صفحة الكاتب : رعد موسى الدخيلي

آية الله العظمى السيد محمد محمد صادق الصدر إستشهدَ فتركَ مشروعَهُ يتيما
رعد موسى الدخيلي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

السيد محمد بن محمد صادق بن محمد مهدي بن إسماعيل الصدر (1943-1999)هو رجل دين  ومرجع شيعي عراقي معروف؛ كان من مُعارضي النظام العراقي في فترة حكم  حزب البعث العربي الاشتراكي وقد عُرف بنشاطه المُناهض للنظام وهو الذي أدّى لاغتياله.

ولد في يوم المولد النبوي الشريف في 17 ربيع الأول عام 1362 هجريه الموافق 23 آذار 1943 م  في مدينة النجف الأشرف، ونشأ في أسرة دينية معروفة ضمت علماء كبار منهم والده  السيد محمد صادق الصدر وجده لأمه آية الله العظمى السيد محمد رضا آل ياسين وهو من المراجع المشهورين وتزوج من بنت عمه السيد محمد جعفر الصدر ورزق بأربعة أولاد منها هم مصطفى ومقتدى ومؤمل ومرتضى.

لقد درس على يد عدد من العلماء الشيعة الكبار ومنهم ؛ آية الله العظمى السيد محسن الحكيم وآية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي وآية الله العظمى السيد روح الله الموسوي الخميني والشهيد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر  .

تصدى للمرجعية الدينية وسعى للحفاظ على الحوزة العلمية في النجف وقام بخطوات كبيرة في هذا المجال وفقاً لما تتطلبه الساحة الفكرية والحياة العصرية وقام بإرسال العلماء إلى كافة أنحاء العراق لممارسة مهامهم التبليغية وتلبية حاجات المجتمع وبادر إلى إقامة المحاكم وفق المذهب  الشيعي وتعيين العلماء المتخصصين للقضاء وتسيير شؤون أبناء المجتمع وأقام صلاة الجمعة وأمَّها بنفسه في مسجد الكوفة بالنجف الأشرف،وتعميم إقامتها بمدن العراق الأخرى ،رغم منعها في ذلك الوقت،مما ولد لدى النظام الحاكم في العراق الذي كان يرأسه صدام حسين خوفاً من خطر مباشر على مستقبله. 

ويروى؛ أنه شارك في (الانتفاضة الشعبية الشعبانية عام(1991كقائد لها لبضعة أيام لكن سرعان ما تم اعتقاله من قبل عناصر من الأمن بعد عودة السلطة الصداميّة وقمع الانتفاضة التي أطلق عليها صدام حسين اسم (صفحة الغدر والخيانة) . وهنا ؛ لابد أن يسجل شيعة العراق موقفاً نذلاً آخراً على الإدارة الأمريكية آنذاك،عندما أعلنت الحظر على سلاح الجو الصّدامي في العراق ، إلا أنها عندما رأت انتفاضة شيعة العراق ووصولهم تخوم العاصمة بغداد من النعمانية شرقاً والمحمودية شرق وغرب مداخلها الجنوبية ، هنا؛ أعلن بوش الأب:(إنَّ نظام صدام حسين الضعيف خيراً لنا من نظام على غرار النظام الإيراني) ، عندها انسحبت القوات الأمريكية الغازية خارجَ الحدود العراقية،تاركة الأرض والسماء للطائرات الحربية الصّدامية التي قصفت الأخضر واليابس .. حتى مراقد الأئمة الأطهار في كربلاء المقدسة والنجف الأشرف .. معاقل الثوار .

