صفحة الكاتب : فؤاد فاضل

مطابخ الخوف
فؤاد فاضل

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لا اريد الاشارة لاحد , او النيل من احد في مقالي هذا , كما اني لاارغب بتوجيه اي استفزاز لاى كان باستخدام كلمة ( الخوف ) .. الا انني اليوم وجدت ومن خلال قراءتي المتواضعة للواقع العام ان حالة من التربص والانتظار تسود الجميع , المواطن والسياسيين والحكومة والشارع العراقي بكل تفاصيله . وتلمست شعورا عاما هو اقرب للخوف من المجهول ساعة الانتظار , انتظار نتيجة ما لقرار ما لربما سيعمل على قلب معادلات كثيرة وتغيير حسابات وتوقعات لم تكن بالحسبان لدى صانعي القرار السياسي العراقي , الرحلات المكوكية الاخيرة مابين اضلاع ثلاثة بغداد واربيل والنجف ومايحدث وراءها من حوارات مبهمة , وبرغم الاعلان من خلال وسائل الاعلام عن فحوى تلك اللقاءات الا انها تبقى مبهمة ومجهولة الهوية من حيث المصدر الاساسي الذي يقف وراء كل هذا , .. العراقيون بطبيعة تكوينهم ليسوا جميعا على خبرة عميقة في مجال صناعة القرار , وهذا ليس انتقاص من ثقافتهم السايسية , انما هو امر طبيعي فبرغم الانفتاح والتعددية  والحرية التي هي اقرب الى الشكلية بالراي , الا ان ذلك كله لم يعزز الثقة الحقيقية بين المواطن والمسؤول الامر الذي جعل حالة الخوف لدى العراقيين من امور ربما ستحدث وهي في ظروف كثيرة لاتبشر بخير .. ولعلي استثني المراقبين منهم للحدث السياسي العراقي الذي يتسم غالبا بعنصر المفاجاة في تغيير المواقف التي تحكمها في ظرف ما المصلحة العامة او الخاصة , وهذا يتوقف بالطبع على صاحب القرار بشخصه , والا فان انتقال طاولات الحوار شمالا او جنوبا هو الاكثر اثارة للقلق ولربما تعدى حالة القلق الى الخوف اذا ما انتقلت طاولة الحوار هذه الى ( خارج الحدود ) حيث مطابخ الخوف من قرار ( مستورد ) لايعرف العراقي الى اين سينتهي به الحال بعده  , والامر الذي يعزز حالة القلق هو استمرار الانتقال من مكان لاخر سعيا وراء القرار او الخيار الاكثر ضررا بالحياة العراقية السياسية والاقتصادية والاجتماعية .. ولقد شهدنا من هذا الكثير فالحدود قريبة والاشقاء الستة الذين يحيطون بنا تختلف نواياهم ومقاصدهم بحدود مايسمح به الزائرون او العابرون اليها رغبة منهم في طلب المشورة او النصيحة او اجراء تعديل على هيكلية الدولة العراقية او تغييره بالكامل , الامر الذي جعل ابواب المطابخ العربية مفتوحة امامهم بشهية واضحة حيث لايكفي صناع القرار العراقي في مطابخنا ( المحلية ) , فالقرار التركي او السوري او السعودي لايقل ضررا من غيره لانه اصلا يعتمد مصلحة ذاك البلد , ولاننا نحن الساعين اليه وليس هو من ارسل في طلبنا فأنه بالنتيجة سيفرض رؤيته السياسية على بعض مصادر القرار العراقي , ورغم الكثير مما كشفته الايام لنا الا ان الكثير من رجالنا السياسيين قد عمدوا الى تدويل قضايا لم تكن بحق تستحق التدويل , فما ان حدثت قضية داخلية حتى سارع الرجل السياسي العراقي الى حمل اوراقه وملفاته والذهاب بها راكضا الى اقرب شقيق له من الحدود العراقية / العربية , وكأن ( الحلول المحلية ) لدينا قد نفذت وبات رجال السياسة عندنا عاجزون عن حل اللعز فيما بينهم , فليس امامهم سوى الاشقاء الذين ما احبوهم يوما من الايام الا  لحاجة في نفس يعقوب . ويبقى المواطن العراقي ينتظر رحمة ( مستوردة ) تعمل وكانها حلا سحريا على تفتيت ازماتنا وخيباتنا المتوارثة , وامعانا في تعطيل احلامنا المؤجلة .. وقد وصفت عنواني ب ( مطابخ الخوف ) لان الخوف مازال رفيقا لنا في حلنا وترحالنا .. صناعة القرار العراقي صار هو الخوف بعينه .. وليس بعيدا عنا ما اقدم عليه صدام حين قرر في ليلة وضحاها اجتياح بلد امن مثل الكويت , واقتياد بعضا من رجاله ونسائه اسرى لاشباع رغبته الدموية  بمزيد من الامعان باذلال اهله .. وكانت هذه الخطوة نتيجة لقرار تم طبخه في لحظة طيش , وكان ماكان .. ومنذ عقود مازلنا حتى هذه الساعة ندفع ثمن خطا وقع فيه رجال ملأت رؤوسهم الغطرسة والانفلات .. وهو الخوف ذاته الذي مازال يطارد كل عراقي من ان الذي يحدث اليوم مازال يثير حالة الترقب قياسا للعقد الاخير الذي مر علينا وما تخلله من  الخيبات والازمات . . ولا اخفيكم سرا ايها السياسيون , ولا اريد ان اهمس في اذانكم بل اصرخ باعلى صوتي واقول لكم نعم اننا خائفون منكم وجلون من قراراتكم ووعودكم وانجازاتكم الوهمية التي مازادتنا الا فقرا وجعلتنا نفكر مرة اخرى للعودة الى دول المنفى التي اكلت منا احلى سنين عمرنا العراقي الذي مازال يهدده الانهيار في كل لحظة , المنفى الذي دفن فيه أغلى شعراءنا وادباءنا وعلماءنا ورجالنا وعقولنا العراقية , بقيت كلها خارج الحدود وماتت خارج الحدود ودفنت في مقابر الغرباء ( الجماعية ) دون ان يحضر عزيزا عليهم من ذويهم ليلقي على قبورهم باقة للورد او يذرف عليهم دمعة واحدة , وبقيت شواهد قبورهم بلا اسماء الا كونهم عراقيون غادروا بصمت خلسة وخوفا ودفنوا بصمت تاركين وراءهم بصماتهم التي مازالت محفورة على بعد الاف الاميال .. 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فؤاد فاضل
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/06/02



كتابة تعليق لموضوع : مطابخ الخوف
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net