صفحة الكاتب : د . علاء الدين صبحي ال كبون

عندما يذبح القلم تسيل الحروف دما للخلود 
د . علاء الدين صبحي ال كبون

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

          خلقُ .. وهو أحسن الخالقين؛ فصيرهم طبائعا على ثلاثة انواع, منهم من كانت جبلتهم؛ لا تخالف أمره بتاتا طائعة .. ومنها من عصته؛ مخالفة ضالة ومضلة تعنتا وجحودا .. وأخيرة كانت وسطا؛  ذي جبلة تسمو للعلى تارة؛ وتتسافل للحضيض تارة اخرى.
    الملائكة سكنوا الأعاليٍ من السموات السبع؛ مسبحين طائعين مقدسين, والجن سكنوا الأرض؛ فكان الطالح والصالح بينهم؛ حتى طغى  وقتل بعضهم بعضا .. جاء في الإخبار من العزيز؛ في قوله تعالى ((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)) 1 . 
لأن الملائكة لا تعلم ولا تستطيع ان تصدق؛ بأن هناك أحدا وهو في حضرة القدوس؛ ولم يصل بتسبيحه وعبادته وتقديسه؛ للمحل العلوي يضمر الحسد والحقد؛ لغيره ويصل به الحال الى مخالفة الباري عز وجل .
أوردت بطون الكتب والمراجع والمصادر؛ عبر التاريخ عن صراع إرادة الخير والشر؛ وإيهما يستطيع أخذ كرسي الخلافة الأرضية؛ التي وعد بها الباري ملائكته وسكان سماواته؛ وقدرته على  تحقيق العدالة الربانية فيها والوصول بالعباد إلى أعلى مراتب العبادة (( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون )) 2 .
   القياس الباطل؛ الذي فُضحً به أبليس وهو في حضرة القدير؛ مع الملائكة ( تظنه منهم ) كشف زيف عبادته, حيث سعى الملعون بتسبيحه وتهليله الى كرسي السيادة؛ والتعالي على الأخرين بإتباعه لكل الأساليب؛ ولو كانت بارتدائه لباس؛ الناسك العابد  في السموات العلى؛ لكن عند إمتحان السجود؛ كشف  زيف عبادته الشيطانية؛ عندما إمتنع من السجود وأستعلى وتكبر؛ وجاهر بالكفر (( قال انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )) 3 .
o  إبليس وذريته ما إنفكوا عن أدم وذريته صراعا ومقاومة, الأول يريد إتباعا للخلود؛ معه في نار جهنم من بني أدم بما وعد به ربه (( لأغوينهم أجمعين؛ إلا عبادك المخلصين )) أدم الذي هبط إلى أرض الدنيا؛ تكفيرا بما نهي عنها ونسى وتجاوزها (( ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين )) 5 .
   قلم التاريخ الذي كتب عن بني البشر؛ في سجلات ومخطوطات الأديان البشرية ( اليهودية والمسيحية والاسلامية ) لم يستقر؛ تألقا وعطاءا علما وحكما ومنطقا؛  يوم بعد يوم إلا في بيت أهل خاتم النبوة محمد المصطفى؛ عليه وأله أفضل الصلوات؛ الذين مثلوا العدل الإلهي حق تمثيله؛ صبرا وطاعة  وكرما؛ وشجاعة وجمالا؛ وجميع الكمالات التي تسمو بالجنس البشري؛ علوا وتفوقا للجنس الملكوتي؛ المسبح للجليل في أعلى سمواته. 
خامس أهل الكساء عندما نحر بيد أهل الشر؛ ويستشهد مظلوما يراد لهذا القلم المعطاء؛ أن يتوقف عن كتابة الفضائل والتسبيح والتقديس؛ للباري عزوجل في الأدعية المورث منهم؛ للوصول الى مخ العبودية وحقيقتها للمعبود ((  كيف يُستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك؟! أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتّى يكون هو المظهِر لك؟! متى غبت حتى تحتاج الى دليل يدلّ عليك؟! ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل اليك؟! عميت عين لا تراك عليها رقيباً، وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبّك نصيباً...
إلهي هذا ذُلّي ظاهر بين يديك، وهذا حالي لا يخفى عليك. منك أطلب الوصول اليك، وبك استدلّ عليك، فاهدني بنورك اليك، وأقمني بصدق العبودية بين يديك )) 6.
هذا العطاء والعلم الرباني؛ أريد له أن يسكت ويتوقف؛ القلم عن الكتابة؛ عن كل القيم والمبادئ؛ والصفات التي يمكن أن توصل بني البشر؛ إلى جنة الخلد التي وعد العزيز المتقين منهم؛ وعندما يصبر الانسان في تحمل كل شيء؛   من أجل قيم وحقيقة الخلافة الارضية؛ التي يريدها تطبيقها بينهم؛ سوف تتجلى جمالات العبادة البشرية؛ التي انبأ عنها؛ علام الغيوب لملائكته وسكان سمواته .
عندما يسفك الدم الطاهر؛ لطفل رضيع عطشان يطلب الماء؛ تسيل الحروف دما  لتنحت في أوراق الازمان؛ عن تاريخ تسافل؛ من ارتضى لنفسه التسافل؛ من الجن والأنس الذين سكنوا الارض ولم يعمروها .. وعن رقي من تسامى وصبر وتحمل وقال (( ان كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى )) 7  سوف يكون دم الخلود؛ الذي يحكي عن قصص وحقيقة الصادقين؛  ما يجب أن تتوارثه الأجيال لمن اراد أن يكون؛ في جنة الفردوس لأنها في عين المعبود الجليل ورضاه .
نفحات الحروف الحزينة قبل الخاتمة من الجزوع بمصاب اهل المدينة 8 
تذكروا قول الباري عزوجل  في قسمه (( ن والقلم وما يسطرون )) 9 وفي قوله   ((أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ )) 10  . 

1-    اية 30 من سورة البقرة .
2-    اية 56 من سورة الذاريات .
3-    اية 12 من سورة الاعراف .
4-    اية 82 و 83 من سورة ص .
5-     اية 35 من سورة البقرة .
6-    كلمات من دعاء يوم عرفة المعروف الى الامام الحسين الشهيد عليه السلام .
7-    قول الامام الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء .
8-    مصاب استشهاد الحسين عليه السلام ومولده وسكناه مدينة الرسول .
9-    اية 1 من سورة القلم .
10-    اية 60 من سورة ياسين .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . علاء الدين صبحي ال كبون
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/10/15



كتابة تعليق لموضوع : عندما يذبح القلم تسيل الحروف دما للخلود 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net