صفحة الكاتب : عقيل هاشم الزبيدي

البنية التاريخية المتحولة إلى الاسطورة.
عقيل هاشم الزبيدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تعد واقعة كربلاء سنة إحدى وستين للهجرة من أكثر وقائع التاريخ الإسلامي اشتهارا ،وقد تناول هذه البنية المعاصرين من الكتاب مايعرف اليوم من صراع السلطة في المعجم السياسي بينما سار الآخرون إلى باحة الاجتهاد العقائدي ،وإذا علمنا إن نظرية الخلافة الإسلامية تقوم على ثنائية (الديني- السياسي)فيجتمع الإمام والحاكم في شخصية واحدة (الخليفة)دون فصل وبالنتيجة سيحدث تقاطع   بين العقيدة والسلطة محاولة احتواء القرار المستند على أسس و أصول الدولة الاسلامية0والتي أوصى بها الرسول (ص) المؤسس لنظرية الدولة لكل الأحرار في العالم وهذا الحدث التاريخي القائم على التنصيب الإلهي المبني لاعلى أساس الزعامة القريشية والتنافس على زعامات وعصبية قبلية كانت في الجاهلية محركا إلى العداوة  والدخول في حروب ليس لها أخر مما أدى هذا التراكم التاريخي المشحون بالمصالح بالنتيجة الكبرى إلى بلورة صيغة (مبدأ القوة)و إلى ماجرى في كربلاء من قراءة للبناء الدرامي للأحداث اللاحقة وما نص عليه الإمام الحسين(ع) من مبدأ (قوة المبدأ) للبناء الهرمي للحوار الجاد في البرنامج الرسالي لبث المساواة والعدالة بين امة اختارها الله لتكون القدوة بين الأمم بل المثل الأعلى 0
 كربلاء لم تكن واقعة تاريخية وإنما معركة حضارية تجسدت فيها وتلخصت كل تجارب البشرية من ادم إلى يوم استشهاد الحسين(ع)ولاحت منها كل معاني الحياة وفلسفتها ورسمت للمستقبل خطوطه ووضحت للأجيال اهدافهاحيث كانت أعظم معركة في التاريخ بين الحق والباطل كما جرى ذلك لأدم وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد(ص)وعلي(ع) التي شكلت لنا الحسين(ع) في أروع مثال لقيم السماء ،وبين قابيل والنمرد وفرعون وطغاة قريش التي تجسدت في أرذل وأقبح صورة في التاريخ وهي يزيد بن معاوية 0هذه الحادثة التي اختصرت لنا الطريق لاستقراء واستنطاق كل التاريخ حتى يعيننا في تحدياتنا الحضارية بل تكفي هذه الحادثة لتفجير ثورة حضارية في كل زمان ومكان وذلك بما سجلته كربلاء من بمعاني الحضارة وأسسها ومقوماتها وأسبابها ،فكربلاء هي رمز التضحية من اجل القيم والمبادئ 0 إن الاحتجاج الإنساني بكل مافيه من رفض وتحد للعجز حين اثر الإمام(ع)الموت على الحياة وعدم الاستسلام العابر من حاجيات الدنيا بما تحمله من متع وملذات ،فالكثير من قضايا التاريخ قد ارتهنتها حوافر الأيام ولم يكتب لها البقاء ،بعد أن تحولت إلى كلمات عقيمة وأحاديث نجترها أو نلوكها بألسنتنا،ولم نعبا لما فيها من قيم تاريخية مفتعلة،ذلك لأنها حوادث ذات صناعية دراماتيكية محسوبة لم يكتب لها الاستقرار وبالتالي نراها عرضة للزوال والاندثار 0 إن فهمنا لجوهر انتفاضة الإمام الحسين(ع)يبدأ من اكتشاف المغزى الأساس لصدمة الأمة الإسلامية ،وماالت إليه الأمور زمن خلفاء بني أمية وخصوصا ثاني خلفائها ،ومدى العجز الذي أبداه العديد من ساير أبناء الدعوة الإسلامية من الصحابة وماتركه في نفس سليل بيت الرسول(ص)من صدمة في تدهور الأمة ،هذا الأثر  انعكس عجزه نتيجة استسلام الرجال للتدهور خلال حكم بني امية0 حتى إن الإمام (ع)حدثهم عن أنفسهم وعن واقعهم وعن زيف حياتهم ،حدثهم كيف إنهم استصرخوه على جلاديهم ثم انكافوا مع هؤلاء ورضوا بالواقع السيئ في بناء أسس للفساد في دولة فتية رغم إحساسهم بالدونية زمن حكم أمية خانعين مستسلمين،يفهم من ذلك إن العقل المنطقي لكل ما جرى يأتي ضمن تشكل العقيدة في العلاقة القائمة بين الخالق والمخلوق باعتبار إن الإسلام عقيدة إلهية تهدف لقيام نظام حياتي متكامل يؤسس لسعادة الإنسان في ضوء منظومة حياتية دقيقة بدليل رسالة الإمام(ع)لااخية محمد بن الحنفية في تلك الوصية أراد عليه السلام أن يورث اليقين عبر أعمال العقل الرشيد فيقول(إني لم اخرج أشرا ولابطرا ولامفسدا ولا ظالما ،وإنما خرجت لطلب الإصلاح في امة جدي ،أريد أن أمر بالمعروف وانهي عن المنكر0)
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عقيل هاشم الزبيدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/12/14



كتابة تعليق لموضوع : البنية التاريخية المتحولة إلى الاسطورة.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net