكواليس ان معظم من يرفضون بقاء القوات الاميركية بعد نهاية العام الجاري علنا، يتبنون مواقف اخرى مختلفة في السر، ويحرصون على استخدام هذه الموضوع الخطير كورقة للمساومة من اجل تحقيق مكاسب سياسية معينة على حساب المنافسين والخصوم.
   وتذهب اوساط سياسية واعلامية الى ان اطرافا عديدة تقف وراء العمليات الارهابية الاخيرة، بعضها خارجية وبعضها الاخر داخلية،وبعضها مشاركة في العملية السياسية بمختلف مفاصلها. وكل ذلك من اجل الابقاء على الوجود العسكري الاجنبي فترة اطول.
   ولعل التصريحات التي ادلى بها عضو لجنة الامن والدفاع البرلمانية عمار طعمة تحمل دلالات ومؤشرات مهمة تعزز ماذهبت اليه الاوساط السياسية والاعلامية المشار اليها، حيث يقول طعمة \"انه بالرغم من ورود معلومات استخباراتية حول نية المجاميع الارهابية القيام بضربات نوعية قبل اسبوع من تفجيرت الاثنين الماضي، الا ان القوات الامنية لم تقم بأية فعاليات استباقية تربك الجماعات الارهابية وتسلب راحة التخطيط والتنفيذ\".
  ويضيف النائب عن الائتلاف الوطني العراقي قائلا \"ان عدم تعامل القوات الامنية مع تلك المعلومات بشكل جدي وحالة الاطئنان التي تنتابها عند مرور فترات زمنية طويلة على عدم حصول عمليات ارهابية اسهمت في ما حصل يوم الاثنين الماضي من تفجيرات\".
   الى جانب ذلك فأن القادة الامنيون في محافظة واسط التي كانت من بين المحافظات العراقية التي استهدفتها سلسلة العمليات الارهابية الاخيرة، اكدوا \"ان هناك خلايا نائمة في واسط واعدادها في تزايد وتنشط بين الحين والاخر وهذه تعد حاظنة للارهاب لذلك تستغل في بعض الاحيان استقرار الوضع الامني وعودة القطعات الامنية الى واجبها الاعتيادي لتنفيذ عمليات ارهابية\". 
  في ذات الوقت يشير مسؤول مجالس الصحوات في محافظة ديالى (120 كم شرقي بغداد خالد اللهيبي استعادة الخلايا النائمة لتنظيم القاعدة نشاطها في المحافظة في الآونة الاخيرة، اثر اطلاق العديد من قيادات التنظيم من سجون الاجهزة الامنية.
داعيا الجهات المختصة الى انهاء ظاهرة الفساد داخل المنظومة الامنية، والتدقيق في ملفات المعتقلين قبل اطلاق سراحهم من اجل منع اطلاق اي شخص متورط باعمال عنف\".
   وربما كانت العمليات الارهابية الاخيرة رسالة رد واضحة ومفهومة على رؤية رئيس الوزراء العراقي والقائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي القائلة بأن القوات الامنية والعسكرية قادرة على حفظ الامن الداخلي، لكنها تفتقر الى القدرة الكافية على التصدي لاي اعتداءات خارجية، فالعمليات  الاخيرة اشارت بوضوح الى وجود خلل وضعف كبيرين في مستوى اداء وحرفية القوات والاجهزة الامنية العراقية، وهو ما شجع الداعين الى بقاء القوات الاميركية الى التحدث بجرأة وصراحة اكبر عن اهمية الابقاء على عدد من القوات الاميركية في العراق، ليرد عليهم معارضو البقاء بالقول كيف يمكن لعشرين الف جندي اميركي يراد ابقائهم لاغراض التدريب ان يحافظوا على الامن في العراق بعد عام 2011 بينما فشل اكثر من مائة وسبعين الف جندي في فعل أي شيء امام موجة الارهاب العاتية التي ضربت البلاد في عامي 2005 و2006. بل على العكس من ذلك فأن القوات الاميركية يمكن ان تكون قد زادت الطين بله عبر الاساليب والسياقات الخاطئة التي لجأت اليها في كثير من الاحيان.
