دوافع الكذب في التاريخ
اسعد عبدالله عبدعلي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
اسعد عبدالله عبدعلي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يقال إن جل مصائبنا سببها الاختلاف في قراءة التاريخ, فصراع الحاضر له أصول تاريخية في بعض صوره.. كل اتجاه يقرا التاريخ بحسب ما يراه ويرفض إن يتحقق ويفحص ما في يديه !! بل يراه هو الحق الأكيد !! ومن هنا صار التمزق لأبناء الأمة.
وهنا نحاول أن نفهم لماذا يكون هناك كذب في التاريخ؟ وما المصلحة في كتابة تاريخ مزور ؟ ولماذا لا يتم كشف هذا التزوير ؟ وكيف يتحول إلى أمر مقدس لا نقاش فيه ؟
عند التفحص يظهر إن السبب الأول وراء التزوير والكذب في التاريخ هو التحزب للأشخاص والاتجاهات السياسية والعقائدية او بحثا عن الشهر والمال والذي يأتي من خلال تلفيق التاريخ باتجاه يصب في مصلحة أهل المال والسياسة .. وهذا الاتجاه واسع في من كتب التاريخ عندنا ويحتاج التنقيب عن سيرة كتاب التاريخ وطبيعة علاقتهم بالسلطات الحاكمة وأهل المال والجاه وقادة الاحزاب وأهل العقائد .. فمن أساسيات كتابة التاريخ هو الحياد وهنا في هذا التفسير لا حياد بل هو الانحياز التام بدوافع ذاتية لكاتب التاريخ وحركته باتجاه معين .
ويرى التاج ألسبكي وهو من أهم من كتب في موضوع الدوافع نحو الكذب في التاريخ حيث يرى (( إن الجهل واعتماد من لا يوثق به والتعصب هي الأمور التي يرجع إليها كل ما في التاريخ من أوهام وأباطيل , ويرى إن هذه االامور هي الغالبة على التاريخ )) . ويرى بعض إن سبب تزوير التاريخ هو عدم قدرة كاتب التاريخ عن إدراك مقاصد ما وصل إليه من خبر فيصور الخبر حسب ما توصلت إليه إفهامه ويحدث لحظتها الكذب في التاريخ.
والكثير من حالات الكذب في التاريخ سببها إن هناك مصلحة ذاتية للمؤلف في الكذب ومع تقادم السنين وتأييد الكتاب من قبل الدولة من خلال طباعاته والدعوة لتدريسه يصبح لا يدخله الباطل ولا نقاش فيه ولا في المؤلف !!.وتاريخنا مشحون بهذا المثال , وخير مثال معاوية ابن ابي سفيان والصعود به لمرتبة القديسين او هارون الرشيد ورسمه بصورة الزاهد المتعبد ..والكثيرون مما اصبح اليوم لا يجوز مناقشة ما فيه فتاريخنا المكتوب اليوم لا يمكن مناقشته على ما يحوي من سقطات كبيرة في مقاطعه بل يفسر ويؤول بنحو يحفظ له المقام العالي ويستمر قراءة التاريخ بحسب ما كتبه هذا المؤلف .
والأمر الأخر إن يكون في بعض الأحيان هناك إرغام وقهر للكتابة بنحو معين بتواجد سلطة قاهرة مما يسبب الكذب في كتابة التاريخ وحدث هذا كثيرا في تاريخنا بفعل المتسلطين الذين حكموا العباد والبلاد بالقهر والسيف.إما الأمر الذي تسبب بتشويه الكثير من الحقائق وهو الأثر الأكبر فيعود إلى إن المؤلف يكتب بنزعة كراهية لجهة او حزب او طائفة او فرقة او عن مدينة او إقليم بأسره او يكتب وبدافع الكراهية عن دين او مؤسسة فكرية او دينية او سياسية ويدفعه هذا الشعور على تشويه الحقائق محاولا الحط من خصومه بأي وسيلة ..وهذا يذكرنا بكتاب بني أمية او بني العباس ممن اليوم يعتبرون بنظر البعض أساتذة التاريخ او كتاب حزب البعث وكتاباتهم ذات طابع الحقد والكره.
هذه مصادر الكذب في التاريخ فعلى القارئ إن ينظر نظرة فاحص للكتاب حين يقرا ولا يأخذ ما يقرا بحكم المسلمات بل الفحص والشك والتمحيص وبعث التساؤلات عن كل سطر وقضية.. والبحث في سيرة الكاتب ومن عدة جهات كي يمكن معرفة من يكتب , لحظتها يمكن إن يصبح القارئ واعي لا تنطلي عليه الأكاذيب هذا أقصى جهد ندعو له بعد إن يئسنا من جهد جمعي لإعادة قراءة التاريخ وكشف الأكاذيب .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat