صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

القوي لا يأكل القوي!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الأسد لا يأكل أسدا وإنما غزلانا يشتهيها ويترصدها , والذئب لا يأكل ذئبا لكنه يأكل نعجة لا حول ولا قوة عندها إلا أن تثاغي وترتجف.

والأسد لا يُطارد فأرا أو أرنبا , وإنما عزة قوته الغابية تحتم عليه أن يتخير فرائسه السمينة اللذيذة الطعم.

وفي الغاب الأقوياء يستثمرون بالفرقة والتفرد بالفرائس , فلا يمكن لأي قوي أن يخترق تماسك القطيع أو إعتصامه ببعضه , لأنه يشكل قوة مدمرة لأي قوي مداهم.

ومن عجائب الغاب أن المخلوقات الضعيفة تتقاتل فيما بينها وتقضي على بعضها لحاجتها للشعور بالقوة , وكأن هذا الشعور من ضرورات الإحساس بالحياة.

وفي عالم البشر تنطبق هذه المنظومة التفاعلية على السلوك ما بين الدول والقوى المتصارعة فوق التراب الذي أشبعته نجيعا.

فالأقوياء يهابون بعضهم ويتحرزون من أي خطأ أو زلة تتسبب بمواجهة بينهم , لأن ذلك يؤدي إلى أضرار مروعة ومدمرة للجميع , فالقوي عنده وسائل تترجم قوته وقدرته التدميرية , والضعيف موجود فارغ تتناهبه عواصف الأقوياء , التي تهب عليه أنى تشاء وتقتضي مصالحها ومنطلقاتها الموجهة لخطواتها وميادين إظهار قوتها.

ولهذا نجد الدول القوية تقف في حضرة هيبة كل منها , والضعيفة مهضومة مخنعة تتوسل بالأقوياء وتستجدي منهم الرحمة والعون الذليل.

وفي المواجهات مع الأقوياء تتحقق تبادلات للكلام وإستعراضات للعضلات , ولا يمكن لقوي أن يقوم بقعل عدواني على قوي لأن في ذلك إرادة إنتحارية , وقفزة هلاك حتمي , ولهذا فأن الأقوياء يستخدمون الضعفاء كأدوات للتعبير عن المواجهات المتبادلة , وقد حصل ذلك بوضوح في الحرب الباردة بين القطبيين الأقوى , واليوم تعددت الأقطاب القوية والدول النووية , مما تسبب بتعدد المواجهات الغير مباشرة بين الأطراف القوية , وصارت الدول الضعيفة سوحا للتصارعات الدامية التي تخسر فيها المزيد من الناس والعمران.

وما يجري في المنطقة العربية لا يشذ عن هذا المسار التصارعي الغير مباشر ما بين القوى الأرضية المتهيبة من بعضها البعض.

وهذا يفسر آليات التداعيات المتواصلة في المنطقة العربية لشدة ضعفها رغم توفر عناصر قوتها وتخمتها بالثروات المبددة في إذكاء النيران وتنمية الدخان.

مما يعني أن المنطقة لن تهدأ أبدا على مدى القرن الحادي والعشرين , لأن الأقوياء يزدادون قوة والضعفاء يزدادون ضعفا وإندحارا في الذي لا يغني من خوف ولا يطعم من جوع.

فناعور الدماء يدور والدموع تفور!!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/09/25



كتابة تعليق لموضوع : القوي لا يأكل القوي!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net