  كان  من الممكن جدا ان تكبح القوات الاميركية جماح تنظيم القاعدة والجماعات الارهابية الاخرى في العراق قبل سنين لو ارادت ذلك بالفعل، بيد انها كانت –ومازالت-تستخدم معايير ازدواجية في التعاطي مع هذا الملف، واليوم فأن تصعيد تنظيم القاعدة لعملياته في مختلف مدن العراق، الشيعية منها والسنية، قد لايخرج عن اطار وسياق التحركات لبقاء القوات الاميركية في العراق، وبمساهمة ومساعدة من اطراف اقليمية-عربية تسعى الى الابقاء عليها لتبقى عامل تهديد لاطراف اقليمية اخرى مثل ايران بالدرجة الاساس.
   وقبل عدة اسابيع تداولت بعض وسائل الاعلام تقارير عن تحركات محمومة للمخابرات السعودية في العراق لاثارة الفتنة وتأزيم الاوضاع .
   وجاء في التقارير \"ان تعليمات خطيرة موجهة من قبل المخابرات السعودية عثر عليها مع احد الارهابيين توجه بعض الخلايا الخاصة المرتبطة مباشرة بها وبعض الكتائب المتخصصة بالاغتيال وعلى وجه السرعة بالقيام بعمليات اغتيال وحشية وبكثافة وبمعدل يومي لايقل عن خمسة الى عشرة اشخاص تنال من شخصيات سنية تشمل السياسيين ورجال الدين والعلماء والاساتذة وبعض الشخصيات البارزة اجتماعيا وبعض شيوخ العشائر اضافة الى القتل العشوائي في الشوارع وعبر عمليات ذبح وقطع الرؤوس وتصويرها مع ايحاء بانها انتقام من قبل الشيعة ردا على جرائم بشعة كجريمة عرس الدجيل\".
   وتضيف التقارير \"ان التعليمات احتوت على معلومات تفيد بتوجيه يطالب هذه الخلايا بالتحرك على اختراق مااسموه بالمليشيات الشيعية ودفع مبالغ طائلة من اجل هذا الهدف والاسراع بتوجيه بعض العناصر بضرب الامريكان بكثافة في هذه المرحلة وبصورة عشوائية تنال منهم ومن المواطنين الابرياء لخلق حالة من التذمر والذعر وترك آثار تدل على ان السلاح المستخدم هو ايراني وايضا ضرب بعض المواقع في مدن الانبار والموصل وبكثافة بحجة التعامل مع الامريكان وان يتم تبني هذه العمليات باشرطة مصورة توحي عبر بعض الشعارات انها تحمل مسحة شيعية\".
     وتضيف التقارير ان هذا التصعيد يأتي متزامنا مع استحقاقات الانسحاب الامريكي لاجل تبرير بقاء الاميركان فترة اطول وتزامنا مع الحراك الذي تقوده بعض الاطراف القيادية في القائمة العراقية من اجل اعلان المنطقة الغربية اقليما فيدراليا يبدا باعلان اقليم الانبار وبعدها الاندماج بالمحافظات الاخرى صلاح الدين ونينوى\".
   ويبدو ان المشهد العراقي مقبل خلال الشهور القلائل المقبلة على المزيد من التصعيد الامني والاحتقان والتصادم السياسي ليحل عام 2012 دون ان تتغير وتتبدل حقائق الوقائع نحو الافضل ان لم تكن قد اتجهت نحو الاسوأ. 
  
 
 
 
 
 
 
18-اغسطس-2011 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عادل الجبوري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/08/21



كتابة تعليق لموضوع : تنظيم القاعدة يساعد واشنطن على البقاء في العراق!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net