أصبح الصدرُ مصدرَ إلهام روحي لأغلب أتباع المذهب الجعفري ، سواء كانوا عرب أم عجم على إثر ذلك،هناك ظهر للشهيد الكثير من الأعداء الذين أثار حفيظتهم بعد أن ارجع المذهب الجعفري إلى مكانته الروحية في قلوب الناس, وفي يوم الجمعة الرابع من ذي القعدة الموافق التاسع عشر من شباط 1999 وبينما كان الصدر برفقة ولديه مؤمل ومصطفى في سيارته عائداً إلى منزله في الحنانة أحد مناطق النجف الأشرف تعرض لملاحقة من قبل سيارة مجهولة فاصطدمت سيارته الميتسوبيشي بشجرة قريبة وحسب التقارير الطبية والشهود العيان أن المهاجمين ترجلوا من السيارة وأطلقوا النار على السيد الصدر ونجليه وتوفى ابنه مؤمل الصدر فورا أما السيد محمد محمد صادق الصدر فقد جاءته رصاصات عدة ولكنه بقى على قيد الحياة وعند نقله إلى المستشفى تم قتله برصاصة بالرأس من قبل المجرم محمد حمزة الزبيدي، أما ابنه مصطفى أصيب بجروح ونقل إلى المستشفى من قبل الأهالي وتوفى هناك اثر الجراح. فشهدت مناطق جنوب العراق ومدينة صدام(مدينة الصدر حاليا)أعقاب استشهاد السيد الصدر اضطرابات ونزاعات عسكرية سمّيت بانتفاضة الصدر1999،حيث قامت مجاميع مسلحة بالهجوم على قوات الأمن ومراكز الشرطة ومقرات حزب البعث في الجنوب.

في ظل تحولات خطيرة وكبيره عاشها العراق وأدخلته في ظروف الحصار والجوع والقمع الداخلي المتزايد ، تصدى الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر للمرجعية ولم يحسب أحد في حينه أن هذه المرجعية ستخلق ظاهرة تحوّل كبيرة،وستقود جهدا تغييرياً للواقع العراقي وستهز هذا الواقع من جذوره،ومن ثم تواجد أنماطا جديدة من علاقة المرجع بالسياسة وعلاقته بالسلطة وعلاقة بالأمّة وإصلاحا حوزويا واجتماعيا بالشكل الذي حصل ، وبالإضافة إلى ذلك تكتشف آليات إصلاح وآليات تواصل ومنظومة مفاهيمية لم تكن سائدة ومتعارفة ، وتشكل إبداعا ذاتيا وخصوصيات لتجربة مرجعيته ، وأضافت إلى تجارب الفقيه الشيعي عبر التأريخ الثوري ، إضافات معرفيه وفقهيه واضحة ، معززه بسلوكية ثورية ، وخيار "فقهي" استشهادي،له خصوصيته ووضوحه،ولم يكن هذا التوصيف ممكنا لمرجعية الشهيد محمد الصدر إلا بعد تراكم سريع،وربّما غريب في سرعته،لفاعلية وفعالية مرجعيته ميدانياً بنهضة متسارعة ومتواصلة وشمولية ومتكاملة شقت طريقها وسط صعوبات بالغه ومتاعب جمة وإشكالات واعتراضات عادة ما ترافق المناهج الإصلاحية المرجعية الثورية ، التي تشكل هزات عنيفة لواقع راكد تحوّل إلى ما يشبه الثوابت التي لا يمكن الخروج عليها ، خصوصا في بلد مثل العراق حكم إلى نمطيه معينه من علاقة المرجع بالسياسة منذ ثورة العشرين . 

ولد السيد الشهيد محمد الصدر في  17 ربيع الأول عام 1362 هجريه الموافق 23/ 3/ 1943 في مدينة النجف الأشرف  ، أما نسبه فيرجع إلى الامام موسى الكاظم عليه السلام ، وهو من أسرة الصدر المعروفة بالفضل والتقى والعلم والعمل ومكارم الأخلاق ، وقد كانوا مشعلا للهداية والنور ومركزاً للزعامة والمرجعية الدينية . تخرّج الشهيد محمد الصدر من كلية الفقه في النجف الأشرف في دورتها الأولى عام 1964 م ، وكان من المتفوقين في دروسه الحوزوية كما تؤكد روايات زملائه من تلاميذ أستاذه وابن عمه المرجع الشهيد محمد باقر الصدر (تزوج ثلاثة من أولاد الصدر الثاني وهم مصطفى ومقتدى ومؤمل من بناته) . وباشر سماحته بتدريس الفقه الاستدلالي (الخارج) أول مرّة في عام 1978م ، وكانت مادة البحث آنذاك من (المختصر النافع) للمحقق الحلي ، وبعد فتره باشر ثانيه بإلقاء أبحاثه في الفقه والأصول أبحاث الخارج عام 1990م ، واستمر في ذلك متخذا من مسجد الرأس الملاصق للصحن الحيدري الشريف مدرسة وحصنا روحيا،لأنه أقرب بقعه من جسد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام . بذل الشهيد الصدر الثاني جهودا كبيره في بحوثه عن الإمام المهدي المنتظر(عج) ، وأصدر موسوعة بهذا الصدد قال عنها الشهيد الأول محمد باقر الصدر قدس الله نفسه الزكية :{ وسأقتصر على هذا الموجز من الأفكار تاركا التوسع فيها وما يرتبط بها من تفاصيل إلى الكتاب القيم الذي أمامنا ، فإننا بين يدي موسوعة جليلة في الإمام المنتظر عليه السلام وضعها أحد أولادنا وتلامذتنا الأعزاء وهو العلامة البحاثة السيد محمد الصدر- حفظه الله - وهي موسوعة لم يسبق لها نظير في تاريخ التصنيف الشيعي حول المهدي -عليه السلام - في إحاطتها وشمولها لقضية الإمام من كل جوانبها ، وفيها من سعة الأفق وطول النفس العلمي واستيعاب الكثير من النكات واللفتات ما يعبّر عن الجهود الجليلة التي بذلها المؤلف في انجاز هذه الموسوعة الفريدة ، وإني أحس بالسعادة وأنا اشعر بما تملأه هذه الموسوعة من فراغ وتعبّر عنه من فضل ونباهه وألمعيه وأسال الله المولى سبحانه وتعالى أن يقر عيني به ويريني فيه علما من أعلام الدين ) . 

لقد درس قدس الله روحه عند الامام الخميني ، والشهيد محمد باقر الصدر ، وآية الله الخوئي ، وآية الله الحكيم وآخرين ، فعندما يتجاوز المشترك الفقهي لهؤلاء الثلاثة رضوان الله تعالى عليهم ، يمكن القول إنه رحمة الله عليه ؛ استلهم الفكر الثوري من تجربة ودروس أستاذه الإمام العظيم الخميني قدس الله نفسه الزكية ، واستلهم هم المشروع التغييري في العراق من تجربة ودروس ونظريات أستاذه آية الله شهيد القرن محمد باقر الصدر رضوان الله تعالى عليه الذي يعد أكبر مفكر إسلامي في العصر الحديث ، ولذا يمكن القول أنَّ الشهيد الصدر الثاني عليه الرحمة قد وظف بالإضافة إلى قدراته الفقهية التقليدية تجربتين في تجربته ، التجربة الخمينية ، والتجربة الصدرية الأولى ، فهو توجّهَ بكل جهوده إلى الجانب الإصلاحي العملي الذي يحقق حضورا تغييريا في وسط الأمّة ، بعد أنْ لاحظ إنَّ المرحلة التي يمر بها العراق هي بحاجه إلى المرجعية الحاضرة وسط الأمّة والى إصلاح الحوزة من جانب آخر ، والمتابع لحركة الشهيد يقرأ بوضوح التجربتين في عمله ونشاطه مؤلفات الشهيد : 1 – ما وراء الفقه عشر أجزاء 2- موسوعة المهدي ثلاث أجزاء 3- فقه الأخلاق 4- نظرات إسلاميه في إعلان حقوق الإنسان 5- القانون الإسلامي 6- أشعة من عقائد الإسلام 7- منهج الصالحين رسالة عمليه 8- فلسفة الحج 9- بحث حول الرجعة 10- كلمه في البداء 11- حديث حول الكذب 12- فقه الموضوعات الحديثة 14- فقه الفضاء 15- منهج الأصول 16- أضواء على ثورة الإمام الحسين 17- منة المنان في الدفاع عن القرآن يصل إلى خمسين ج 18- مسائل في حرمة الغناء 19- التنجيم و لا سحر . هذا مختصر مفيد عن حياة شهيدنا الغالي الصدر ومن أراد أن يتوسع في ذلك وخصوصا في مشروعه التغييري فليرجع إلى كتاب الأستاذ عادل رؤوف(مرجعية الميدان).

الحالة هذه؛ والأمّة الإسلامية والمذهب الشيعي وأتباعه في العراق اليوم ؛ بأمس الحاجة إلى قيادة روحية ثورية .. بحاجة إلى مرجعية تستوعب الجماهير وتقودها نحو وحدة الهدف والغايه !


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رعد موسى الدخيلي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/09/01



كتابة تعليق لموضوع : آية الله العظمى السيد محمد محمد صادق الصدر إستشهدَ فتركَ مشروعَهُ يتيما
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net