صفحة الكاتب : شهاب آل جنيح

المواطن والحكومة والثقة المعدومة
شهاب آل جنيح

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يتسائل الصحفي والكاتب الانكليزي روبرت فيسك:" لماذا تبدو بيوت العرب غاية في النظافة، لكن شوارعهم والأمكنة العامة تملؤها القاذورات؟!" فيجيب هو على تساؤله قائلاً:" العرب يشعرون أنهم يملكون منازلهم، لكنهم لايملكون أوطانهم".
أزمة الثقة بين الشعوب العربية وحكوماتها، تنتج تعارضاً واضحاُ بينهما، خاصة عندما نرى المسؤول يتنعم بخيرات الوطن، ويعيش رفاهية الحياة، وفي الجانب الآخر يعيش المواطنون الحياة البائسة.
علاقة الشعب مع حكومته، يجب أن تكون أساساً لكل خطوة تخطوها الحكومة في عملها، وهذه العلاقة تعتمد كلياً على ثقة الشعب بحكومته، وتُبنّى هذه الثقة من خلال الأفعال لا الأقوال، فالمواطن حتى يؤمن بقانون ما ليطبقه ويحترمه، لابد له أن يرى هذا القانون محترماً من قبل المسؤول أولاً، وإلا فإنه لن يحترمه.  
 
احترام القوانين التي تضعها الحكومات، تعتمد على ثقة الشعب بتلك الحكومة، فإن كان الشعب ينظر لحكومته على أنها تستهدفه في مشاريعها، ولا تراعي حقوقه، -وطبعا هذه النظرة تكونت لديه من خلال مجموعة معطيات، منها الفساد المتفاقم بشكل كبير- لذلك هذه النظرة أعدمت الثقة عند المواطن، وبذلك خسرت الحكومة أهم عامل يساعدها في التعاطي مع مواطنيها.
 
 فقدان الثقة بالقيادة يكون عاملا في عدم طاعتها، لذلك نجد أن الجيش الذي هرب أو خرج من الموصل، لم يكن مؤمنا بقيادته العسكرية، وهي التي تركته يصارع مصيره مع العصابات بلا قيادة، بعد أن خانته وخانت عقيدتها العسكرية، ثم نجد أن نفس هذا الجيش لكن بقيادة جديدة، عاد لينتصر في كل معاركة اللاحقة، وليس من سبب يفسر الاختلاف في الموقفين، سوى الثقة التي كانت عاملاً رئيسيا بين الجيش وقيادته، والتي أسستها فتوى المرجعية بالجهاد الكفائي في الأفراد والقيادات.
 
كذلك المشاريع التي تطرحها الحكومة، والضرائب المتعددة، ليس من السهل تقبلها، لانعدام العلاقة اللازمة بين المؤسسات الحكومية والمواطنين، فالمواطن يرى حجم الفساد وحجم الموازنات الحكومية، وكيفية تعامل الدولة معها، بطريقة غير صحيحة أفسدت كل علاقة بينهما، فكيف له أن يطمأن أن هذه الإجراءات الجديدة هي لمصلحته، مع علمه أن الثقة والعلاقة بين مكونات الحكومة نفسها مفقودة؟ ونشير هنا لتصريح رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، الذي قال أن هنالك خلل في وزارة الكهرباء، وقد أعطيت أرقاما كاذبة، وكان على الشهرستاني أن يخبرني بالحقيقة.
 
قانون خصخصة الكهرباء الذي تتبناه الحكومة العراقية، لابد له من بعض المقيدات، منها أن يكون هذا القانون داعما للفقراء وليس بالضد منهم، فمن المخجل أن نسمع بعض من الناس أو المسؤولين، يقولون أن الفقير لايملك "مكيف" وإن ملك "المكيف" فهو ليس فقيراً، وهذا المنطق هو إساءة لهذه الشريحة التي تعاني الأمرين، والآن يراد منها بهذا المنطق أن تحرم من العيش الكريم.
 
إذا كانت الحكومة عاجزة عن كبح الفساد في وزاراتها، فلايجوز لها أن تتعدى على حقوق المواطن، بحجة القضاء على الفساد، خاصة ونحن نرى الفاسدون يمارسون أعمالهم بكل حرية، وأمام أنظار الجميع، ومع هذا فأن الثقة الآن بين الحكومة والشعب تكاد تكون في أدنى مستوياتها، ومثل هذه القوانين تحتاج للشعب أكثر من غيرها من القوانين، لكي يتم تطبيقها لأنها تمس حياته بشكل مباشر.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


شهاب آل جنيح
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/05/05



كتابة تعليق لموضوع : المواطن والحكومة والثقة المعدومة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net