الباء القابضة والمقبوضة!!
د . صادق السامرائي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . صادق السامرائي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
"ألا ليت البرايا ذاتُ باءٍ
تعلمها أساليبَ التداني"
والمقصود بالباء هي المتصلة بكلمة "بشر" , فعندما تسقط الباء تتحول الكلمة إلى "شر" .
ويبدو أن هناك علاقة غير متوازنة ما بين حرفٍ وحرفين , أي أن إرادة القبض هي ثلث إرادة الإنفلات , ولهذا يكون الميل لفعل الشر أسهل وأعظم في مسيرة التفاعلات البشرية , ويمكن الإستدلال عليها بويلات الحروب والتصارعات القاسية , التي ما خلت منها الأرض ولو ليوم واحد.
وهذه الباء كأنها ترمز للخير والقيم الإنسانية النبيلة , ولكل قوة تسعى لردع الشرور ومنع إنتشارها ووأدها في مرابعها أو مواطنها.
وهي المُعبَّر عنها بالأفكار الصالحة والعقائد الطيبة والأديان بأنواعها , لكنها وبلا إستثناء تقف عاجزة أحيانا عن مواجهة عواصف الشرور وأعاصيرها الفتاكة , التي تزعزع الوجود الأرضي وتدعو إلى الدمار والخراب وسفك الدماء.
أي أن هناك حرف واحد يكتم أنفاس الشر , وحرفان متكاتفان يسعيان لإطلاق المطمورات المختزنة في أعماق النفوس ودياجيرها الظلماء المتحندسة , المحتشدة بالعظايا والوحوش المتسابغة المتأهبة للإفتراس والهجوم الشديد.
وتجد البشرية في مآزق تصارعاتهما , وويلات تفاعلاتهما , وبين آليات الردع والإنفلات.
ومن الواضح أن القلة من البشر يمكنهم أن يتمسكوا بإرادة الباء وتقويتها ومدها بما يعينها على لجم جماح الشر والسوء , وهذا يكون باللجوء إلى التعاليم الإنسانية النبيلة والرسالات السماوية , التي تجتهد في تقوية قدرات الباء الردعية وتعزيز الطاقات الإنضباطية , ومهما حاول البشر أن يميل إلى جهة بائه فأن قوة الجذب نحو شره تتنامى من حوله , مما يساهم في زيادة الحشود الشرانية وتقليل وعزل الحشود البائية , التي تتضاءل وتقنط وتنزوي في قوقعة ذاتها , وتكون بلا حول ولا قوة على التأثير في واقع غمره طوفان الشرور.
وهذه الحالة تتكرر في الحياة الأرضية ولا يمكن للبشرية أن تنتصر عليها , وإنما تمضي على نهجها ما بين مدٍ وجزرٍ إلى ما شاء الله.
ولهذا نجد في القرآن الكريم القليل مقرورنا بالإيجابي والكثير مرتبطا بالسلبي , أي أن القليل من الناس من معشر الباء والكثير منهم ربما من معشر الشر , وتلك محنة خلقية , وإرادة أرضية مطلوبة لإدامة التوازن وفقا لقوانين الدوران , وقدرات الجذب التي تحدد مصير المخلوقات الترابية , وتأخذها في دروب الأيام على سكةٍ ذات خطوط سرابية ومتاهات ضبابية , تتحكم بمفرداتها معادلات صيروراتية عصية على الإدراك والتبصر السَطوع!!
فهل لنا أن نعزز دريئة الباء التي فينا , ونواجه بها أجيج الشر الذي يعادينا؟!!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat