صفحة الكاتب : الشيخ عبد الحليم العبادي

مسؤولية الأبوين في تربية الطفل
الشيخ عبد الحليم العبادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 تربية الطفل مسؤولية كبيرة مُلقاة على عاتق الأبوين، فلذا نرى أن الإسلام أولى رعاية الأطفال وتربيتهم من قبل الوالدين اهتماماً خاصاً، فقد جاء عن النبي الأعظم(ص): (الولدُ سيدٌ سبع سنين، وعبدٌ سبع سنين، ووزيرٌ سبع سنين، فإن رضيت خلائقه لإحدى وعشرين سنة، وإلا ضرب على جانبيه، فقد أعذرت إلى الله) (وسائل الشيعة: ج15). 
ففي السبع الأولى من عمره: يتحرك الطفل، يلعب، ويمرح، ويطلب، ويقترح، ويأمر، وينهى كما يشاء دون أي قهر وجبر له على شيء، سوى ما يوجه به من توجيهات بكل لطف ورحمة ورقة. وفي السبع الثانية يُعامل معاملة العبد، أي يطلب منه أن يطيع مربيه فيما علمه من أدب علماً وعملاً. وفي السبع الثالثة: وهو دور المراهقة الذي يرى المراهق فيه نفسه أكبر من واقعها بكثير، يحسن من المربي أن يداري فيه هذا الإحساس، بأن يستشيره في أمور كما يستشير الملك وزيره، ولعل التشبيه بالوزير يشير إلى تنمية معنوياته، وشعوره برجولته، وتدريبه على التفكير بشؤونه وشؤون الآخرين عن طريق إشراكه في الرأي دون الأخذ برأيه مطلقاً، وإنما يُؤخذ بالصواب منه، ويُنبَّه على الخطأ.
أما رعاية الطفل من قبل الأم، الذي يبتدئ من حين فطامه إلى حين بلوغه، لكن إذا توفرت بعض الدوافع الذاتية لرعاية الطفل، ومن أهم تلك الدوافع:
1- إنها أصبر من غيرها، وأحرص على تربية أطفالها ورعايتهم للدوافع الفطرية التي أودعها اللهُ تعالى في نفس إنسان مولود على الفطرة، من توحيد الله تعالى، وحبّ الخير وبغض الشر وهكذا...
2- إنها الأكثر علماً وخبرة بنفسيات أبنائها أطفالاً وكباراً، والأوسع دراية وإمعاناً في أخلاقهم.
3- الحاجة الملحة والطبيعية والعلاقة بين الطفل وأمه، وسرعة استجابته لها بحكم الفطرة، فهو بذل ما في وسعه من أجل كسب رضاها، وتنفيذ رغباتها متى شاءت، فلذا تكون مسؤوليتها كبيرة وخطيرة من الرعاية والتربية لأطفالها، فإن هي أحسنت القيام بهذا الدور كما ينبغي فهي الأم الصالحة الوفية لأبنائها ومجتمعها.
أما مسؤولية الأبناء تجاه الوالدين، فهي مسؤولية أعظم، فقد قرن سبحانه وتعالى رضاه برضا الوالدين، قال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا). فيجب على الأولاد احترام الأبوين وطاعتهما لفضلهما عليهم؛ لأنهما سبب وجودهم، وعماد حياتهم، وقوام فضلهم ونجاحهم في الحياة.
 لا ريب أن الوالدين قد جاهدا ما استطاعا في رعاية وتربية أبنائهما مادياً ومعنوياً، وتحمّلا في سبيلهم أشد الصعوبات، وأقسى المشاق، حيث الأم اضطلعت بمتاعب العمل وأعبائه، وعناء الوضع ومخاطره، ومشقة الإرضاع وعنائه، بالإضافة إلى ما تبذله من جهد كبير في التربية والمداراة، وما تلاقيه من آلام ومعاناة. 
وأما الأب فقد اضطلع بأعباء الجهاد، والسعي في توفير العيش الرغيد لأبنائه وتأديبهم وتثقيفهم كما لا يخفى على أحد، بالإضافة إلى إعدادهم للحياة السعيدة الهانئة والمستقبل الزاهر؛ فيتحتم على الأبناء أن يقدّروا فضل الأبوين، وعظيم ما بذلوه لهم، ويجازوهم بما يستحقونه من الإجلال والتوقير والعرفان والبر والإحسان والتكريم والرعاية السامية؛ فقد جاء في الحديث الشريف: (إن ريح الجنة ليشم من مسيرة خمسمائة عام، ولا يشمّه عاق لوالديه). وعن الرسول الأعظم(ص) أنه قال: (يُقال للبار بوالديه اعمل ما شئت فأني سأغفر لك، ويُقال للعاق اعمل ما شئت فأني لا أغفر لك).
وروي أن موسى(ع) ناجى ربَّه يوماً وقال: (يا ربِّ أيُّ شيء أحسن الطاعات؟ قال الله تعالى: برّ الوالدين)(الأخلاق في حديث ص49).
وقد ورد أن صياداً أتى النبي(ص) وقال: يا رسول الله إني رجل عاص فامرني بعمل أنجو به من النار؟ قال(ص): هل لك أبوان؟ قال: نعم. قال(ص): (اخدمهما فأن رضا الله عند رضاهما، الجنة تحت أقدام الأمهات). وفي مقابل ذلك يجب على الأبناء أن لا يعقوهم مطلقاً، ولا ريب فان ذلك من موجبات الرحمة الإلهية والمغفرة الربانية، والظفر بجنة عالية قطوفها دانية.
ولاشك أن للعقوق آثاراً سلبية في الحياة الدنيا، وعذاباً أليماً في الآخرة، ويكون ممقوتاً عند الله تعالى ورسوله، ولا يقبل له صلاة ولا عملاً... وفي رواية عن النبي(ص) أنه قال: (إن لسانَ العاق يقفل عند وفاته، ولم يستطع قول لا إله إلا الله، ويلي أمره رجل أسود اللون قبيح المنظر، وسخ الثياب، نتن الرائحة، ويأخذ بكظمه، ويمنعه من التشهد). اللهم ارزقنا رضاك، ورضا والدينا، ورضا أهل بيتك عليهم السلام آمين يا ربّ العالمين.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ عبد الحليم العبادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/08/06



كتابة تعليق لموضوع : مسؤولية الأبوين في تربية الطفل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net