صفحة الكاتب : اسعد عبدالله عبدعلي

أزمة السكن العراقية ستنتهي عام 2200
اسعد عبدالله عبدعلي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

العم أبو عبدالله العجوز المتقاعد, قضى عمره يتنقل بين بيوت الإيجار مع عائلته الكبيرة, وكان أبيه بنفس حاله, ولم يرث من أبيه الا الإيجار, حاول مرارا تغيير واقعه, لكنه فشل في مهمة الادخار, والتي تحتاج لمائة سنة كي يوفر من راتبه القليل! في النهاية استسلم للقدر العراقي, وأدرك انه سيرحل عن الدنيا وهو يعيش في بيت إيجار, أن مسالة الحصول على بيت ملك في العراق تحتاج لأحد الأمرين: إما إعجازي مثل تدخل علاء الدين خادم المصباح, أو طريق منحرف مثل ان يتحول المواطن إما لمطية للأحزاب, أو لص أو مرتشي! وهذه الطرق هي فقط من توفر له ما يحلم به ــ فقط في العراق العجيب ــ بئس هذا الواقع الذي صنعه لنا رؤوس الكفر الذين يحكمون العراق.

لو نعود للوراء أربعين سنة بالتحديد منذ عام 1980, فان نظام صدام أهمل وضع خطط وبرامج للسكن تكفل تحقيق الاستقرار الاجتماعي على المدى البعيد, فقط اكتفى الطاغية بتوزيع قطع الأراضي على منتسبي تشكيلات الجيش والداخلية, وكانت أسعار العقارات مناسبة, فقط غابت الخطط والبرامج للإسكان, وبعد عام 1991 تفاقمت أزمة السكن, أو قل كشفت عورة النظام البعثي, حيث أصبحت أزمة السكن خانقة مع ارتفاع شديد لأسعار العقارات ومواد البناء, مما جعل الناس تعيش أزمة خانقة, وظهرت معها مشاكل اجتماعية مخيفة, حيث ازداد معدل الجريمة, وارتفع معدل الطلاق والعنوسة, وظهر ارتفاع في حالات الانتحار, فكل شيء يرتبط بالسكن والاستقرار والشعور بالطمأنينة.

ثم جاء حكم الأحزاب ــ الشريفة والنزيه جدا ــ! لتضغط على الشعب وتسحقه عبر إهمال قضاياه المصيرية, ومنها السكن, كي لا يزاحمهم الشعب على كراسيهم, فهو درس صدامي حفظته جيدا الطبقة السياسية التي تحكم العراق, وهكذا تبقى الملايين من ابناء الشعب تحلم بالحصول على قطعة ارض أو بيت صغير, حتى لو مجرد خمسين متر! يحفظ كرامتها ويعطيها الاستقرار, لقد تحول حلم بناء بيت من الأحلام البعيدة جدا! والتي قد تتحقق في بلد أخر كالصومال أو جيبوتي, لكن لا تتحقق في العراق.

سئلت أبو عبدالله العجوز المتقاعد الذي يسكن بيت للإيجار خلف السدة: " متى سيكون لك بيت خاص بك, حتى ترتاح من عذاب الإيجارات؟

شعر بالحزن من سؤالي الذي اثأر جرح الزمن, صمت قليلا ثم قال : " لو فكرت قليلا بالنظام الديمقراطي القبيح تجده انه يكفل بقاء الأحزاب مسيطرة على الحكم, وهذا يعني ان الازمة ستدور من حكومة الى اخرى, لذا أتوقع ان عام 2200 سيكون هنالك بيت لكل عراقي, أي بعد ان نموت ويموت أبنائنا وأحفادنا" فضحكنا طويلا ثم دمعت عيون ابو عبدالله وبكى الرجل, حاولت مواساته كي يهدأ, ومواساة نفسي أيضا فكلنا بنفس الحال, قلت له:" إذن جيد, بقي فقط 182 سنة! ونملك بيتا صغير يشعرنا بالطمأنينة والاستقرار".


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


اسعد عبدالله عبدعلي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/08/18



كتابة تعليق لموضوع : أزمة السكن العراقية ستنتهي عام 2200
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net