هل استثمرنا مواردنا لبناء بلدنا ؟!
د . ماجد اسد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
في كوكبنا وفي اكثر المناطق قسوة ، كأعمال البحار التي لا تصلها الا اشعاعات ضئيلة من الشمس ، او الصحارى التي تنعدم فيها المياه او في المناطق المتجمدة حيث درجات الحرارة تبلغ ٧٠ تحت الصفر ، او في المستنقعات ذات الملوحة العالية ... الخ ، تجد بعض الكائنات قدرات استثنائية على ادامة الحياة ، كائنات تكد و تعمل و تكافح و تتجلد في تحمل اعباء خيالية في اختراع انظمة تساعدها على البقاء ، ضمن مجموعات ملتزمة ببرامج بالغة الدقة ، يتم تنفيذها على مدار اليوم و الاسبوع و السنين ، وكي لا نذهب بعيدا في الامثلة التي تؤكد مكانة : العمل و دوره في ديمومة الحياة نجد الكثير من المناطق ليست زاخرة بالموارد فحسب ، بل تبلغ درجات خيالية في الوفرة .
ومنها البلدان التي تتمتع بالشمس والمياه والاراضي الصالحة للزراعة ، فضلا عن الموارد المكتشفة حديثا كالمعادن وغيرها .
ولعل الحضارات الكبرى في وادي النيل والرافدين و السند و الهند و الصين ... الخ ، طالما استثمرت هذه الموارد لبناء حضارتها التي دامت الاف السنين ، وصاغت منها علامات تجاوزت مساحاتها وحدودها نحو العالم بأسره .
لكن هذا كان بالامس ...
فاليوم نجد الكثير من البلدان تتراجع حتى انها لا تمتلك قدرات على صناعة اساسيات الحياة فالبلدان الزراعية تستورد الحبوب والغذاء والدواء ، درجة انها لا تعمل الا على استهلاك مواردها الطبيعية .
ومن بين هذه البلدان وطننا الذي عرف في التاريخ بصناعة الحضارات و ليس بتصدير اساسيات الحياة فحسب ، كالحبوب وبمختلف صنوفها و ما تنتجه الغابات والثروات الحيوانية ، نجده اليوم يثير سؤالا علينا ان نتوقف عنده : فبعد ان اصبح النفط المصدر الاول بعد ان تراجعت الصادرات الاخرى ماذا سيفعل احفادنا بلا نفط ...؟
اية زراعة يمتلكون بعد ان تم اهمال المساحات الصالحة للزراعة ، واية صناعة سيعيدون بناءها من ناحية ، وبعد هجرة اعداد كبيرة من ذوي الخبرات خلال عقود من الزمن ولحد الان وهدر ثروات و اشعال الفتن من ناحية ثانية .
السؤال : هل سيعود السكان للبدء بالزراعة والتعليم والصناعة ، كي لا تكون اسباب الحياة قد فقدت ، بعد انحسار المياه و ندرة الخبرات والاعتماد على الاستيراد ولعقود طويلة من الزمن .
ستقولون : لا تقع هذه المسؤلية علينا في الحاضر ، بل على الانظمة التي حولت السكان الى مستهلكين في العقود الماضية .
لكن هذه الاجابة غير مقنعة لان وطننا بلا نفط سيواجه صعوبات تتجاوز ما تحدثه النكبات الطبيعية كالجفاف والزلازل والبراكين .
فماذا سيترك جيلنا من انظمة زراعية ومائية و من مصانع اولية ومن خبرات تعمل على بناء وطن يسد حاجاته الاساسية ، من الضروريات بدل ان نبقى نتمتع بثروات النفط لأحفادنا ...؟
هل سنقول لهم : شغلتنا الفتن ، و المناطق المتنازع عليها ، وحروب الطوائف ، والازقة والارهاب والفساد و اغتيال العلماء ومعارك التصريحات و الادعائات و المهاترات الكلامية ... الخ ، حتى تحول الوطن في بعض السنوات الى ارض تسكنها الاشباح والى مجموعات سكانية لا تجد حتى هواءً صالحا للتنفس !!
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
د . ماجد اسد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat