صفحة الكاتب : عدوية الهلالي

دلائل الانهيار
عدوية الهلالي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 يقول ابن خلدون في مقتطفات من مقدمته الشهيرة :" عندما تنهار الدول ، يكثر المنجمون والمتسولون والمنافقون والكذبة ، وقارئو الطالع والنازل والمتسيسون والمداحون والهجائون وعابرو السبيل والانتهازيون ..تتكشف الاقنعة فيضيع التقدير ويسوء التدبير ، ويختلط الصدق بالكذب والجهاد بالقتل ، ويشح الأمل وتزداد غربة العاقل ، ويصبح الانتماء الى القبيلة أشد التصاقا ،والى الاوطان ضربا من ضروب الهذيان "..لقد وصف في مقدمته التي لاسبيل الى ذكرالكثير منها هنا مايمر به بلدنا حاليا اذ لايجب ان نكابر ونقول ان بلدنا لم يصل الى حافة الانهيار وكل الدلائل تشير الى ذلك ..كثرة المتفيقهون وتحول الصديق الى عدو والعدو الى صديق وعلو صوت الباطل وانخفاض صوت الحق ..دلائل لاتحصى تجاوزت حتى قدرة ابن خلدون على تصور حال الدول بعد الانهيار ، فقد اشار الى ميل المرء الى الانتماء الى القبيلة والالتصاق بها لكنه ربما لم يتصور ظهور شيوخ عشائر يطلق عليهم ( شيوخ 56) –ويقصد بذلك شيوخ النصب والاحتيال الذين ينتحلون صفة شيخ العشيرة للايقاع بالمواطنين والحصول على فصول عشائرية  ..واشار الى تحول المواطنين الى مشروع لمهاجرين وتحول الوطن الى محطة سفر ، لكنه لم يتخيل أن يهون الوطن الى هذا الحد على ابنائه فلايكتفون بهجرته بل يبيع بعضهم كل شيء فيه مقابل تحقيق منفعتهم الشخصية ..دم ابنائه .. ارضه ..آثاره التاريخية ..نفطه..شرف نساءه واعضاء اطفاله ..

كان ابن خلدون قد اشار الى انتشار المزايدات على الانتماء ومفهوم القومية والوطنية والعقيدة واصول الدين ، وتقاذف أهل البيت الواحد التهم بالعمالة والخيانة بوصفها دلائل على انهيار البلد ..نحن نعيش اذن في بلد منهار أصلا فالكل يزايد على الانتماء وحب الوطن والتمسك بالعقيدة ويصبح الدين لديهم ورقة رابحة متى مااقتربت الانتخابات وقد يضعونه على الرف ويرتدون لباس العلمانية اذا ماطرأت الحاجة الى ذلك ..أما العمالة والخيانة فلاتعدو كونها تهما جاهزة مخبئة في ادراج مغلقة وماان يبدأ السباق الانتخابي حتى تفتح الادراج وتطلق التهم منها فلايبقى أحد من المتواجدين في الساحة السياسية بريئا او شريفا ..ولكن ، على الرغم من ذلك ، يعودون من جديد ليعتلوا المناصب ويغرفوا ماطاب لهم من خيرات البلد ..

لو كان ابن خلدون موجودا بيننا ..ربما كان سيؤلف مقدمة أخرى عن مسؤولين يحتفلون باسبوع النزاهة ويتشدقون بخطابات عن مطاردة الفاسدين والبدء بالحيتان الكبيرة بينما تسبقهم اموالهم المهربة الى الخارج ليلحقوا بها في حال خروجهم من الحلبة وركونهم الى الراحة والاسترخاء في البلدان الاخرى ، وآخرون يتباكون على سوء اوضاع النازحين وهم يستقبلون فصل الشتاء بينما يساومون على شراء المناصب بالاموال المخصصة لاعمار المدن ومساعدة النازحين ..لو كان ابن خلدون موجودا ، ربما كان سيؤلف مجلدات عن تطور وسائل وطرق تدمير الدول من الداخل عبر ابقائها تحت رحمة حكومة تنهش قوتها سيطرة الاحزاب ويزعزع اركانها تغلغل الفساد في جميع مفاصلها ..ونفوس ابنائها ...


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عدوية الهلالي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/11/25



كتابة تعليق لموضوع : دلائل الانهيار
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net