صفحة الكاتب : نبيل محمد حسن الكرخي

نقد كتاب اللاهوت العربي ليوسف زيدان – (3/8)
نبيل محمد حسن الكرخي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كيفية انتشار عبادة الاصنام:

هناك عدة اسباب ادت بصورة منفردة او مجتمعة الى ظهور عبادة الاوثان والاصنام في شبه الجزيرة العربية وانتشارها. نذكر منها:

1. تبرك العرب بحجارة مكة المكرمة وتطور الامر الى نحو من عبادة الاصنام.

2. استذكار العرب لبعض الصالحين مما ادى الى تحول تبركهم بهم الى نحو من عبادة الاصنام.

3. انتشار عبادة النجوم والكواكب في بعض مناطق شبه الجزيرة العربية والتي تحولت بمرور الوقت الى عبادة الاصنام.

4. انتشار الافكار اليونانية الفلسفية ودخولها الى المجتمع العربي عن طريق بعض الاشخاص فظهرت بشكل عبادة الاصنام.

5. الشعور بالنقص الثقافي ومحاولة تقليد الاجنبي!

قال ابو الحسن الشعراني: (وأما عمرو بن لحى، فقد ذكر ابن هشام في السيرة أنه خرج من مكة إلى الشام في بعض اموره فلما قدم مآب من أرض البلقاء وبها يومئذ العماليق رآهم يعبدون الأصنام ، فقال لهم: ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدون؟ قالوا له: هذه أصنام نعبدها فنستمطرها فتمطرنا، ونستنصرها فتنصرها، فقال: أفلا تعطونني منها صنما فأسير به إلى أرض العرب فيعبدونه، فأعطوه صنما يقال له: هبل ، فقدم به مكة ونصبه وأمر الناس بعبادته وتعظيمه، انتهى. وأقول: ما أشبه عمل عمرو بن لحى بجماعة من المسلمين سافروا إلى بلاد النصارى أخذوا منهم الكفر والفواحش وروجوها بين المسلمين وأفسدوا عليهم الدين، والسبب الداعي لعمرو بن لحى في الجاهلية أن أهل الشام في ذلك العهد كانوا أظهر سلطانا وأقوى يداً وأعلى وأقدم في التمدن كالنصارى في عهدنا والضعفاء يرون التشبه بالأقوياء فخرا وعزة ، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «رأيت عمرو بن لحى يجر قصبة في النار» الحديث)[1].

6. الانتقال الى الشرك نوع من التطور والتقدم!

من المناسب ان نتطرق الى كيفية انتشار عبادة الاصنام بين العرب في شبه الجزيرة العربية بعد أن كانوا موحدين مؤمنين بالله سبحانه لا شريك له، على ملة إسماعيل وإبراهيم (عليهما السلام)، وهما من اجداد قبائل عديدة من العرب والتي يقال لها القبائل العدنانية، أي ان هذه القبائل ورثت النسب الى نبيين من انبياء الله هما اسماعيل وابراهيم (عليهما السلام) كما ورثت الدين منهما. والقحطانيون فيهم من يقول انهم من ذرية قحطان الذي هو من ذرية النبي هود (عليه السلام) وجميعهم بلا شك من ذرية النبي نوح (عليه السلام). فكيف تحولت هذه الاقوام التي ولدت من الانبياء (عليهم السلام) وورثت دين التوحيد منهم فضلاً عن أدلته الواضحة الجليّة، كيف تحولت الى الوثنية وعبادة الاصنام مع ان العرب كانوا يعتزون بموروثهم الديني والثقافي، كما يروي القرآن الكريم:

قوله تعالى في سورة المؤمنون: ((وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ (23) فَقَالَ المَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَنزَلَ مَلائِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ)).

وقوله تعالى في سورة الاعراف حاكياً خطاب قوم عاد لنبيهم هود (عليه السلام): ((قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (70) )).

وقال تعالى في سورة النبي هود (عليه السلام): ((قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُواً قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (62) )).

وقال تعالى في سورة النبي هود (عليه السلام): ((قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لأَنْتَ الحَلِيمُ الرَّشِيدُ (87) )).

وقال تعالى في سورة النبي ابراهيم (عليه السلام): ((أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9) قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (10) )).

وقوله تعالى في سورة القصص: ((فَلَمَّا جَاءَهُم مُّوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ)).

هذه حجة الكفار في كل عصر امام أنبياء الله (عليهم السلام)، انهم لم يسمعوا بهذا في تراثهم الذي ورثوه من آبائهم أو أنهم متمسكون بتراث آبائهم الوثني، ولكن!... لماذا لم يتمسك اهل التوحيد بتراثهم التوحيدي وانحرفوا لعبادة الاوثان والاصنام واصبحوا مشركين! لماذا لم يقل اهل التوحيد نحن اصحاب تراث توحيدي ولن ننحرف وراء عبادات شركية واصنام واوثان ليس لها حول ولا قوة قد كسّرها من قبل جدنا ابراهيم الخليل (عليه السلام)؟! وهذا التساؤل لا يخص العرب اهل التوحيد الذين انحرفوا الى عبادة الاصنام والاوثان قبل الاسلام بل يخص ايضاً اليهود الذين كانوا ينحرفون الى عبادة الاصنام والاوثان كما تذكر ذلك كتب العهد القديم (التناخ[2] اليهودي)!

السبب يمكن ان ننظر اليه من جانبين، الاول: ان التغيير من التوحيد نحو الوثنية كان تدريجياً غير ملحوظ وغير صادم. فيتم تمرير أفكار الشرك وإنتشار الاصنام والاوثان بصورة تدريجية غير عنفية وغير صادمة. والجانب الثاني: هو ان عقيدة الشرك كانت تعرض على اهل التوحيد بإعتبارها نوع من التطور الفكري والحضاري لكونها مستندة الى اسس حكيمة (فلسفية) "متينة" و"عميقة"! وبذلك تكون عقيدة الشرك في زمانهم آنذاك نوع من التطور والحداثة بدلاً من التمسك بدين قديم هو دين التوحيد قائم على اساطير وجود معجزات وخرق للطبيعة، بينما الفلسفة قائمة على اسس تدغدغ العقول وتغلفها لتخدع الانسان انها الغاية القصوى في الفكر الانساني الذي يجب ان يصل اليه! وبذلك كان يسهل على اهل الجاهلية ان يتطوروا من العبادة القديمة القائمة على التوحيد المستند لأساطير المعجزات الى عبادة شركية حديثة قائمة على العقلانية والمنطق والتفكير، اليس الانسان كما يزعمون ولد حراً ليستخدم عقله وتفكيره الشخصي بدلاً من الخضوع لتراث موروث قديم يتحكم به وبمصيره، تراث اقصى ما يقال فيه ان هناك انبياء ومعجزات كانت هناك!! ولكن قد يقول قائل كيف يتم الجمع بين مزاعم التطور في الفكر الجاهلي الذي قادهم نحو الوثنية باستخدام العقل والمنطق وبين عبادتهم اصنام جامدة لا تنفع نفسها فضلا عن نفعها الآخرين؟! والجواب هو بالرجوع الى فلسفة ارسطو الذي كان يرى ان الاله هو المحرك الاول للكون وانه ثابت لا يتحرك، ومن هذه الفلسفة تطور الموضوع وتمّت المزاوجة بين افكار ارسطو بخصوص الإله وبين مطلب عبادة الاصنام، ليتم التغلب على مشكلة ان الاصنام لا تتحرك بانها لكونها آلهة فهي لا يصح ان تتحرك لأن الحركة تعني التغيير ومن يتغير لا يكون إلهاً! ولكن فاتهم ان الإله خالق السموات والارض وهو ازلي لا يتغير فهو ايضاً مدبّر السموات والأرض وما بينهما، فهل يمكن لهذه الاصنام التدبير!! فالجواب بالطبع كلا. ولذلك قال ابراهيم الخليل (عليه السلام) كما في سورة الانبياء (عليهم السلام) التي تحكي تكسيره للاصنام: ((فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58) قَالُوا مَن فَعَلَ هَٰذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (59) قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60) قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَىٰ أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61) قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَٰذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ (63) فَرَجَعُوا إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَٰؤُلَاءِ يَنطِقُونَ (65) قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ))، فالأصنام فضلا عن انها لا تنطق، فهي عديمة التدبير: لا تنفع ولا تضر. ولذلك تقول الرواية ان عمرو بن لُحَيّ جاء بالاصنام من الشام حيث هي بلاد قريبة من اليونان وفي تماس معهم، لاسيما وقد كانت ضمن الدولة الرومانية لفترة طويلة وكذلك الدولة البيزنطية، ومن الممكن ان افكار ارسطو وفلسفته تسربت الى بلاد الشام ومع فلسفة عبادة الاصنام!!

فكان هذين الجانبين معاً متعاضدين في نشوء عبادة الاصنام! ونتيجة لهما اصبح اهل التوحيد منجذبين لعبادة الاصنام طلباص للتطور والتحضر!! ولم يتمسكوا بما ورثوه من فكر ديني عن آبائهم، بل قالوا كما يحكي عنهم القرآن الكريم:

قال تعالى: ((بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الأَوَّلُونَ (81) قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82) لَقَدْ وَعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ))[3].

وقال تعالى: ((وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا تُراباً وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ (67) لَقَدْ وَعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ))[4].

نعم وعدهم دينهم التوحيدي بالبعث والنشور ولكن طال عليهم الامد حتى اعتبروه نوعاً من الاساطير! فدين الشرك الجديد فلسف لهم الامور وزيّنها بإعتبار دعاته الفلاسفة من اهل الحكمة وقد اطلعوا على كيفية التي يسير بها الكون وما هو الذي يؤثر فيه، وانه لا بعث ولا نشور للانسان بعد موته، وان هناك افلاكاً علوية وهياكل هي التي تدير الكون إلخ. وان هؤلاء الفلاسفة لديهم مرتبة ليست دون مرتبة الانبياء بل قد تتفوق عليهم! ولذلك فإن عبادة الافلاك والهياكل العلوية اولى واكثر فائدة للانسان لانها هي التي تدير الكون حقيقة اما الإله فلا يعلم شيئاً عن الكون ولا عما فيه، هكذا كان ارسطو – على سبيل المثال - يحدث اتباعه. فهل الافضل للانسان ان يتمسك بالافلاك والهياكل التي تدير شؤونه فيدعوها ويعبدها ويعظمها ام ان يطيع الهاً واحداً يقال انه لا شريك له ثم اتضح من خلال الفلسفة انه معزول عن العالم ولا يدرك ما يجري فيه ولا يسمع دعاء الانسان المحتاج لمساعدة إلهه! هكذا كانت دعوة الشرك تتسلسل الى اهل التوحيد من اتباع ابراهيم الخليل (عليه السلام) في شبه الجزيرة العربية واليهود أيضاً! ولذلك ظهرت ايضا عبادة النجوم كنوع من الشرك الذي ظهر في شبه الجزيرة العربية.

وكمقاربة لبيان تأثر عمرو بن لحى بفلسفة اليونان والتي اخذها من رحلته الى بلاد الشام! والتي تذهب الى أنَّ هناك خالق للكون واحد والعديد من الارباب التي تدير الكون! نذكر ان العرب في الجاهلية "كانت لقبائلهم حول البيت ثلاثمائة وستون صنماً"[5] أي عدد ايام السنة آنذاك. فتكون هذه الاصنام التي هي في فكرهم صور لأرباب تدير الكون والتي تدور في افلاكها حول بيت الإله!

وكذلك نجد ان عرب اليمن في الجاهلية كانوا يعبدون النجوم ويظنون ان لها تأثيراً على حياتهم والكون. وهي نفس فكرة تأثير الافلاك على ادارة الكون والطبيعة وحياة الانسان على الارض. بل يقول الدكتور جواد علي: (وقد رأى بعض العلماء أن عبادة أهل الجاهلية هي عبادة كواكب في الأصل. وأن أسماء الأصنام والآلهة، وإنْ تعددت وكثرت، إلاَّ إنها ترجع كلها إلى ثالوث سماوي، هو: الشمس والقمر والزهرة. وهو رمز لعائلة صغيرة، تتألف من أب هو القمر، ومن أم هي الشمس، ومن ابن هو الزهرة. وذهبوا إلى أن أكثر أسماء الآلهة، هي في الواقع نعوت لها، وهي من قبيل ما يقال له الأسماء الحسنى لله في الإسلام)[6].

ويعترف المشركون ان الله هو خالق الكون وبيده ملكوت كلّ شيء، قال تعالى: ((قُل لِّمَنِ الأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89) بَلْ أَتَيْنَاهُم بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (90) مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) عَالِمِ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ))[7].

ولكنهم خُدعوا عن طريق الفلسفة بأن هناك آلهة أخرى تدير الكون جديرة بالعبادة. ولذلك جاء هذا النص القرآني ليبين لهم فساد معتقدهم وأن الله سبحانه هو خالق الكون ومدبّره والمهيمن عليه وانَّه لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو قريب منهم يسمعهم ويعلم ما يجري في حياتهم وهو القادر فوق عباده، فهو إذا الجدير بالعبادة وحده لا شريك له.

قال تعالى: ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ))[8].

ولذلك ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم أنَّه: ((يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ))[9]، ((وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ))[10]، ((أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ))[11]، ((أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ))[12]، ((قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا))[13]، وآيات أخرى عديدة تدل على ان الله سبحانه وتعالى يعلم بصورة تفصيلية ما يجري في العالم وقريب من الانسان ويسمعه وما على الانسان الا ن يدعوه ليستجيب له. كل ذلك في نقض واضح للفلسفة ورداً على الفلاسفة الزاعمين ان الله تبارك وتعالى لا يعلم شيئاص مما يجري في العالم!!

ولذلك حينما اعاد الاسلام عقيدة التوحيد ناصعةً فقد رافقها بمعجزة خالدة هي معجزة القرآن الكريم وحفظه من الضياع، لكي يكون التوحيد معتضداً بمعجزة تثبت حقانيته الى يوم القيامة. فلا عذر بعد ذلك لإنسان ان ينخدع بدعاوى منتحلي الفلسفة والحداثويين، لان الانخداع بهم يعني انه سيترك ساحة التوحيد من جديد ولكن بدون اي عذر هذه المرّة بوجود القرآن المعجزة الخالدة.

عمرو بن لُحَىّ:

ذكر الازرقي نسبه وهو: عمرو بن لُحَيّ وأسمه ربيعة بن حارثة بن "عمرو بن عامر الذي يقال له مزيقياء بن ماء السماء وهو عمرو بن عامر بن حارثة بن ثغلية بن امرىء القيس بن مازن بن الازد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان"[14]. وأمه هي فهيرة بنت عامر بن عمرو بن الحارث بن مضاض بن عمرو الجرهمي ملك جرهم[15].

قال الازرقي: (فكان عمرو بن لُحَيّ قد بلغ بمكة من الشرف وفي العرب من الشرف ما لم يبلغه عربي قبله ولا بعده في الجاهلية، وهو الذي قسّم بين العرب في حطمة حطموها عشرة آلاف ناقة، وكان قد أعور عشرين فحلاً. وكان الرجل في الجاهلية إذا مَلَك ألف مناقة فقأ عين فحل إبله، فكان قد فقأ عين عشرين فحلاً، وكان أول من أطعم الحاج بمكة سدائف الإبل ولحمانها على الثريد، وعم في تلك السنة جميع حاج العرب بثلاثة أثواب من برود اليمن. وكان قد ذهب شرفه في العرب كل مذهب، فكان قوله فيهم ديناً مُتَّبعاً لا يخالف. وهو الذي بحّر البَحيرة، ووصل الوصيلة، وحمى الحام، وسيّب السائبة، ونصب الاصنام حول الكعبة، وجاء بهُبَل من هيت من أرض الجزيرة فنصبه في بطن الكعبة، وكانت قريش والعرب تستقسم عنده بالأزلام. وهو أول من غيّر الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام، وكان أمره بمكة في العرب مطاعاً لا يثعصى. وكان بمكة رجل من جرهم على دين ابراهيم عليه السلام وإسماعيل، وكان شاعراً، فقال لعمرو بن لُحَيّ حين غيّر دين الحنيفية:

يا عمرو لا تظلم بمكة إنها بلدٌ حرام

سائل بعادٍ أين هم؟ وكذاك تُخترم الأنام

وبني العماليق الذين لهم بها كان السوام

فزعموا أن عمرو بن لُحَيّ أخرج ذلك الجرهمي من مكة)[16]، فسكن ذلك الجرهمي الشام. وقال الازرقي: (فكان عمرو بن لُحَيّ يلي البيت وولده من بعده خمسمائة سنة حتى كان آخرهم حليل بن حُبْشية بن سلول بن كعب بن عمرو بن لُحَيّ، فتزوّج إليه قُصَيّ بأبنته حُبّى ابنة حليل)[17]. وروى الازرقي رواية اخرى جاء فيها: (قامت خزاعة على ما كانت عليه من ولاية البيت والحكم بمكة ثلاثمائة سنة)[18]. وكذلك قال ابن كثير: (واستمرت خزاعة على ولاية البيت نحواً من ثلاثمائة سنة وقيل خمسمائة سنة، والله اعلم)[19].

وقيل ان عمرو بن لُحَيّ كان معاصراً للملك الفارسي سابور ذو الاكتاف، ويقال له ايضاً شابور الثاني (309- 379)م أي في القرن الرابع الميلادي، وهذا الامر ليس بصائب إذا علمنا ان عمر عمرو بن لُحَيّ تجاوز أو قارب الـ 300 سنة ومدة سدانة خزاعة لمكة من زمن عمرو بن لُحَيّ الى انتقالها الى قصي بن كلاب هي بين 300 الى 500 سنة، فإذا صح ان قصي بن كلاب عاش في الفترة (400- 480)م، يكون عمرو بن لُحَيّ قد عاش بين القرن الاول قبل الميلاد الى القرن الاول الميلادي. فيكون عمر الوثنية في مكة وسائر مناطق شبه الجزيرة العربية[20] عدا اليمن حوالي (700-500) سنة. وقيل ان سد مأرب انهار سنة 120ق.م فهو يقوي ان يكون عمرو بن لُحَىّ قد وُلِدَ في القرن الاول قبل الميلاد او قبله بقليل.

اما النبي ابراهيم الخليل (عليه السلام) فهناك تضارب في الفترة التي ولد فيها وهي تمتد في الفترة (2324- 1850)ق.م، ويقول الدكتور احمد سوسة: (إن احدث التحقيقات الآثارية التي توصل إليها العلماء تشير الى ان ابراهيم الخليل (ع) ظهر في القرن التاسع عشر قبل الميلاد أي قبل حوالي اربعة آلاف عام)[21].

أي ان مناطق شبه الجزيرة العربية المشار اليها آنفاً بقيت على دين التوحيد حوالي 2000 سنة، قبل ان يبدأ عمرو بن لُحَيّ دعوته الوثنية فيها. وبذلك يصح ان يقال ان اغلبية تاريخ شبه الجزيرة العربية كان تأريخاً توحيدياً رغم انه موغل في القدم والمعلومات التي وصلتنا عنه قليلة جداً.

وكدليل على انتشار التوحيد في شبه الجزيرة العربية حوالي 2000 سنة المشار اليها آنفاً، إننا اذا راجعنا قصص الانبياء (عليهم السلام) في القرآن الكريم نجد ان اغلبها تدور اما في عصر سابق على عصر النبي ابراهيم الخليل (عليه السلام) او قريب منه او تقع جغرافياً خارج شبه الجزيرة العربية الوطن الام للاسلام ودين التوحيد.

فأما عاد وثمود فلم يرد لهم ذكر في التوراة كما هو حال العديد من الانبياء والصالحين الذين لم تتطرق التوراة التي كتبها اليهود بعد السبي البابلي اليهم، مثل قصة ذي القرنين وغيرهم. فمن الصعوبة ان نحدد من خلال الآثار موقع سكن هاتين القبيلتين او زمن ظهورهما.

قال الدكتور جواد علي: (ورأى "فورستر" وجود صلة بين "عادة"، وهو اسم زوجة "لامك"، وبين "عاد"، وهي والدة "يابال" الذي كان أبًا لسكان الخيام ورعاة المواشي، ونسلها من الأعراب. وقوم عاد من الأعراب كذلك. وذهب أيضا إلى أن هؤلاء هم oaditae وهو اسم "قوم ذكرهم "بطليموس على أنهم كانوا يقيمون في الأرضين الشمالية الغربية من جزيرة العرب، ولعلّهم كانوا يقيمون عند موضع "بئر إرم"، وهي من الآبار القديمة في منطقة "حسمى" على مقربة من جبل يعرف بهذا الاسم في ديلر جُذام بين أيلة وتيه بني إسرائيل. ولا يبعد هذا الموضع عن أماكن ثمود الذين ارتبط اسمهم باسم عاد. وقد أيّد هذا الرأي "شبرنكر" وجماعة من المستشرقين، وهو أقرب الآراء إلى الصواب)[22]. اي انه في منطقة على حدود شبه الجزيرة العربية مع بلاد الشام.

ويمكن ان نستدل من القرآن الكريم على الفترة الزمنية التي عاشتها ثمود وعاد:

حيث قال تعالى عن عاد: ((وَاذكُروا إِذ جَعَلَكُم خُلَفاءَ مِن بَعدِ قَومِ نوحٍ))[23].

وقال تعالى عن ثمود: (((وَاذكُروا إِذ جَعَلَكُم خُلَفاءَ مِن بَعدِ عادٍ))[24].

وقال تعالى: ((أَلَم يَأتِهِم نَبَأُ الَّذينَ مِن قَبلِهِم قَومِ نوحٍ وَعادٍ وَثَمودَ وَقَومِ إِبراهيمَ وَأَصحابِ مَديَنَ وَالمُؤتَفِكاتِ أَتَتهُم رُسُلُهُم بِالبَيِّناتِ فَما كانَ اللَّـهُ لِيَظلِمَهُم وَلـكِن كانوا أَنفُسَهُم يَظلِمونَ))[25].

وقال تعالى عن قوم شعيب (عليه السلام): ((وَما قَومُ لوطٍ مِنكُم بِبَعيدٍ))[26]. اي ان عصرهم قريب بعيد عصر النبي إبراهيم (عليه السلام). فضلاً عن ان قال ابن كثير قال في كتابه البداية والنهاية: (كان أهل مدين قوماً عرباً يسكنون مدينتهم مدين، التي هي قرية من أرض معان، من أطراف الشام ، مما يلي ناحية الحجاز ، قريبا من بحيرة قوم لوط، وكانوا بعدهم بمدة قريبة)[27]. "البداية والنهاية" (1 / 427). أي انهم يسكنون على اطراف بلاد الشام.

وهذا يؤيد ان شبه الجزيرة العربية عدا اليمن كانت تدين بالتوحيد منذ عصر النبي ابراهيم الخليل (عليه السلام) والى عصر عمرو بن لُحَىّ، وان قصص الانبياء (عليهم السلام) اما وقعت في زمن قبل ظهور النبي ابراهيم الخليل (عليه السلام) او قريبة منه او في مناطق خارج شبه الجزيرة العربية.

2. العالم الثاني الذي ذكره الاستاذ هيكل لتحول المؤمنين بالتوحيد الى الوثنية في شبه الجزيرة العربية هو قوله: (وكانت بعض الاحجار البركانية يحال الناس انها ساقطة من السماء منحدرة لذلك من بعض النجوم، ومن ثم اتخذت أوّل أمرها مظاهر لهذه الآلهة الرفيعة وقُدِّسَت بهذه الصفة، ثم قُدِّسَت لذاتها، ثم كانت عبادة الاحجار، ثم بلغ من إجلالها أن كان العربي لا يكفيه أن يعبد الحجر الاسود في الكعبة بل كان يأخذ معه في أسفاره أي حجر من أحجار الكعبة يصلي إليه ويستأذنه في الاقامة والسفر، ويؤدي إليه كل ما يؤدّ ي للنجوم وخالق النجوم من أوضاع العبادة. وعلى هذا النحو استقرت الوثنية وقُدِّسَت التماثيل وقرّبت لها القرابين)[28].

3. وقال الاستاذ هيكل: (وقد ذكر هيرودوت ابو التاريخ المكتوب، عبادة الّلات في بلاد العرب، وذكر ديودور الصقلي بيت مكة الذي يعظمه العرب، فدل ذلك على قدم الوثنية في شبه الجزيرة، وعلى ان دين ابراهيم لم يستقر فيها طويلاً)[29].

مناقشة محمد حسين هيكل:

في كتابه (حياة محمد (ص) ) تسائل الاستاذ محمد حسين هيكل عن اسباب تحول العرب من دين ابراهيم الخليل (عليه السلام) الى الوثنية قائلاً: (كيف رفع إبراهيم البيت مثابةً للناس وأمناً، ليتوجه الناس فيه الى الله مؤمنين به وحده، ثم أصبح من بعد ذلك موئل الاصنام وعبادتها؟ وكيف كانت أوضاع العبادة تؤدّى فيه بعد إبراهيم وإسماعيل، وفي أية صورة كانت تؤدّى؟ ومتى تغيَّرت هذه الاوضاع وتغلبت عليها الوثنية؟ هذا ما لا يحدثنا التأريخ المعروف عنه، وكل ما هنالك فروض يحسبها أصحابها تصف ما كان واقعاً)[30]، ثم بدأ يذكر الاسباب التالية:

1. قال: "الصابئون من عبّاد النجوم كان لهم سلطان كبير في بلاد العرب، وقد كان هؤلاء – فيما يقولون – لا يعبدون النجوم لذاتها وإنما كانوا في بداءة أمرهم يعبدون الله وحده، ويعظمون النجوم على انها مظاهر خلقه وقدرته. ولما كانت كثرة الناس الكبرى أقصر من أن يحيط ذهنها بمعنى الإلوهية السامي، فقد اتخذوا من النجوم آلهة"[31].

ويجاب عنه بأنَّ هؤلاء الصابئون عبدة النجوم ليسوا هم الصابئة المندائيين الموجودين في جنوب العراق، وهم مشتركون معهم بالاسم فقط. فالصابئة المندائيين لهم طقوسهم وكتبهم تالمقدسة التي لم يعرف العرب شيئاً عنها، ولو كان لهم سلطان كما قال الاستاذ هيكل لتناقل العرب شيئاً من طقوسهم. وهم لا يتمكنون من العيش في الصحارى لأن طقوسهم وعباداتهم تحتاج الى التعميد بالماء والغطس فيه، ولذلك تراهم يعيشون على ضفاف انهار جنوب العراق. وعبادة النجوم هي عبادة قديمة حيث انتشرت بعض الفلسفات التي تقول بأن الافلاك هي مدبرة الكون. ومنه قول الله سبحانه وتعالى على لسان النبي ابراهيم الخليل (عليه السلام) وهو يحاجج قومه: ((فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي)).

فالصابئة يقسمون الى قسمين الصابئة الحرانيين والصابئة المندائيين، وقد نسب ابن النديم "تعظيم النجوم الى كلتيهما"[32]. وكذلك قال "في مجمع البيان في تفسير الآية 62 من سورة البقرة قال : "والصابئون جمع صابئ ، وهو من انتقل إلى دين آخر ، وكل خارج من دين كان عليه إلى آخر غيره سمي في اللغة صابئاً . . . والدين الذي فارقوه هو تركهم التوحيد إلى عبادة النجوم أو تعظيمها . قال قتادة : وهم قوم معروفون ولهم مذهب يتفردون به ، ومن دينهم عبادة النجوم . وهم يقرون بالصانع وبالمعاد وببعض الأنبياء"[33].

وفي جواهر الكلام قال الشيخ محمد حسن النجفي الجواهري: (وأما الصابئون ... يعبدون الكواكب ... وقيل : قوم كانوا في زمن إبراهيم ( عليه السلام ) يقولون بأنا نحتاج في معرفة الله ومعرفة طاعته إلى متوسط روحاني لا جسماني . ثم لما لم يمكنهم الاقتصار على الروحانيات والتوسل بها فزعوا إلى الكواكب ، فمنهم من عبد السيارات السبع ومنهم من عبد الثوابت . ثم إن منهم من اعتقد الإلهية في الكواكب، ومنهم من سماها ملائكة . ومنهم من تنزل عنها إلى الأصنام)[34].

"وفي الآثار الباقية لأبي الريحان البيروني في ذكر المتنبئين ما ملخصه مع حفظ ألفاظه: وأول المذكورين منهم بوذاسف ، وقد ظهر عند مضي سنة من ملك طهمورث بأرض الهندواتي بالكتابة الفارسية ودعا إلى ملة الصابئين فأتبعه خلق كثير ... وبقايا أولئك الصابئة بحران ينسبون إلى موضعهم فيقال لهم الحرانية .... وينسبون التدبير إلى الفلك وأجرامه يقولون بحياتها ونطقها وسمعها وبصرها ويعظمون الأنوار ... وكانت لهم هياكل وأصنام بأسماء الشمس معلومة الأشكال مثل هيكل بعلبك كان لصنم الشمس وحران فإنها منسوبة إلى القمر ، ويذكرون أن الكعبة وأصنامها كانت لهم وعبدتها كانوا من جملتهم وأن اللات كان باسم زحل ، والعزى باسم الزهرة ، ولهم أنبياء كثيرة أكثرهم فلاسفة يونان"[35].

وقال السيد الطباطبائي عن الصابئة: (وينسبون التدبير إلى الفلك وأجرامه، ويقولون بحياتها نطقها وسمعها وبصرها، ويعظمون الأنوار ... وكانت لهم هياكل وأصنام بأسماء الشمس معلومة الاشكال كما ذكرها أبو معشر البلخي في كتابه في بيوت العبادات ، مثل هيكل بعلبك كان لصنم الشمس، وقران فإنها منسوبة إلى القمر، وبنائها على صورته كالطيلسان، وبقربها قرية تسمى سلمسين، واسمها القديم صنم سين، أي صنم القمر، وقرية أخرى تسمى ترع عوز أي باب الزهرة ويذكرون أن الكعبة وأصنامها كانت لهم، وعبدتها كانوا من جملتهم، وان اللات كان باسم زحل، والعزى باسم الزهرة ولهم أنبياء كثيرة أكثرهم فلاسفة يونان كهرمس المصري وأغاذيمون وواليس وفيثاغورث وباباسوار جد أفلاطون من جهة امه وأمثالهم)[36]. وقال ايضاً: (كالصابئية التي كانت يؤمئذ من الأديان المعروفة في الدنيا لا يخلو من شيوع في سائر بلادها ووجود جماعة من منتحليه منتشرة في أقطارها . وأما التاريخ فقد ذكر شيوعه كشيوع الوثنية ببابل ووجود معابد كثيرة فيها بنيت على أسماء الكواكب وأصنام لها منصوبة فيها فقد جاء في تاريخ ارض بابل وما والاها ذكر بناء معبد إله الشمس وإله القمر في حدود سنة ثلاثة آلاف ومائتين قبل المسيح ، وفي نصب شريعة حمورابي ذكر إله الشمس وإله القمر وهو مما يقرب زمن الخليل إبراهيم عليه السلام. وقد تقدم فيما نقلناه من كتاب الآثار الباقية لأبي ريحان البيروني: أن يوذاسف ظهر عند مضى سنة من ملك طهمورث بأرض الهند ، وأتى بالكتابة الفارسية، ودعا إلى ملة الصابئين فأتبعه خلق كثير ، وكانت الملوك البيشدادية وبعض الكيانية ممن كان يستوطن بلخ يعظمون النيرين والكواكب وكليات العناصر إلى وقت ظهور زراتشت عند مضى ثلاثين سنة من ملك بشتاسف)[37].

وقال ايضاً: (وذكر المسعودي أن مذهب الصابئة كان نوعا من التحول والتكامل في دين الوثنية وأن الصبوة ربما كانت تتحول إلى الوثنية لتقارب مأخذيهما، وأن الوثنية ربما كانوا يعبدون أصنام الشمس والقمر والزهرة وسائر الكواكب تقربا بها إلى آلهتها ثم إلى إله الالهة. قال في مروج الذهب : كان كثير من أهل الهند والصين وغيرهم من الطوائف يعتقدون أن الله عز وجل جسم، وأن الملائكة أجسام لها أقدار وأن الله تعالى وملائكته احتجبوا بالسماء، فدعاهم ذلك إلى أن اتخذوا تماثيل وأصناما على صورة الباري عز وجل وبعضها على صورة الملائكة مختلفة القدود والاشكال، ومنها على صورة الانسان وعلى خلافها من الصور يعبدونها، وقربوا لها القرابين، ونذروا لها النذور لشبهها عندهم بالباري تعالى وقربها منه. فأقاموا على ذلك برهة من الزمان وجملة من الاعصار حتى نبههم بعض حكمائهم على أن الأفلاك والكواكب أقرب الأجسام المرئية إلى الله تعالى وأنها حية ناطقة، وأن الملائكة تختلف فيهما بينها وبين الله، وأن كل ما يحدث في هذا العالم فإنما هو على قدر ما تجرى به الكواكب عن أمر الله فعظموها وقربوا لها القرابين لتنفعهم فمكثوا على ذلك دهراً. فلما رأوا الكواكب تخفى بالنهار وفي بعض أوقات الليل لما يعرض في الجو من السواتر أمرهم بعض من كان فيهم من حكمائهم أن يجعلوا لها أصناماً وتماثيل على صورها وأشكالها فجعلوا لها أصناما وتماثيل بعدد الكواكب الكبار المشهورة، وكل صنف منهم يعظم كوكبا منها، ويقرب لها نوعا من القربان خلاف ما للاخر على أنهم إذا عظموا ما صوروا من الأصنام تحركت لهم الأجسام العلوية من السبعة بكل ما يريدون، وبنوا لكل صنم بيتا وهيكلا مفرداً، وسموا تلك الهياكل بأسماء تلك الكواكب. وقد ذهب قوم إلى أن البيت الحرام هو بيت زحل، وإنما طال عندهم بقاء هذا البيت على مرور الدهور معظما في سائر الأعصار لأنه بيت زحل، وأن زحل تولاه لان زحل من شأنه البقاء والثبوت، فما كان له فغير زائل ولا داثر، وعن التعظيم غير حائل وذكروا أمورا أعرضنا عن ذكرها لشناعة وصفها. ولما طال عليهم العهد عبدوا الأصنام على أنها تقربهم إلى الله وألغوا عبادة الكواكب فلم يزالوا على ذلك حتى ظهر يوذاسف بأرض الهند وكان هنديا ، وكان يوذاسف خرج من أرض الهند إلى السند ثم سار إلى بلاد سجستان وبلاد زابلستان وهى بلاد فيروز بن كبك ثم دخل السند ثم إلى كرمان. فتنبأ وزعم أنه رسول الله، وأنه واسطة بين الله وبين خلقه، وأتى أرض فارس، وذلك في أوائل ملك طهمورث ملك فارس، وقيل: ذلك في ملك جم ، وهو أول من أظهر مذاهب الصابئة على حسب ما قدمنا آنفا فيما سلف من هذا الكتاب. وقد كان يوذاسف أمر الناس بالزهد في هذا العالم، والاشتغال بما علا من العوالم، إذ كان من هناك بدء النفوس وإليها يقع الصدر من هذا العالم، وجدد يوذاسف عند الناس عبادة الأصنام والسجود لها لشبه ذكرها، وقرب لعقولهم عبادتها بضروب من الحيل والخدع . وذكر ذوو الخبرة بشأن هذا العالم وأخبار ملوكهم: أن جم الملك أول من عظم النار ودعا الناس إلى تعظيمها، وقال إنها تشبه ضوء الشمس والكواكب لان النور عنده أفضل من الظلمة، وجعل للنور مراتب. ثم تنازع هؤلاء بعده فعظم كل فريق منهم ما يرون تعظيمه من الأشياء تقربا إلى الله بذلك. ثم ذكر المسعودي البيوت المعظمة عندهم وهى سبعة الكعبة البيت الحرام باسم زحل، وبيت على جبل مارس بإصفهان، وبيت مندوسان ببلاد الهند، وبيت نوبهار بمدينة بلخ على اسم القمر، وبيت غمدان بمدينة صنعاء من بلاد اليمن على اسم الزهرة، وبيت كاوسان بمدينة فرغانة على اسم الشمس، وبيت بأعالي بلاد الصين على اسم العلة الأولى. واليونان والروم القديم والصقالبة بيوت معظمة بعضهما مبنية على اسم الكواكب كالبيت الذي بتونس للروم الذي على اسم الزهرة ثم ذكر المسعودي أن للصابئين من الحرانيين هياكل على أسماء الجواهر العقلية والكواكب فمن ذلك هيكل العلة الأولى وهيكل العقل. قال: ومن هياكل الصابئة هيكل السلسلة ، وهيكل الصورة وهيكل النفس وهذه مدورات الشكل، وهيكل زحل مسدس، وهيكل المشترى مثلث، وهيكل المريخ مربع مستطيل، وهيكل الشمس مربع، وهيكل عطارد مثلث الشكل، وهيكل الزهر. مثلث في جوف مربع مستطيل، وهيكل القمر مثمن الشكل، وللصابئة فيما ذكرنا رموز وأسرار يخفونها، انتهى . وقريب منه ما في الملل والنحل للشهرستاني . وقد تبين مما نقلناه أولا : أن الوثنية كما كانت تعبد أصناما للالهة وأرباب الأنواع كذلك كانت تعبد أصنام الكواكب والشمس والقمر ، وكانت عندهم هياكل على أسمائها، ومن الممكن أن يكون حجاج إبراهيم عليه السلام في أمر الكواكب والقمر والشمس، مع الوثنية العابدين لها المتقربين بها دون الصابئة كما يمكن أن يكون مع بعض الصابئين في مدينة بابل أو بلدة أور أو كوثاريا على ما في بعض الروايات المنقولة سالفا. على أن ظاهر ما يقصه القرآن الكريم: أن إبراهيم عليه السلام حاج أباه وقومه وتحمل أذاهم في الله حتى اعتزلهم وهجرهم بالمهاجرة من أرضهم إلى الأرض المقدسة من غير أن يتغرب من أرضهم إلى حران أولا ثم من حران إلى الأرض المقدسة، ... وثانيا : أنه كما أن الوثنية ربما كانت تعبد الشمس والقمر والكواكب كذلك الصابئة كانت تبنى بيوتا وهياكل لعبادة غير الكواكب والقمر والشمس كالعلة الأولى والعقل والنفس وغيرها كالوثنية وتتقرب إليها مثلهم)[38].

فأما ما نقله السيد الطباطبائي عن المسعودي قوله: (وذكر المسعودي أن مذهب الصابئة كان نوعا من التحول والتكامل في دين الوثنية وأن الصبوة ربما كانت تتحول إلى الوثنية لتقارب مأخذيهما)، فيمكن مناقشته من حيث إنَّ الصابئة والوثنية هما شيء واحد، وإنما الاختلاف في التسمية فقط، وأما العقيدة فواحدة، غاية ما في الامر ان الصابئة تمثل الجانب النظري لفلسفة تدبير الافلاك والنجوم للكون، بينما الوثنية تمثل الجانب العملي لتلك الفلسفة.

من ذلك يتبين ان الصابئة هي الدين الذي يطلق على معتنقي عبادة الافلاك والنجوم الذين يرونها ارباباً تدير الكون، ومنهم نشأت عقائد الشرك بعبادة الاصنام والاوثان.

2. قال الاستاذ هيكل: (وكانت بعض الاحجار البركانية يحال الناس أنها ساقطة من السماء منحدرة لذلك من بعض النجوم، ومن ثم اتخذت أوّل أمرها كظاهر لهذه الآلهة الرفيعة وقُدسَت بهذه الصفة، ثم قُدّست لذاتها، ثم كانت عبادة الاحجار، ثم بلغ من اجلالها أن العربي لا يكفيه أن يعبد الحجر الاسود بالكعبة، بل كان يأخذ معه في أسفاره أي حجر من أحجار الكعبة يصلي إليه ويستأذنه في الاقامة والسفر، ويؤدّي إليه كل ما يؤدّي للنجوم وخالق النجوم من أوضاع العبادة. وعلى هذا النحو استقرت الوثنية وقُدسَت التماثيل وقرّبت لها القرابين)[39].

نعم هذا الذي ذكره الاستاذ هيكل وارد وممكن حدوثه في الواقع فعلاً إن لم يكن هو ما حدث فعلاً. ولكن هذه الافعال لم تحدث بين ليلة وضحاها، بل يمكن ان تكون قد حدثت تدريجياً ولفترة طويلة ربما تكون قد استمرت لعقود وقرون طويلة مهدت للانحراف الكبير الذي حدث في زمن عمرو بن لُحَىّ. وما ذكره ليس فيه ما يبرر قصر الفترة الزمنية التي قضاها دين ابراهيم (عليه السلام) واستمرار دعوته التوحيدية في شبه الجزيرة العربية لقرون طويلة. وغاية ما يدل عليه تبرك بعض العرب بأحجار الكعبة او بالحجر الاسود أنّه نوع من الشرك الخفي والذي مهّدَ للشرك الجلي في القرن الاول قبل الميلاد على يد الطاغية عمرو بن لُحىّ.

3. قال هيكل: (هذه صورة يصورها بعض المؤرخين لتطوّر المر في بلاد العرب من بناء إبراهيم البيت لعبادة الله، وكيف آل أمره بعد ذلك فصار مستقر الاصنام. وقد ذكر هيرودوت أبو التاريخ المكتوب، عبادة الّلات في بلاد العرب، وذكر دُيودور الصقلي بيت مكة الذي يعظمه العرب، فدل ذلك على قدم الوثنية في شبه الجزيرة، وعلى ان دين ابراهيم لم يستقر فيها طويلاً)[40].

لم يذكر هيكل نص ما كتبه دُيودور الصقلي (80 – 30)ق.م Diodore Sicily وكيف استدل من كتابته على قدم الوثنية في شبه الجزيرة العربية، والا فإنَّ مجرد ما نقله عنه من انه ذكر بيت مكة لا يدل على شيء مما ذكره!

وعلى فرض ان دُيودور الصقلي ذكر وجود الوثنية في جزيرة العرب فهو قد عاش في القرن الاول قبل الميلاد اي في نفس عصر عمرو بن لُحَىّ الذي نشر عبادة الاصنام في شبه الجزيرة العربية، فلا غرابة اذا قال دُيودور الصقلي انه رأى اصناماً وعبادة لها. بينما سبق عصر النبي ابراهيم (عليه السلام) عصر دُيودور الصقلي بحوالي (1800- 1900) سنة، فكيف يزعم الاسنتاذ هيكل عدم استقرار دين ابراهيم (عليه السلام) في شبه الجزيرة العربية طويلاً وهو قد بقي فيها حوالي 19 قرن! بينما دين الوثنية لم ينتشر فيها لأكثر من سبعة قرون فقط!

 

4. قال هيكل: (ولقد قام، في هذه القرون أنبياء دعوا قبائلهم في بلاد العرب الى عبادة الله وحده، فرفض العرب وأصرُّوا على وثنيتهم: قام هود فدعا عاداً، وكانت تقيم في شمال حضرموت الى عبادة الله وحده فما آمن به إلا قليل، فإمّا كثرة قومه فاستكبروا وقالوا له: ((يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين)). وأقام هود يدعوهم السنين، فلا تزيدهم دعوته الا غتوّاً في الارض واستكباراً. وقام صالح يدعو للايمان ثمود، وكانت مساكنهم بالحِجِر بين الحجاز والشام الى وادي القُرى في الجنوب الشرقي من أرض مَديَن القريبة من خليج العقبة، ولم تثمر دعوة صالح ثمود أكثر مما أثمرت دعوة هود عاداً. وقام شُعيب في شعب مدين، وكانوا بالحجاز، يدعوهم الى الله، فلم يسمعوا له فهلكوا ونزل بهم ما نزل بعاد وثمود. وغير هؤلاء من الانبياء قصّ القرآن قصصهم ودعوتهم قومهم لعبادة الله وحده، واستكبار قومهم وإقامتهم على عبادة الاوثان وعلى التوجهبقلوبهم لأصنام الكعبة وحجَّهم إليها كل عام من كل صوب وحَدَب في بلاد العرب. وفي ذلك نزل قوله تعالى: ((وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا)) )[41].

هذا النص يبين أنَّ موضوع التسلسل التاريخي والعصر الذي كان يعيشه الانبياء وفترة ظهورهم كانت غائبة عن ذهن الاستاذ هيكل وهو يكتب سطوره هذه! فهؤلاء الانبياء (عليهم السلام) الذين ذكرهم قد سبقوا عصر النبي ابراهيم الخليل (عليه السلام) في الظهور، وهلكت اقوامهم الوثنية قبل ظهوره وقدونه مع ابنه اسماعيل الى بلاد الحجاز حيث مكة. وبذلك نجد ان انتشار التوحيد في بلاد العرب بعد ظهور النبي ابراهيم (عليه السلام) لم يعيقه وجود اقوام وثنية تم اهلاكها بغضب من الله سبحاه، بل قد يكون هلاك اولئك الاقوام ليكونوا عبرة لغيرهم من القبائل والقرى والمدن العربية تمهيداً لظهور النبي ابراهيم الخليل (عليه السلام) وسبباً من اسباب نجاح دعوته التوحيدية في بلاد العرب والتي بقيت فيها حوالي 19 قرناً، قبل بدء الدعوة الوثنية التي قادها عمرو لن لُحى.

وحتى بعد ظهور الوثنية وعبادة الاصنام في بلاد العرب فهي لم تكن خالصة لها بل كان دين ابراهيم عليه السلام موجود ومعتنقوه عديدون، منهم: رئاب الشيني، قال ابن قتيبة في المعارف: (رئاب بن البراء وهو من عبد قيس من شن كان على دين المسيح وسمعوا قبيل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم منادياً ينادي خير أهل الارض ثلاثة رئاب الشني وبحيرى الراهب وآخر لم يأتِ يعني النبي صلى الله عليه وسلم)[42].

ومنهم زيد بن عمرو بن نفيل، قال ابن قتيبة عنه: (وكان رغب عن عبادة الاوثان وطلب الدين فقتله النصارى بالشام)، وعنه قال ورقة بن نوفل:

رشدت وانعمت ابن عمرو وإنما ... تجنبت تنوراً من النار حاميا

بدينك رباً ليس رب كمثله ... وتركك جنان الجبال كما هيا

ومنهم ورقة بن نوفل قالوا عنه انه تنصر، والظاهر انه كان على دين المسيح عليه السلام اي التوحيد الصحيح، بدليل كلامه الذي نقلناه آنفاً عن زيد بن عمرو بن نفيل وما ذكره ابن قتيبة من ان الاخير قتلته النصارى، فلو كان ورقة من نوفل من النصارى لما مدحه.

ومنهم قس بن ساعدة الايادي، وابو قيس صرمة بن ابي أنس "وهو من بني النجار وكان ترهب ولبس المسوح وفارق الاوثان وهم بالنصارنية ثم أمسك عنها ودخل بيتاً فاتخذه مسجداً لا يدخل عليه طامث ولا جنب وقال اعبد رب ابراهيم، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلم وحسن اسلامه"[43]. ، وغيرهم.

وقد ارسل الله سبحانه وتعالى انبياء في بلاد العربي قبل البعثة النبوية الشريفة منهم: خالد بن سنان، قال ابن قتيبة: (خالد بن سنان بن غيث هو من عبس بت بغيض وروى ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك نبي أضاعه قومه ... وأتت أبنته رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته يقرأ ((قل هو الله احد)) فقالت كان أبي يقول هذا)[44].

وقيل ان هناك نبياً أسمه خالد بن صفوان مرسل الى حمير وهمدان والعزيز من اهل اليمن[45]، وقيل انه نبي أصحاب الرس[46]. كما قيل ان حنظلة بن صفوان ظهر بعد خراب بيت المقدس على يد طيطوس سنة 70م بحوالي 171 سنة[47].

وقيل انه هناك نبياً أسمه عمرو بن الحجر من الازد كان معاصراً او سابقاً لعصر ظهور حنظلة بن صفوان[48].

 

 

 

السيد الطباطبائي ينزه الفلاسفة عن القول بجسمانية الإله!

ومن الغريب ان السيد الطباطبائي ينزه الفلاسفة عن القول بجسمانية الإله! فقال: (وقد ثبت أن فلاسفتهم كانوا ينزهون الله تعالى عن الهيئات الجسمانية والاشكال والأوضاع المادية ويصفونه بما يليق به من الصفات غير أنهم كانوا يتقون العامة أن يظهروا ما يعتقدونه فيه سبحانه إما لعدم استعداد أفهامهم لتلقى ذلك، أو لمقاصد وأغراض سياسية توجب كتمان الحق)[49]!

وفي الحقيقة فقد كان ملا صدرا ممن يقول بالجسمية! واما فلاسفة المسيحية فحدث ولا حرج فهم يقولون بأن المسيح الذي هو عندهم ابن الإله لديه طبيعة ناسوتية اي جسد الى جانب طبيعة لاهوتية أي إلهية! والمسيح عندهم هو الاقنوم الثاني المكون لجوهر اللإله وقد تجسد ولديه ناسوت كما ان لديه لاهوت!!

ففي (التنقيح في شرح العروة الوثقى) في تعليقه على قول صاحب المتن (وأمّا المجسِّمة) قال السيد ابو القاسم الموسوي الخوئي (رضوان الله عليه) (1317- 1413)هـ / (1899- 1992)م عن المجسمة وكلام ملا صدرا (صدر المتألهين) ما نصّه: (وهم على طائفتين : فانّ منهم من يدعي أن الله سبحانه جسم حقيقة كغيره من الأجسام وله يد ورجل إلاّ أنه خالق لغيره وموجد لسائر الأجسام ، فالقائل بهذا القول إن التزم بلازمه من الحدوث والحاجة إلى الحيّز والمكان ونفي القدمة ، فلا إشكال في الحكم بكفره ونجاسته لأنه إنكار لوجوده سبحانه حقيقة . وأما إذا لم يلتزم بذلك بل اعتقد بقدمه تعالى وأنكر الحاجة فلا دليل على كفره ونجاسته وإن كان اعتقاده هذا باطلاً ومما لا أساس له. ومنهم من يدّعي أنه تعالى جسم ولكن لا كسائر الأجسام كما ورد أنه شيء لا كالأشياء فهو قديم غير محتاج، ومثل هذا الاعتقاد لا يستتبع الكفر والنجاسة وأمّا استلزامه الكفر من أجل أنه إنكار للضروري حيث إنّ عدم تجسّمه من الضروري فهو يبتني على الخلاف المتقدم من أن إنكار الضروري هل يستلزم الكفر مطلقاً أو أنه إنما يوجب الكفر فيما إذا كان المنكر عالماً بالحال ، بحيث كان إنكاره مستلزماً لتكذيب النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم). هذا ، والعجب من صدر المتألهين حيث ذهب إلى هذا القول في شرحه على الكافي وقال ما ملخّصه: إنّه لا مانع من التزام أنه سبحانه جسم إلهي، فانّ للجسم أقساماً فمنها: جسم مادي وهو كالأجسام الخارجية المشـتملة على المادّة لا محالة. ومنها: جسم مثالي وهو الصورة الحاصلة للانسان من الأجسام الخارجيـة وهي جسم لا مادّة لها. ومنها: جسم عقلي وهو الكلِّي المتحقِّق في الذهن وهو أيضاً مما لا مادّة له بل وعدم اشتماله عليها أظهر من سابقه. ومنها: جسم إلهي وهو فوق الأجسام بأقسامها وعدم حاجته إلى المادّة أظهر من عدم الحاجة إليها في الجسم العقلي، ومنها: غير ذلك من الأقسام، ولقد صرّح بأن المقسم لهذه الأقسام الأربعة هو الجسم الذي له أبعاد ثلاثة من العمق والطول والعرض. وليت شعري أن ما فيه هذه الأبعاد وكان عمقه غير طوله وهما غير عرضه كيف لا يشتمل على مادة ولا يكون متركباً حتى يكون هو الواجب سبحانه. نعم، عرفت أن الالتزام بهذه العقيدة الباطلة غير مستتبع لشيء من الكفر والنجاسة، كيف وأكثر المسلمين لقصور باعهم يعتقدون أنّ الله سبحانه جسم جالس على عرشه ومن ثمة يتوجهون نحوه توجه جسم إلى جسم مثله لا على نحو التوجه القلبي)[50].

 

ابن رشد وارسطو:

فأما ارسطو فقد قال المختصون بأن ابن رشد هو خير من فهم فلسفته معبّر عنها واعتنقها ولم يَحِد عنها!

يقول د. حسام الآلوسي: (وما عدا ابن رشد فإنَّ أحداً لم يتبع ارسطو خالصاً" ... "إن ابن رشد في فلسفة الوجود هو الممثل الحقيقي لمذهب ارسطو حيث يدافع عن المذهب الارسطي مخرجاً منه كل ما لحق به من عناصر غريبة عنه، على يد الشرّاح وعلى يد الدوائر المسيحية والاسلامية (الفلسفية) وخصوصاً الفارابي وابن سينا، يتجلّى ذلك في (تهافت التهافت) وفي الكشف، وعلى الخصوص في تفسيره لما بعد الطبيعة، حيث يغتنم ابن رشد كل فرصة لفعل هذا مشيراً الى ما أدخله ابن سينا والشرّاح من تشويه في مذهب ارسطو الحقيقي"... "ويذكر شاخت عن ابن رشد التثمين التالي لأرسطو: (إننا نحمد الله كثيراً لأنه قدر الكمال لهذا الرجل – أرسطو – ووضعه في درجة لم يبلغها أحد غيره في جميع البشر في جميع الازمان، وربما كان الباريء مشيراً إليه بما قال في كتابه القرأني: {{قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء}}، إن برهان ارسطو هو الحق المبين ويمكننا أن نقول عنه إن العناية الإلهية ارسلته الينا لتعليمنا ما يمكن علمه)[51]!!

 

 

الفرضيات الاساسية:

تحدث الاستاذ يوسف زيدان عن الفرضيات التي تبناها في كتابه (اللاهوت العربي) والظاهر انه يعتبرها مرتكزات لا تقبل الخطأ! قال: (هناك مجموعة فرضيات تنطلق منها الرؤى التي نقدِّمها عبر فصول هذا الكتاب)[52]. وهي كالتالي:

الفرضية الاولى:

يقول يوسف زيدان: (فمن ذلك فرضيةٌ مفادها أن التراث العربي / الاسلامي، لن يمكن فهمه أو الوعي به، من دون النظر المتعمِّق في الأصول العميقة لهذا التراث الانساني الهائل. أعني الأصول الأسبق زمناً، التي كانت بمثابة مقدماتٍ له، وكان هو بمثابة امتدادٍ لها. وهكذا الحال أيضاً، فيما يخص التراثيات التي تزامنت أو تعاقبتْ في المنطقة المسماة بالعالم القديم، لأي منطقة شرق المتوسط وعمقها الجغرافي المشتمل على (الهلال الخصيب) الممتد شرقاً حتى منطقة القلب الفارسي (الإيراني) وهي المنطقة التي يُشار إليها في الدراسات المسيحية بأسم مبهم عام، هو (المسيحية الشرقية) وهو أسمٌ يصل من الإبهام والعمومية لدرجة أن ملامحه قد تبهَتُ، حتى لا يكاد المسمى به يقع على شيء محدد. إذ إن المسيحية امتدت قبل الاسلام لتصل الى أقاصي آسيا، شرقاً، وكانت تمور بمذاهب كثيرة واتجاهات، كانت (النسطورية) أهمها وأوسعها انتشاراً في قلب آسيا)[53].

هذه الفرضية يمكن أن تصح فيما يخص الموروث الانساني لأنه موروث تفاعلي وتراكمي بين مختلف الحضارات السابقة واللاحقة والمتعاصرة ايضاً. اما فيما يخص التراث الاسلامي فلا يُتَحَدَّث به بهذه الطريقة بل يتم النظر اليه بما هو أصيل وما هو دخيل، بما هو منزَّل من الله سبحانه وتعالى وورد عن النبي (صلى الله عليه وآله) والائمة الاطهار (عليهم السلام) في فترة زمنية تمثل عصر النص المقدَّس امتدت منذ بدء البعثة النبوية الشريفة سنة 610م الى بدء الغيبة الكبرى في حوالي 5 آيار 941م. اي حوالي 331 سنة، عند الشيعة الامامية، أو الى وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) سنة 632م أي حوالي 22 سنة، عند أهل السنة. وبين ما هو دخيل من فهم شخصي لبعض رجال الدين في عصر الامويين والعباسيين، ولبعض الروايات الدخيلة على التراث الاسلامي من ثقافات امم اخرى والتي تعارف على تسمية اشهرها بالاسرائيليات والتي هي دخيلة على التراث الاسلامي من التراث اليهودي. فيجب ان يعترف يوسف زيدان ان هناك في التراث ما هو أصيل غير قابل للتغيير وما هو دخيل ومتغير يمكن تغييره بتغير الزمن والظروف وفق رؤية فقهية منظمة وليست فوضوية عشوائية لكل من هبَّ ودبَّ.

إذن هذه الفرضية الاولى التي بُنِيَ عليها كتاب يوسف زيدان اتضح عدم تماميتها.

 

مصطلح "المسيحية الشرقية":

اما بخصوص مصطلح "المسيحية الشرقية" فيقول الاستاذ يوسف زيدان الذي إنَّه لا يعرف معناه ويجده مبهما!: ("المسيحية الشرقية" وهو أسم يصل من الإبهام والعمومية لدرجة أنّ ملامحه قد تبهَتُ حتى لا يكاد المسمى به يقع على شيءٍ محدد. إذ المسيحية امتدت قبل الاسلام لتصل الى أقاصي آسيا شرقاً وكانت تمور بمذاهب كثيرة واتجاهات، كانت النسطورية أهمها واوسعها انتشاراً في قلب آسيا)[54]. فهو مصطلح نجده يشمل الكنائس الشرقية غير اليونانية: القبطية والاثيوبية واليعقوبية والنسطورية والارمينية والهندية والمارونية والكنائس البائدة في بلد النوبة والشمال الافريقي[55]. إذن مصطلح "المسيحية الشرقية" يتعلق بكنائس محددة لها مشتركات معينة، وليس بمناطق معينة انتشرت فيها المسيحية كما توهم يوسف زيدان!

وهناك تعابير اخرى الظاهر ان المسيحيين يستخدمونها، حيث " تُقسم الكنيسة الشرقية اليوم إلى العديد من الكنائس منها:

§ أرثوذكسية مشرقية (أصحاب مصطلح الطبيعة الواحدة) مثل الكنيسة القبطية وكنيسة أنطاكية (الكنيسة السريانية الأرثوذكسية) والكنيسة الأرمنية والكنيسة الأثيوبية

§ أرثوذكسية شرقية مثل كنيسة اليونان وقبرص وكنيسة روسيا ومعظم كنائس أوروبا الشرقية وكنيسة سيناء وغيرها.

§ كنيسة المشرق (سموا كذلك بالنسطورية) وهم أصحاب مصطلح الطبيعة المنفصلة للمسيح وعرفت لاحقًا بكنيسة المشرق الآشورية أو السريان المشارقة والتي منها انشقت الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية وغيرها وتقسم اليوم إلى كنيسة المشرق الآشورية وكنيسة المشرق القديمة"[56].

والظاهر ان لدى يوسف زيدان توجه لسلب المصطلحات معانيها من اجل طمسها فيما بَعدْ بَعدَ ان يسلبها قيمتها العلمية والتاريخية، وقد وجدنا هذا في مصطلحات (الديانات السماوية) و(مقارنة الاديان) و(الاديان التوحيدية)، وهنا مصطلح (المسيحية الشرقية)! فهو يسعى لنسف كل الماضي التراثي من أجل تأسيس مفاهيم ذهنية بوهيمية[57]يريد لها ان تشيع وتنتشر حتى لو لم يسعفها الواقع والتاريخ شيئاً من اجل استمراريتها، من قبيل مصطلح (اللاهوت العربي) الذي اعترف نفسه بأنه مصطلح جديد[58]!

الفرضية الثانية:

قال الاستاذ يوسف زيدان: (والى جانب ه ذه الفرضية هناك فرضية اخرى مكملة لها مفادها أنه في حالة (التزامن) والمعاصرة بين الدوائر التراثية المتداخلة فإنه لا يشترط بالضرورة أن يؤثر الأقدم زمناً في الأحدث منه أو التالي عليه. فأحياناً يحدث العكس، فيؤثر اللاحق في السابق حين يتعاصران. والأمثلة الدالة على بداهة هذه الفرضية عديدة)[59]، ثم يذكر مثال أثر الافلاطونية المحدثة في التراث اليهودي الاسبق منها ظهوراً من خلال شروح فيلون الاسكندري للتواراة وتأويلاته لنصوص العهد القديم، وإدخال فكرة البعث والقيامة وما يتعلق بها من اخرويات في الفكر اليهودي تأثراً بالمسيحية والاسلام، ومثال ثالث هو كتابة القواعد والتنظيمات الكنسية والقوانين المنظمة لحياة المسيحيين في كتاب من قبل القس ابا الفرج بن الطيب (المتوفى 435هـ - 1043م) في زمن العباسيين وأطلق عليه أسم (فقه النصارى) تأثراً بالتراث الاسلامي، ونقل ابن العسّال المسيحي نصوصاً كثيرة منه، وكان قبطياً، في كتابه: تلخيص قوانين الكنيسة. ثم قال يوسف زيدان: (نخرج من ذلك بحقيقة مهمة هي أن التفاعل بين الديانات الثلاث لم يقتصر على التعاقب الزمني بين اليهودية والمسيحية والاسلام، وإنما تعدَّى ذلك الى تفاعلات عميقة في الأصل العميق لكل منهم، وإلى عمليات جدلية مؤكَّدة أن جوهر الديانات الثلاث في واقع الامر هو جوهار واحد وإن اختلفت تجلياته بحسب الزمان والمكان)[60]!!

وفي الحقيقة فإن المقدمة التي قدَّمها غير مرتبطة بالاستنتاج الذي استنتجه، فكون هناك تلاقح حضاري بين حضارتين او تراثين لا يعني ان جوهرهما واحد، ومثال ذلك هو ما ذكره نفسه من تأثير الالفلاطونية في المسيحية، فالالفلاطونية المحدثة لم تكن جزءاً من اليهودية ولا الاسلام كما انها لا تشترك مع المسيحية بجوهر واحد، ومع ذلك أثَّرت فيها. وقد ناقشنا آنفاً – في فقرات سابقة - فكرة اشتراك الاديان الثلاثة بجوهر واحد وبيَّنّا عدم تماميتها. كما ان ما ذكره من تأثر اليهودية بالمسيحية والاسلام فأدخلت على عقائدها الدينونة والحساب في اليوم الآخر هو وَهْمٌ، فقد كان هناك صراع فكري بين اليهود الفريسيين القائلين بالحساب الأخروي، وبين اليهود الصدوقيين الرافضين لوجوده، وهذا الامر قبل ظهور المسيحية.

 


الهوامش:

 

[1] شرح أصول الكافي / مولي محمد صالح المازندراني / تعليق ابو الحسن الشعراني - ج 2 ، هامش ص 290

[2] أي التوراة واسفار الانبياء والتواريخ والاشعار المقدسة عند اليهود.

[3] القرآن الكريم، من سورة (المؤمنون).

[4] القرآن الكريم، من سورة (النمل).

[5] شرح أصول الكافي / مولي محمد صالح المازندراني - ج 2 - ص 290.

[6] المفصَّل في تاريخ العَرب قبل الإسلام / د. جواد علي - ج6 ص50.

[7] القرآن الكريم، من سورة (المؤمنون).

[8] سورة البقرة، الآية (186),

[9] سورة غافر، الآية (19).

[10] سورة الحجرات، الآية (16).

[11] سورة فصّلت، الآية (53).

[12] سورة فصّلت، الآية (54).

[13] سورة الاسراء، الآية (96).

[14] اخبار مكة / ابو الوليد محمد بن عبد الله بن احمد الازرقي، توفي 250هـ - ص155 و159 و160.

[15] المصدر السابق – ص164.

[16] المصدر السابق – ص164 و165.

[17] المصدر السابق – ص166.

[18] المصدر السابق – ص168.

[19] البداية والنهاية / ابن كثير الدمشقي / تحقيق علي شيري - ج2 ص236.

[20] نقصد بشبه الجزيرة العربية المنطقة المحددة بين الخليج الفارسي من الشرق والبحر الاحمر من الغرب والمحيط الهندي من الجنوب ومنطقة الهلال الخصيب من الشمال أي العراق وبلاد الشام.

[21] العرب واليهود في التاريخ / الدكتور احمد سوسة - ص250.

[22] المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام / الدكتور جواد علي – ج1 ص301.

[23] سورة الاعراف، الآية (69).

[24] سورة الاعراف، الآية (74).

[25] سورة التوبة، الآية (70).

[26] سورة هود (عليه السلام)، الآية (89).

[27] البداية والنهاية / ابن كثير (توفي 774هـ) / تحقيق علي شيري – ج1 ص213.

[28] حياة محمد (ص) / محمد حسين هيكل – ص108.

[29] المصدر السابق – ص108.

[30] المصدر السابق – ص108.

[31] المصدر السابق – ص108.

[32] دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الاسلامية / الشيخ منتظري - ج3 ص401.

[33] المصدر السابق - ج3 ص394.

[34] جواهر الكلام / الشيخ الجواهري / تحقيق محمود القوجاني – ج30 ص45.

[35] دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الاسلامية / الشيخ منتظري - ج3 ص401 و402.

[36] تفسير الميزان / السيد الطباطبائي - ج1 ص195.

[37] المصدر السابق - ج7 ص236 و237.

[38] تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج 7 – ص(237-240).

[39] حياة محمد (ص) / محمد حسين هيكل – ص108.

[40] المصدر السابق – ص108.

[41] حياة محمد (ص) / محمد حسين هيكل – ص108 و109.

[42] المعارف / ابن قتيبة (متوفى 276هـ) – ص59.

[43] المعارف / ابن قتيبة (متوفى 276هـ) – ص61.

[44] المصدر السابق – ص61.

[45] كنز الفوائد / ابو الفتح الكراجكي (متوفى 449هـ) – ص178.

[46] عمدة القاريء / أبو محمد بدر الدين العيني – ج17 ص73.

[47] مستدرك سفينة البحار / الشيخ علي النمازي الشاهرودي – ج5 ص199.

[48] عمدة القاريء / أبو محمد بدر الدين العيني – ج19 ص129.

[49] تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج 7 - ص 240.

[50] التنقيح في شرح العروة الوثقى / تقرير بحث السيد الخوئي (رض) للشيخ علي الغروي (رض) - ج3 ص70-72.

[51] أزلية العالم ودور الإله عند إبن رشد / د. حسام محي الدين الآلوسي – ص(87-89)، وص122.

أيضاً: تراث الاسلام / شاخت - ج2 هامش ص67.

[52] اللاهوت العربي / يوسف زيدان – ص32.

[53] المصدر السابق – ص32.

[54] اللاهوت العربي / يوسف زيدان – ص32.

[55] تاريخ المسيحية الشرقية / تأليف عزيز سوريال عطية احد مؤسسي جامعة الاسكندرية – ص11.

[56] الموقع الالكتروني ويكيبيديا الموسوعة الحرّة، تحت عنوان: (الكنيسة السريانية الأرثوذكسية).

[57] يستخدم مصطلح البوهيميون اليوم لوصف فنانين يعيشون ويدعون إلى التفكير الحر المطلق غير المقيد محاولة منهم لاضفاء أسلوب خاص في نتاجهم الأدبي أو الفني، لذلك فهم لا يمتثلون في سلوكهم وأعمالهم إلى أعراف المجتمع وتقاليده. بالإضافة الي انه استخدم لوصف نوع من الديكور العشوائي الغير مقيد بفكره محددة. {انظر: الموقع الالكتروني ويكيبيدا الموسوعة الحرّة، مادة بوهيمية}.

[58] اللاهوت العربي / يوسف زيدان – ص46.

[59] المصدر السابق – ص32.

[60] المصدر السابق – ص33.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نبيل محمد حسن الكرخي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/09/29



كتابة تعليق لموضوع : نقد كتاب اللاهوت العربي ليوسف زيدان – (3/8)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net