صفحة الكاتب : السيد اسعد القاضي

واعترف الخصم بعجْزه
السيد اسعد القاضي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 هشام بن الحكم.. فتى العقيدة.. تناهى إلى مسامعه أن عمرو بن عبيد يجلس في مسجد البصرة يفتي الناس بخلاف ما أنزل الله.. يفتيهم 
بالأهواء.. يضلّلهم.. يزيد في غوايتهم.
شدّ ذلك الفتى رحاله نحو البصرة، من أجل أن يحتجّ على الشيخ الضالّ، المتلبّس بلباس الدين، ويُظهر حقيقته للناس السذّج الذين انطلت عليهم بدعُه وضلالاته.
يصل هشام إلى البصرة.. يدخل مسجدها.. يجد حلقة كبيرة يرأسهم عمرو بن عبيد وعليه ملابس الصوف، يتظاهر فيها بزهده.. يجلس الفتى حيث انتهت به تلك الحلقة.. يستأذن من العالم الضالّ في مسألته..
 أيها العالم أنا رجل غريب، أتأذن لي فأسألك عن مسألة؟.
 اسأل.
 ألك عين؟
يستغرب هذا الشيخ الضالّ من سؤال الفتى، ولا يدري أن هذا السؤال هو مفتاح هزيمته أمام الحضور الذين يعدّونه عالماً لهم، فيقول مخاطباً الفتى:
 يا بني أي شيء هذا من السؤال؟.
 هذه مسألتي.
 يا بني سل، وإن كانت مسألتك حمقى.
ويكرر هشام سؤاله الذي يبدو فارغاً ليس وراءه أي جدوى..
 ألك عين؟.
 نعم.
 فما تصنع بها؟.
 أرى بها الألوان والأشخاص.
 ألك أنف؟.
 نعم.
 فما تصنع به؟
 أشم به الرائحة.
 ألك لسان؟
 نعم.
 فما تصنع به؟
قال: أتكلم به.
 ألك أذن؟
 نعم.
 ما تصنع بها؟
 أسمع بها الأصوات
 ألك يدان؟
 نعم.
 فما تصنع بهما؟
 أبطش بهما، وأعرف بهما اللين من الخشن.
 ألك رجلان؟
 نعم.
 فما تصنع بهما؟
 انتقل بهما من مكان إلى مكان.
 ألك فم.
 نعم.
 فما تصنع به؟
 أعرف به المطاعم والمشارب على اختلافها.
انتهى الفتى من تعداد الجوارح، والشيخ الضالّ لا يزال مستغرباً من هذه الأسئلة والتي تبدو عبثيّة إزاء ما يراه لنفسه من مكانة علميّة في نفوس اتباعه.. عندها ينتقل هشام إلى سؤال مكمّل لأسئلته..
 ألك قلب؟
 نعم.
 فما تصنع به؟
 أميّز به كل ما ورد على هذه الجوارح.
ويبدأ هشام بالاحتجاج على عمرو، كيما يوصله إلى الإقرار بأهميّة الإمامة في الأمة..
 أفليس في هذه الجوارح غنى عن القلب؟
 لا.
 وكيف ذاك وهي صحيحة سليمة؟
 يا بني، إن الجوارح إذا شكّت في شيء شمّته أو رأته أو ذاقته، ردته إلى القلب، فتيقن بها اليقين، وأبطل الشك.
ولم يزل الشيخ الضالّ في غفلة من أمره، فلم ينتبه إلى عمق أسئلة الفتى.. ولم يزل هشام يلقي بالحجج عليه..
 فإنما أقام الله عز وجل القلب لشك الجوارح؟
 نعم. 
 لا بد من القلب، وإلا لم تستيقن الجوارح.
 نعم. 
وعند ذا يبدأ هشام بمكاشفة عمرو بن عبيد في الاحتجاج..
 يا أبا مروان، إن الله تبارك وتعالى لم يترك جوارحكم حتى جعل لها إماماً، يصحح لها الصحيح، وينفي ما شكّت فيه، ويترك هذا الخلق كله في حيرتهم، وشكهم، واختلافهم، لا يقيم لهم إماماً يردّون إليه شكهم، وحيرتهم، ويقيم لك إماما لجوارحك، ترد إليه حيرتك وشكك.
هكذا استدرج الفتى بأسئلته التي يراها الشيخ الضالّ أنها حمقى لا جدوى فيها ولا فائدة، فسكت الشيخ عندما أخرسته قوة الحجّة.. إنها حجّة أتباع الحقّ.. تُلزم الخصم بالإذعان والتسليم.
كان عمرو بن عبيد قد سمع أن في الشيعة رجلاً متكلّماً يُدعى هشام بن الحكم.. ولذا فلا يمكن أن يصدر الاحتجاج السابق إلا منه او ممن أخذ العلم منه.. فسأل..
 أنت هشام؟
 لا.
 أجالسته؟
 لا.
 فمن أين أنت؟ 
 من أهل الكوفة.
عندها أيقن أن هذا الشاب المتكلم هو هشام، ضمّه إليه.. أجلسه في مجلسه.. ما نطق الشيخ ولا بحرف، حتى قام هشام وترك تلك الجلسة.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد اسعد القاضي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/02/26



كتابة تعليق لموضوع : واعترف الخصم بعجْزه
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net