صفحة الكاتب : الشيخ مظفر علي الركابي

هل تستطيع الجيوش الألكترونية أن تهزم هذه القوى في المستقبل
الشيخ مظفر علي الركابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 إن أي دولة في العالم يتكون جيشها من ثلاثة قوى 

١- القوة البرية 
٢- القوة البحرية
٣- القوة الجوية

وكلما كانت تلك الدولة تمتلك معدات متطورة  ، وتكنولوجيا حديثة وخاصة في القوة الجوية استطاعت أن تكسب المعركة إلى صالحها . 
 وفي كثير من الأحيان تتجنب باقي الدول الإحتكاك بتلك الدولة المتطورة ، ومحاولة الابتعاد عنها أو مسايرتها ، وربما التحالف معها ، والدول الضعيفة تتسابق في عقد الاتفاقيات معها لأجل حمايتها 
وفي الغالب تلك الدولة المتطورة تقوم بمناورات حربية هنا او هناك لإبراز ما لديها من قدرات ، الغاية منها إرهاب عدوها من جانب ، وبعث رسائل لباقي الدول بأن تبتعد عن مناكفتها أو المساس بمصالحها من جانبٍ آخر .
ولكن الغالب في معظم الدول المتقدمة في قواها العسكرية تستخدم البطش ، وياخذها الغرور ، ويركبها الكبرياء ، فترتكب حماقات ، وربما تخلق فتن هنا وهناك لأجل تحقيق بعض المصالح ، حتى لو كانت هذه المصالح الضئيلة بحرق دول ، واشعال مناطق في أتون حرب ، أو إبادة شعب . 
المهم أن تبقى هي الرقم الأول في العالم وكأن شعارها ( قد أفلح اليوم من استعلى ) 
بينما في الطرف المقابل يذكر لنا القرآن الكريم عن دولة كانت تمتلك جيشاً ضخماً ، وقائداً محنكاً ، عُرِفَ بالحكمة من نعومة أظفاره ، حيث كان جالس إلى جانب أبيه الذي كان خليفة بيده السلطة التشريعية ، وبنفس الوقت بيده السلطة القضائية وحصلت حادثة لاثنين متنازعين في امرٍ ما فحكم فيها الأب الخليفة بحكم ، بينما هذا الولد حكم فيها بحكم مخالف لأبيه فصوب الله حكم الولد ، فكانت هذه الحادثة فيها دلالة على نبوغه وذكائه وفطنته واهليته للقضاء والقيادة ، ولما حَلَّ محل أبيه في السلطة ، كان عنده جيشاً متطوراً جداً .
والغريب أن كل الدول يتكون جيشها من البشر في أقسامه الثلاثة ، إلا هذا القائد كان جيشه خلاف ذلك ، حيث يتكون جيشه من قوى لم يعهدها زمانه ولا أي زمان ، إلا في زمانٍ واحدٍ سوف يأتي الحديث عنه . 
أما أقسام جييشه وقواه هي كالآتي 
١- القوة البرية من البشر 
٢- القوة البحرية من الجن 
٣- القوة الجوية من الطيور 
وهذا ماذكره القرآن الكريم عن ذلك القائد ، وذلك الجيش .
قال تعالى : {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ} [النمل : 17]

أما القوة البرية : فكانت بتعداد وضخامة لها هيبة ورعب وخوف حتى لدى المخلوقات الأخرى ، بل أصغر المخلوقات حيث نقل كلامها القرآن حين تتحدث عن جيش سليمان البري {حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} [النمل : 18]

أما عن القوة البحرية :  فتتحدث بعض الآيات عن غواصين ،  ، وهذه القوة البحرية تمثلت بالجن ، يقول تعالى : {وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ} [ص : 37]
بل ذكرت الآية قضية البناء ، فما هي هذه الأبنية المبدعة المدهشة في ذلك ، وهم جيشه من الجن يقول تعالى : {...وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ} [سبإ : 12]
وهنا نذكر بعض نماذج من أعمالهم {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ ۚ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبإ : 13]
وهؤلاء الجن قسمان قسم مسخرٌ تحت خدمته ويأتمر بأمره ، ومن ينحرف عن الأمر السليماني فله عذاب السعير . 
والقسم الثاني المتمردين من الجن فهم في سجون نبي الله سليمان ، يقول تعالى : {وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ} [ص : 38]

أما القوة الجوية : فقد تمثلت في شيئين
الأول : الطيور 
وقد ذكرت الآية الإطلاق فلم تُقيد في صنف معين ، لذلك تشمل كل الطيور بدون استثناء ، لكن ما كانت مهمة الطيور في جيش نبي الله سليمان ، هل استطلاع فقط ، أم مشاركة بالقتال ، أم لعمليات التجسس ، أم للتضليل عليه كما ذكرته بعض الروايات ، لكن الكل وارد ومحتمل . 

الثاني : من صنف القوة الجوية ( هي نفسها القوة الجوية ) 
وهي الرياح التي سخرها الله لنبيه سليمان ، حيث يقول تعالى : {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ} [ص : 36]
وقوله تعالى : {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۚ وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ} [الأنبياء : 81]
وكذلك : {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ۖ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ ۖ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ} [سبإ : 12]
وإن كانت هي شيء مادي لكن سخرها الله لأحد أوليائه ، وهي جند من جنود الله ، وكل ما في الكون هو من جنود الله .
قال تعالى : {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [الفتح : 7]
وقال تعالى : {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ ۗ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الفتح : 4]
وقال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} [الأحزاب : 9]
إذا ً الريح هي من جنود الله يسخرها الله في نُصرة أوليائه .

وهنا ملاحظة مهمة : يذكر الله أن هناك عنصر بارز في هذه الأقسام الثلاثة .
ففي القوة الجوية كان العنصر البارز في هذا الجيش ( أي جيش الطيور ) وهو ( الهدهد ) من دون باقي الأصناف . 
لماذا الهدهد ؟ 
لا أعرف لابد فيه من ميزة أو مزايا خاصة ميزته عن باقي الطيور ، لكن لنرجع للقران ونرى ما هي المهمة التي تكفلها ، يقول تعالى 
{وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ 20 لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ  21
فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ   22 إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ 23 وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ 24] النمل}
عملية استخباراتية ومعلومات بمنتهى الدقة ، وهذه ميزة هذا الطير 
أولاً : المعلومات التي عندي يقينية وليست ظنية.
ثانياً: النظام السياسي في هذا البلد ملكي ، وفيه نوع من الديمقراطية بالنسبة للمرأة التي تحكمهم .
ثالثاً : سلطتها واسعة ولها إمكانيات هائلة . القوة العسكرية أو التطور المدني 
رابعاً : الجانب العقائدي هم مشركون ، عبدوا الشمس دون الله ، وبين له السبب ، هو الشيطان . 
ما هذا التقرير المفصل ، وما هذه الدقة في المعلومات ، لا أدري أي ذكاء يمتلكه هذا الطير .
أما في القوة البحرية : كان هناك العنصر المميز في جيش الجن وهو ( عفريت ) لكن ليس اي عفريت ، وذلك لما طلب نبي الله سليمان إحضار عرش ملكة سبأ طلب من جيشه من له القدرة على إحضاره ، قبل أن تصل الملكة إلى بيت المقدس ، وهي مسألة ربما في ذلك الزمن يستغرق السفر فيها على الجمال أو الخيل إن لم تكن شهراً فهي أسابيع ، فقال له ذلك العفريت كم قصه لنا القرآن الكريم {قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} 38  {قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ ۖ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} [النمل : 39]
فهذا الجندي في جيش نبي الله سليمان ، قال ساعات ويكون العرش عندك . 
فلم يعجب نبي الله سليمان هذا الجندي لأنه فيه تأخير نوعاً ما ، بالرغم أن هذا العفريت ذكر أن له صفتين
الأولى : صفة القوة ، ولا بد من توفرها في الجندي 
والثانية : صفة الأمانة ، وكذلك لا بد من توفرها في الجنود ، وهذا هو عكس ما نراه الآن في الجيوش البشرية في أي مكان في العالم . 
لم يرتضِ نبي الله سليمان ، قول هذا العفريت ، فأراد من هو اسرع من ذلك ، وهذا هو الموجود في القسم الثالث من جيشه . 

القوة البرية : العنصر المميز فيه هو من استطاع إحضار عرش الملكة قبل أن ينطبق جفن نبي الله سليمان . 
يا لله ما هذا ! 
هل استطاع العلم الحديث أن ينقل جسم مادي من مكان إلى مكان ثانٍ بجزء من الثانية ، بل في دقيقة ، بل في ساعة . 
لا أدري إن كان البشرية اليوم مع هذا التقدم التكنولوجي أن تستطيع فعل ذلك ، لكن القرآن الكريم يثبت هذه الحقيقة ، فيقول الله عز وجل : {قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [النمل : 40]
فأي تقدم علمي وتكنلوجي كان يمتلكه ذلك العبد وهو وصي نبي الله سليمان ، بل أي أسرار كان ينطوي عليها سره ، نعم إنها المشيئة الإلهية تُعطي بعض العباد من المعاجز ما يعجز البشر عن مجاراتها فضلاً عن تقبلها . 

إذا ً هذه الحكومة الإلهية العادلة المتمثلة بحكومة نبي الله سليمان ، كانت حكومة مصغرة ولم تستوعب الكرة الأرضية بالكامل ، وإنما أدخر الله الأطروحة الإلهية الكاملة لشخص يظهر في آخر الزمان ليملأ الله به الأرض قسطاً وعدلا ً بعد أن مُليئت ظلما ً وجوراً ، وهو الإمام الحجة ابن الحسن عجل الله تعالى فرجه وسهل مخرجه ، وسوف يسخر الله الكون كله لأجله ويكون جيشه وزراءه من أهل الإختصاص وعباقرة الفن ، ويظهر من العلوم والتكنولوجيا ما يدهش البشر . 
وإن غداً لناظره قريب .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ مظفر علي الركابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/12/11



كتابة تعليق لموضوع : هل تستطيع الجيوش الألكترونية أن تهزم هذه القوى في المستقبل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net