لقد باتت كل الشعوب العربية وعلى مختلف أطيافها تدرك وبفهم عميق الدرس المسمى بالربيع العربي وتعي أن لا مجالاً لقادة وزعماء أوطانهم كي يسلكوا وللأبد درب المراوغة والمراهنة على الوقت ، وحتى المصرون منهم ، وللان و بعناد غبي على التمسك بالسلطة والمقامات الرفيعة سرعان ما يضطرون تحت ضغط الشارع الثائر فينزلون عن أبراجهم المرتفعة وحصونهم الواهنة ، فالعبرات باتت كثيرة ومتنوعة الخاتمة وبعضها تشيب له الرأس وعناد الشعوب المطالبة بالحرية والعدل والمساواة لن يقف عند حد معين ، فتلك الدروس التي مررنا بها خلال عامنا الحالي تجعلنا نوقن ان الربيع لن يستثني أحداً وان قاعدة "دوام الحال من المحال" مازالت هي أهم قواعد السياسة .
ولان فلسطين الصابرة والمرابطة هي جزء أصيل من هذا العالم العربي فلا ريب أننا مثل باقي هذه الشعوب نحلم وننتظر ربيعاً آخر ، ولكنه مختلفاً بالجوهر و بالتفاصيل ، فهو ربيع الخلاص من المستعمر والاستمتاع بنسيم الاستقلال وبناء الدولة، فقضايا مثل نهب الثروات والاحتكار والنفوذ ليست همنا الحالي ، فبلادنا لم تكن يوماً ، بلادً مصدرة للنفط ولا بها هذا الكم الهائل من الثروات ، حتى ينوي أياً من قادتنا نهبها وتهريبها للخارج ، ولا رغبة لأحد في توريث السلطة لأحدى أفراد عائلته والدليل على صحة قولنا ، أن رئيسنا القائد أبو مازن ،رجل قد زهد السلطة ومنذ زمن بعيد وقد أعلن وفي أكثر من مناسبة أنه لا ينوي ترشيح نفسه للرئاسة لفترة آخرى .
أننا أذن ننتظر ربيعاً مختلفاً ومميزاً كما أسلفنا ، ولكن ربيع الأوطان لا يأتي طواعية أو بواسطة الجن والسحرة،بل يحتاج لمناخ خاص وتدرج و أخلاص عميق في النوايا !
فالمصالحة الفلسطينية قد تمت من الوجهة النظرية ، بعدما وقع طرفي الخلاف على الورقة المصرية ،وقد صفق وهلل لهما الجميع واستبشر خيراً ولكن ومع الأسف كانت النتيجة عبارة عن كثيراً من المشاهد التلفزيونية ورفع الرايات وأطلاق العنان للأحلام الوردية ، والتي سرعان ما قتلت في المهد لان البعض أحب الإبقاء على مصالحه الفئوية الضيقة وجعل الوطن والوحدة والمواطن في آخر سلم أولوياته !
أن من يعتقد أننا قطعنا شوطاً كبيراً تجاه لم الشمل مخطئاً والى حد بعيد ، فقد بتنا ندور في حلقة مفرغه اسمها مرحلة "الفرج قريب" !
وأن لم يفهم قادتنا المختلفين الدرس اليوم ، فليستعدوا لمواجهة فصل الخريف الفلسطيني ، فالعواصف التي اكتوى شعبنا من مرارتها وخاصة الفصل الأخير " فصل الانقسام" ستجبر الجميع رغب او رفض ان يفهم ولكن قد يحدث هذا بعد فوات الاوان !
ولعلنا نذكر هنا قولنا الدائم ،أننا لسنا اقل شأناً من الشعوب العربية قاطبة ولسنا اقل علماً او وعياً وأننا شعباً يستحق الكثير ليبذله قادتنا وما فعلوه ليس الا خطوة هامشية لن تكتمل الا اذا لامس المواطن تفاصيل هذه الوحدة الوطنية على الأرض !
فهل يتعظوا قادتنا ويتقون الله فينا، وينزلون عن علياهم ويعلمون ان علو شأنهم لن يكون الا بإرادة الشعب ؟!
أنها دعوة ليست بالتحريضية ضد طرف من الاطراف ولكنه جرس إنذار وهمس في الآذان لاننا نلمس ان بعضهم يصر على البقاء آصماً !!
ان الربيع حقنا والوحدة الوطنية حقنا والاستقلال حقنا ، فخذوا العبرة أيها القادة و خاصة انها باتت عبر و كثيرة ومرعبة ، وأعلموا ان عيون الشعب لن تبقى غافلة للابد !
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat