رسائل على قارعة الجماهير
وليد كريم الناصري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يَنقل لي أحد الأخوة العراقيين، حديث لأحد السياسيين البارزين في "حركة أمل" في لبنان، بأن الأخير إستمع الى حديث مطول عن ما يعانيه العراق شعبا وحكومة، في محاضرة أقمتها هناك تحت عنوان " الربيع العربي خريفا أسقط وريقات شبابهم"، وكان من المهتمين بالشأن العراقي فقال معقباً " إن مشكلة العراق في شعبه وليس في حكومته، على العكس مع ما يحدث في لبنان، فلا ترابط بين ما نعانيه وما تعانونه أنتم..!
أوضح كلامه "بأن العراق يحتاج الى شعب يفهم السياسة، ليحافظ على وجوده من عدم الضياع في مهب ريح الفساد ، ولا بأس بأن تتحدثوا عن إنشاء مدارس ومعاهد وكليات اكاديمية مختصة بهذا الجانب فقط، لتخرجوا أجيال قادمة تعمل على تصحيح المسار، أما في لبنان فلا نحتاج الى هذا كله بقدر ما نحتاج الى حكومة تتقن هذا الشعور و الأحساس، من خلال النزول الى الوسط الجماهيري..!
ثم أردف للتوضيح قائلاً:" عندما تطلبت السياسة بأن نتعامل مع "تيار المستقبل" كشريك سياسي طرحنا مشروع التسوية وراحت جماهيرنا تسوق ما طرحناه بين المكونات الأخرى تطوعا، في وقت كان فيه ذلك التيار ومن يمثله، سببا لجراحاتنا وآلامنا ونزف دمائنا لعقود من الزمن، فكانت الجماهير تتعامل معنا كشريك سياسي فعال تعي ما نقوله وتفهم ما تريد، على العكس ما رأيناه في جماهيركم إتخذت تلك الفكرة موضع انتقام للتسقيط والشتيمة ممن يمثلها وفيمن طرح المشروع تفسه، في وقت إن الخاسر الوحيد من عدم تمرير التسوية هو الشعب نفسه وتلك الجماهير المعترضة بالذات..!
اليوم "رئيس التحالف الوطني" أو ما يسميه بعضهم "برئيس تحالف البيت الشيعي" أطلق عدة رسائل سياسية، لا تقل شأن عن التسوية نفسها، تهتم بالدرجة الاولى بحياة الفرد، وبالمشروع الوطني ثانية، فهل ستركن في مرمى نيران الجماهير..؟ التي نالت من مشروع التسوية في السابق..! وهل سنحتاج كما قالوا الى وسائل اكاديمية تحمل فنون وطرق ناجحة لإقناع الجماهير بها..؟ ومن هذه الرسائل ما نستعرضه منها على عجالة وكالتالي:-
1- يدعو الى الوحدة والتكاتف على أقل المستويات وأكثرها، وأن لا تكون تلك المسميات بهدف الانتقام او التفرعن بصدد قومية او طائفة او تيار أخر، وأنما وصفها بالوحدة التي تحفظ المشروع الوطني للبلد، وهذا ما يذكرنا بما أطلقه السيد "حسن نصر الله" في مشروع التسوية الاخير، وتوحد رأيه مع المشروع الوطني القاضي بأختيار "رئيس تيار المستقبل" رئيسا للوزراء في لبنان...!
2- الأرهاب الذي ضرب العراق، وراح ضحيته الاف الشهداء وضحايا الحرب والبنى التحتية، لا يقل شأن عن الفساد المستشري بالبلد، مادام لاثنان أوجدا لتخريب ودمار العراق، ويحذر من انه ستكون صولة ضد الفساد بقدر ما كانت الصولة موجعة لدحر عصابات لارهاب، وكأنه يتحدث عن تاريخ يقول: بعدما أُخبر الامام علي بأن هنالك في الجيش من يخون المسلمين، فقال لهم للخيانة قصاص لا بأس بأن يؤجل موعده، ولكن العدو لا يمهلنا حتى نقتص ممن خاننا.
3- التمسك بمشروع التسوية، كونه الطريق الوحيد الذي يحفظ ما تبقى من دماء وأرواح لأبناء شعبنا، وكم تذكرني هذه الرسالة، بكلام لأحد المسلمين في غزواتهم ضد المشركين، تقدم احد المقاتلين المسلمين لقائده في الجيش بعد إن كسر جيش العدو، وقال له: سيدي إن الاعداء قد هزموا وما بقي الا قليلهم يطلب الصلح فلماذا لا نبيدهم..؟، فرد عليه القائد أذعنوا ولكن لم يموتوا ولو قاتلناهم، لأخشى ان تموت بسيف احدهم ولا تشاركنا فرحة الانتصار هذا فيحزننا فراقك، ليس بي ان اريق دم مسلم بسيف شرذمة خائفة من سيوفهم.
4- هنالك دعوة لأعمار المناطق المحررة من الارهاب، والرفق بالأهالي والنازحين، وكأنه تيمنا بقول رسول الله عندما سمع احدهم يقول :"اليوم يوم الملحمة" فقال بل قولوا "اليوم يوم المرحمة، اليوم تصان الحرمة".
5- بناء الشخصية العراقية، بعيدا عن المناكفات والانطواءات التحزبية والقومية، سيحل العديد من مشاكل العراق، وذلك بأن نحصل على نموذج لشعب واعي مثقف تكلم عن صفاته السيد "عضو حركة أمل" في لبنان كما أشرنا بداية المقال.
من بعد هذا كله وآخر ما نود طرحه، كحلول لتلك المشاكل والرؤى، نرى من الواجب الحتمي بأن مشكلتنا تحتاج الى شعب مثقف سياسيا ومجتمعيا، وقد يصعب الحصول عليه بضيق الوقت من خلال الطرق الاكاديمية، ويمكننا الاستعاضة عن ذلك بأيجاد الطرق المتاحة، لخلق ثقافة التوحد على حجر الوطن الاساس، والعمل على حلحلة الالتصاق الوثيق بين الجماهير والانتماءات التي أدخلت البلد الى هذا النفق المظلم، مع الالتزام والتثقيف والتسويق لرؤى والرسائل القريبة من حل الازمة، دون الاعتكاف على المسميات الكتلوية ومتبنيات التحزب.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
وليد كريم الناصري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat