صفحة الكاتب : د . حسين القاصد

ثمار الهدوء المرعب 
د . حسين القاصد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 كنا اذا ما حدث شيء في نهاية الكرة الأرضية او ربما في كوكب آخر ، سرعان ما نشد الأحزمة ، وندخل في اقصى حالات الانذار، ونقحم طلبة المدارس الاولية وطلبة الجامعات في الأمر ، وبين قواطع التدريب ، ومظاهر النفير العام ، والاناشيد الحربية التي تهيمن على وسائل الاعلام الصوتية والمرئية ، وبين تصعيد الخطاب الرسمي بأن على من يسكن نهاية الكرة الارضية ان لاينام ليله ولا يخرج من بيته نهارا ، لأننا مباغتوه لا محالة وسنحد من تهوره واضطهاده للشعوب الصديقة في نهاية الكرة الارضية ؛ هكذا كانت سياسة حكومات الرجل الرمز والرجل الأوحد ورئيس كل شيء ، وبعد سيل من الانتكاسات التي مر بها البلد بسبب الشقاوات السياسية التي انهكت البلد واقتصاده واصابت ماكنته العسكرية بالوهن ؛ وصلنا الى نهاية اسطورة الرجل الاوحد ، وحان وقت البطولات السياسية والهدوء المرعب ، وهو ما تميزت به حكومة الدكتور حيدر العبادي ، فعلى شدة هول التحديات التي تعرض لها العراق ، تحول العراق من بلد معزول عالميا واقليميا ، ومصاب بانتكاسة عسكرية واقتصادية ومهدد بالتقسيم الى بلد محوري يمتلك كل اشكال المبادرة ولا يتعسكر مع محور ضد آخر ، وصار له ان يجمع الثلج والنار دون ان يضر احدهم في ماهية الاخر ؛ هكذا هي حكومة الدكتور العبادي التي اهتمت بالعلاج من الخارج لكل الاخطار التي اضرت بالعراق وكل اشكال سياسات التمزق الداخلي التي راهن عليها مرضى المناصب والنزاعات المناطقية والطائفية ، فقد أدركت حكومة العبادي ان بيت الداء يكمن في انكفاء العراق على همه ، وانهماكه في مشاكله دون الاكتراث لما يحدث في محيطه القريب لا البعيد ، وبدأ الانفتاح المثمر ، وصار العراق وجهة لرغبة العرب في اعاد تأثيث علاقاتهم معه ، وماكان هذا ليحدث لولا سياسة الهدوء التي اجتازت امتحان الموصل بنجاح لتدخل في ملف مابعد داعش الذي كانوا يحذرون العراق منه ، لكن ملف مابعد داعش اجهض في مهده ، وصار مثل من يريد تفجير قنبلة في بيت جاره فانفجرت عليه وأخذ يصرخ ويستغيث ، هذا هو حال مسعود البارزاني حين اعادت القوات الاتحادية انتشارها ؛ وبينما اعتمد مسعود سياسة ( الرجل الأوحد ) واخذ يخطب ويتوعد ، وبينما عزف الجميع على وتر الحرب ، رأينا تصريحات حكومة العبادي الهادئة تدعو الى وحدة الوطن بعيدا عن شخصنة الاشياء وتصديرها بصفة وطنية ، ولعل ابرز ملامح سياسة الهدوء المرعب التي انتهجتها حكومة العبادي هو ان يفاجأ الجميع بردود عملية لا بخطابات سياسية وحين احتدم الأمر عند حدود اربيل وارتفعت الاصوات ، وجدنا الدكتور العبادي مع عدد ليس بالقليل من الوزراء والوكلاء والمستشارين متجها للسعودية في زيارة تنبيء بتعاون اقتصادي كبير ، لتبدأ بعدها  جولة كبيرة في عدد من البلدان العربية  ، وأهم مافي هذه الجولة هو الإهتمام  بالعراق الجديد الهاديء المطمئن ، وهو رد هادئ جدا على الانفصاليين ،يحمل من العملية وعدم الاكتراث بخطابات الاستهلاك الاعلامي الشيء الكثير ، وهو رد يوحي بأن الامور بنتائجها ، وان الضجيج الاعلامي لايغني عن جوع ولا هم يفرحون .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . حسين القاصد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/10/24



كتابة تعليق لموضوع : ثمار الهدوء المرعب 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net