صفحة الكاتب : عزيز الخزرجي

ألمظاهرات ألرّماديّة؛ بين آلحقيقة و آلتّزيف
عزيز الخزرجي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
حكمة تايلندية لفتت انتباهي و جعلتني أفكر بالأحتجاجات ألأخيرة في المناطق الغربية و الأنبار بالذّات, تلك ألحكمة تقول:
 
[إذا كان أباك لصاَ فلا تطمح أن تكون قاضياً]!
 
*تفوّه الكثير من الخطباء ألمشاركين في الأحتجاجات بمصطلحات ببغائيّة و تافهة في كثير من بياناتها, مثل:
 
"خونة, عملاء لأميركا و إسرائيل وإيران". لأن آلحقيقة شيئ آخر قد لا يعرفه معظم العراقيين و العرب.
 
منذ أن بدأت ألاحتجاجات ألرّماديّة في بعض ألمدن ألغربية وآلرّمادي بآلذّات قام بعض الانتهازيين باستغلالها استغلالاً وضيعاً .. حيث ضاعت مطالب المحتجين التي خرجوا من اجلها و إختلطت ألأمور عليهم, خصوصاً حين قام البعض بتأجيج العواطف العشائرية و المشاعر الطائفية بإطلاق أتفه الكلمات على أبناء وطنه الذين يختلفون عنه مذهبياً.
 
دعني أتناول موضوع التواجد الأميركي في العراقي منذ 2003 و لغاية2011 و ما شابه من مغالطات و مزايدات وطنية زائفة.. أريد أن ادخل في صلب الموضوع بدون كلمات فضفاضة مثل الأخوة, الشراكة الوطنية, ألتوافقيه و "إسلام سنة و شيعة هذا الوطن منبيعة"... أريد أن ابتعد عن تلك آلشعارات و الدبلوماسية بسرد بعض الحقائق ألمؤلمة بصيغة موضوعية و مهنية مؤثقة!
 
*رفع أبناء محافظة الأنبار أعلام ألنظام ألصّدامي السابق بطريقة استفزازية و نسوا أنّ هذا العلم عَلَمَ نظام إستباح مدنهم و قتل أطفالهم و نسائهم في صيف عام 1995 وحتى قبل ذلك بعد إعدام المرحوم اللواء محمد مظلوم الدليمي و العميد الركن وضّاح الشاوي في أيار 1995, و ثار إثرها أبناء الأنبار ضد النظام و لكن كانت ثورة عشائرية و مطالبها هي اخذ الثأر لإعدام ابن عشيرتهم بعد أن كان صدام قد وعدهم بوضع "الدليمي و الشاوي" تحت الإقامة ألجبريّة، و لكنه – أي النظام الصدامي - لم يفي بوعده, بل جعل من مدينة الرمادي مدينة أشباح لمدة 45 يوما و أطلق عليها اسم "المحافظة السوداء" بعد أن كانت "المحافظة البيضاء" لدور أبنائها من قادة الحرس الجمهوري و المخابرات بقمع انتفاضة الجنوب عام 1991
 
حارب العراق لمدة 8 أعوام إيران بجيش أغلبية جنوده وشهداءه وأسراه ومعوقيه ومفقوديه من أبناء الشيعة والمحافظات الجنوبية, و أغلبية ضباطه و أنواط شجاعته و سياراته و قطع أراضيه لأبناء الأنبار و المناطق الغربية ألسُّنية, حيث كان ابن الجنوب (ابن ألخايبة) يُقاتل ثمان سنين كجندي أو عريف و يموت في الجبهة و إذا لم يمت هناك .. فسيموت تعذيبا أو رميا بالرصاص من قبل سرايا الإعدام أو في مديريات الأمن التي يشرف عليها أبناء المناطق الغربية, و هكذا كان يموت الشيعي ابن الجنوب في سبيل ( البوابة الشرقية), و في نفس الوقت كنت تجد (ألرّاوي و الحديثي و الدليمي و الكبيسي و العاني و آلتكريتي) يدرسون الطب و الهندسة و العلوم الأخرى في ارقي الجامعات الأميركية و البريطانية أو تجده في جامعة الأمن القومي أو في جامعات بغداد ليتخرج منها و يصبح ضابط امن أو مدير ناحية نائية في الجنوب آلعراقي أو وسطه.
 
*رفع المتظاهرون صور أوردغان التركي ألذي جعل بلاده قاعدة للأمريكان و الصهاينة, و نسوا بأن العثمانيين مسخوا الشعب العراقي حين تسلطوا عليه قروناً و إستعبدوه أيما إستعباد!
 
 
 
*يتهم أبناء المناطق الغربية أبناء الجنوب و الشيعة على أنهم من جاء بالاميركان لاحتلال العراق!
 
علما أن مدينة أم قصر قاومت 7 أيام و البصرة 5 أيام و الناصرية لأسبوعين حتى أسروا جنود أمريكان و منهم؛ العريف (جاسيكا لنتش)، بينما شيوخ العشائر في المناطق الغربية اتفقوا مع الاميركان في فندق (ألرّويال) عمان؛ على دخول القوات الأميركية بدون أي مقاومة!
 
 
 
*إحتجّ أبناء ألنجف ألأشرف على دخول الفوج الأول التابع للفرقة 101 المظلية لمركز المدينة يوم 2 نيسان 2003 و رموا الجنود بالحجارة  وفي تلك الحادثة المشهورة انسحبت تلك القوات وأدى آمر الفوج المقدم "كريس هيوز" التحية للجموع!
 
 
 
*بعد يومين من تلك الحادثة استمتع قائد الفرقة 82 المظلية اللواء "تشارلس سوانك" بغذاء (مفطح) في قصر صدام    الرئاسي مع شيوخ الأنبار ألرّماديين .. بآلمناسبة الاميركان سَمّو ذلك القصر بـ (بلو دايموند) أيّ الماسة الزرقاء.
 
 
 
*طلب الحاكم المدني "بول بريمر" أللقاء بالسيد السيستاني في النجف أكثر من مرّة فرفض آلسيد السيستاني و مراجع النجف ذلك, بينما إلتقى الشيخ المرحوم "جمال عبد الكريم ألدبّان" مفتي الديار العرقية ( توفي 2007) بالجنرال "ريموند اودييرنو" قائد الفرقة الرابعة في تكريت 5 مرات عامي 2003-2004, و مرّة واحدة قبل وفاته عام 2007 أيضا بول بريمر و كذلك مرة واحدة مع آلجنرال "باتيس" قائد الفرقة الأولى للمشاة.
 
 
 
علما أن القوات الاميركية ألقت القبض على الشيخ المرحوم "عبد الكريم الدبان" مع "إبنته" لعدّة ساعات عام 2006 و أطُلق سراحه بسبب ضغط الشارع العراقي مع اعتذار من قبل قائد القوات الاميركية في العراق الجنرال "جورج كيسي"
 
في أول زيارة لـ "بول بريمر" للأنبار في شهر أيار 2003 إلتقاه جميع شيوخ العشائر و رجال ألدين ألرّماديين بالبهجة  و السرور, بينما منعه أهل النجف ألشّرفاء حتّى من نزوله من الهليكوبتر و أسمعوهُ الهوسة ألمشهورة ألمعروفة التي تقول:
"إنزل يبريمر.. قبرك حضرناه".
 
*من الناحية المادية و اللوجستية؛ ألمحافظات ألسُّنية كانت أكثر المستفيدين من الوجود الاميركي 2003-2011 حيث أصبحت محافظات الأنبار و صلاح الدين و نينوى و حتى كردستان من أكثر المحافظات إستيعابا للقوات الاميركية فمحافظة نينوى تتمركز فيها الفرقة 101 بقيادة ألجنرال "بتريس" الذي يفتخر بقولة (أنا مصلاوي) و الفرقة الرابعة للمشاة بقيادة الجنرال "ريموند اودييرنو" في تكريت, و الفرقة 82 المظلية بقيادة الجنرال "تشارلز سوانك" في الأنبار و بعدها خلفتها الفرقة الأولى للمارينز بقيادة اللواء "ماتس" 2003-2005, علماً أن آلأدارة الأمريكية رصدت عبر وزارة الدفاع لكل قائد فرقة تمركزت لمدة سنة واحدة 25 مليون دولار لشراء ولاء الشيوخ و رجال الدين, بينما محافظات الجنوب و الوسط تمركزت فيها قوّات الدول ألمُحالفة الفقيرة التي دخلت التحالف لغرض الاستفادة ماديا من أميركا!! فكانت القوات الايطالية في الناصرية و الاسبانية في الديوانية و الاوكرانية في الكوت و البريطانية في البصرة و العمارة و البولندية في الحلة, أما اكبر القواعد العسكرية هي قاعدة (الاسد) في الأنبار و (كيو ويست) في نينوى و (انكاندا) في بلد , ومعسكر (سبايكر) في تكريت, ومعسكر (ورييرز) في كركوك و (كامب فلوجة ) في الفلوجة, حيث تتطلب هذه القواعد الدعم اللوجستي مثل البناء و الماء و الغذاء و حماية الطرق المؤدية إليها و المترجمين و الجواسيس و المستشارين , فمن يستطيع أنْ يوفر هذه الخدمات غير شيوخ العشائر بعقود سخية!؟
 
*بعد اتفاقية الانسحاب من العراق حاول الجيش الأميركي من إبقاء قاعدة (الأسد) وجعلها قاعدة دائمة لهم وكانت الاتفاقات تجري في الأردن مع وجهاء المحافظة وأعضاء مجلسها , ولكن الحكومة المركزية(ألشّيعية) رفضت رفضا قاطعا وجود أي قاعدة على الأراضي العراقية.
 
*زار الرئيس الأميركي ألسّابق "جورج بوش" محافظة الأنبار بزيارة خاصة عام 2007 للقاء بشيوخ عشائرها و تقديم الشكر لهم على تعاونهم مع القوات الأميركية لطرد فلول القاعدة, حيث استقبله شيوخ العشائر بآلترحيب و كأنه إبن مدينتهم، فيما الذين يتهمون أبناء الجنوب بالعمالة استقبلوه بشعارات مندده بآلأحتلال...! كما رماه شاب شيعي بالحذاء عندما "زار" بغداد ... مع تحفظي على ما فعلة ذلك الشاب!
 
بجانب كل ما ذكرنا نتساأل بالمناسبة من الذي جاء بالقاعدة لمحافظة الأنبار؟
 
من قدم لهم الشكر؟ و من آواهم و أعطاهم الأمان و السلاح لمقاتلة الجيش العراقي و الحكومة من أجل تضعيفها بأوامر مركزية من الأمريكان و بدعم مالي سخي من السعودية و قطر؟
 
لماذا لم يسيطر أبناء الرمادي على الطريق الدولي في تلك الفترة لحماية أبناء وطنهم من الجماعات الإرهابية التي كانت تسيطر على الطريق الدولي و تذبح بالمسافرين الشيعة!؟
 
...تأسيس ألصّحوات كان ردّة فعل أهل الأنبار على استفحال داء القاعدة و قتل أبناء المحافظة التي جاءت بهم لقتل (الشروگية) فقط .. لا لقتل أبناء المنطقة الغربية , و لكن عندما بدأت القاعدة بالسّيطرة على آلرّمادي بالذات و قتل ممّن جاء بهم , قامت العشائر بأخذ الثار بمساعدة وغطاء أميركي , و أول شرارة للصحوة بدأت من القائم بقيادة أحد زعماء عشيرة "الكرابلة" المرحوم أسامة الجّدعان الذي أغتيل بشكلٍ غامضٍ و ربما من منافسيه بتأريخ 28 /5/2006.
 
... اخذ زعماء وعناصر الصحوات الذين خدموا سابقا من القاعدة الجانب الأميركي وعملوا ضد القوات الحكومية واستلموا رواتبهم من قيادة الفرقة الأولى للفرسان المتواجدة في معسكر "النصر", و بعد الانسحاب الأميركي طلبوا اللجوء إلى أميركا هم وعوائلهم لأنهم مطلوبون من قبل الحكومة العراقية بتهمة الانتماء للقاعدة.
 
كيف للإنسان أن يصنع سلاحا فتاكا قاتلا للبشرية , و بعدها يطلب من الناس أن تكرّمه لأنه صنع درعا واقيا لهذا السلاح؟
 
مطالب أبناء الأنبار و المناطق السنية بإطلاق سراح النساء من السجون فيه بعض المغالطات و الازدواجية ، فهناك نساء غُرّر بهن من قبل القاعدة و حاولن قتل أناس أبرياء هذا حقّ مشروع بإيداعهن في السجون مع احترام حقوقهن الإنسانية, و أيضا لأهل الأنبار الحق بالمطالبة بإطلاق سراح (ابنتهم) ساجدة الريشاوي المودعة في السجون الأردنية منذ عام 2005 حيث فشلت بتفجير نفسها و قتل أناس أبرياء ذنبهم كانوا فرحين بزواج ابنة المخرج العالمي مصطفى العقاد الذي قتل بتفجير زوج ساجدة الريشاوي لنفسه.
 
أما عن القادة السياسيين و شيوخ الصحوات من أبناء الأنبار و المناطق السنية، فلسوف انتظر كتاب العقيد المتقاعد الأميركي (ريك ولتش) ربما يسرد اجتماعاته مع ما يسمون أنفسهم قادة (مقاومة) و بعدها (الصحوات) , هذا سرد حقائق لا اتهام بالتخوين أو العمالة وإنما هو جزء من التأريخ الموثق من قبل دوائر التوثيق الأميركية و السيّر الذاتية للضباط الذين خدموا في العراق!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عزيز الخزرجي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/02/28



كتابة تعليق لموضوع : ألمظاهرات ألرّماديّة؛ بين آلحقيقة و آلتّزيف
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net