صفحة الكاتب : انعام عبد الهادي البابي

الغيرة .... ومراحل تطورها الإجتماعية ...
انعام عبد الهادي البابي

عَرّف علماء النفس الغيرة بأنها :[عبارة عن أفكار وأحاسيس وتصرفات تحدث عندما يعتقد الشخص أن علاقته القوية بشخص ما تُهدد من قبل طرف آخر منافس، وهذا الطرف الآخر قد يكون مدركاً أو غير مدرك أنه يشكل تهديداً خطيراً ].. ومن ناحية تطورية فإن الغيرة هي تكيف ساعد الإنسان على توريث جيناته الى الجيل اللاحق، ولا علاقة للغيرة بما نسميه الأخلاق إلا بالسنوات المتقدمة من تاريخ الإنسان الحديث ، حيث أن جميع التصرفات التي كانت [تكيفاً للبقاء أو لتمرير الجينات أو للحماية ] أصبحت متعلقة بمنظومة الأخلاق ،وكان أحد شعراء العرب في الجاهلية مشهور عنه بالغيرة الشديدة ، وكان أصحابه يحذرونه منها، فلما تزوج كان يسير هو وزوجته في الطريق فرأى رجلاً ينظر إلى زوجته فطلقها، ثم تعرض للوم من أصحابه فقال لهم:-
سأتركُ حبها من غير بغضٍ ………ولكن لكثرة الشركاء فيهِ
إذا وقع الذباب على طعامٍ ………رفعتُ يدي ونفسي تشتهيهِ
وتجتنب الأُسُود ورود ماءٍ ………إذا كان الكلاب وَلَغْنَ فيهِ
إن ما نتصوره أخلاقاً هو بالأساس سلوكيات بدائية ساهمت بحفظ النوع الأنساني ، مثلها مثل الشجاعة بوجه الأعداء أو الخوف من الثعابين والنار وفوبيا المرتفعات ، وفي مظاهرات حکومية في مدينه أصفهان الأيرانية لدعم الحجاب والأحتجاج علي النساء الغير محجبات  کان أحد الشعارات [ أي مرد غيرتت کو]؟ أي [أيها الرجل أين غيرتك ]..!؟ ...إن تغليف المرأة بغلاف الشوكولاته أي - الحجاب والنقاب- له أثر تطوري فالمرأة ستكون محمية من أنظار الآخرين وبالتالي لايمكن معرفة مفاتنها- من لون الشعر وشكل الوجه ولون العينين وعرض الخصر وحجم الأثداء -  وكل هذه مواصفات تطورية تعتبر قفزة نوعية في أنتخاب النسل الأصلح ، لهذا فالشخص حينما يقترن بفتاة يحاول منع أي أمر يؤدي الى أن تتركه أو تفتتن بغيره، لهذا تم أختراع شيء أسمه الحجاب أو النقاب أو حتى مؤسسة الزواج وهي صفة مدنية لها أثر تطوري قديم تعني بأن المرأة لي وحدي ..! ويقوم الرجل بدفع مهر للمرأة تعبيراً عن الملكية ، وإلى الآن ما زال الزواج موجوداً لا أعترض عليه طبعاً لكن الأعترض على المهر،  فالزواج هو منفعة متبادلة للزوجين فلماذا ندفع الأموال من جهة واحدة ؟ في الهند مثلاً يكون المهر على الزوجة لا الزوج ، فالمفروض - والحال هذه - يلغى المهر ويعوض عنه بالهداية الجميلة لأننا تجاوزنا مرحلة الملكية للمرأة ..
والغيرة تفسر بعدة أمور تتعلق بالأسس البايلوجية للبقاء وهي (الحياة..أي الصراع من أجل البقاء)....و(توريث الحياة...أي توريث الجينات للجيل اللاحق)... و(حماية هذه الحياة....أي الحماية من خلال منع أي أعتدءات وتبسيطها وجعلها مرفهة الى أقصى حد ) ، فغيرة الرجل من الرجل تكون أما لوجود أمتيازات موجودة في الرجل الآخر كالوسامة والجسم المنسق أو طول القامة أو الثراء أو المنصب الأجتماعي أو الوظيفي وكل هذه المناصب محفزات للحصول على أقتران الأناث المنتخبات !!
فتطوريا الأنثى تفضل الوسيم أو الوجيه أجتماعيا (الوجيه أجتماعياً يوازي الثري عندنا لأن زعيم القبيلة بيده كل شيء ويملك قوة القبيلة وسلطتها و…الخ . ) فكل هذه الأمور التي تعددت الطرق للحصول عليها رغم أن الأقتران مع من يملك وجاهة أجتماعية لا معنى له كتفضيل أقتران جنسي ، لأن الجنس هو الجنس لكن تطورياً النساء ترغب بمن يملك الوجاهة الأجتماعية أو الثراء لأن هؤلاء يمثلون الحماية والقوة لنفسها ولذريتها كذلك الوسيم القوي صاحب العضلات والطويل فيتمثل بنموذج الحماية المطلوبة من الآخرين .
 
أما غيرة الأطفال فتقع بنفس البوتقة ، وهي الحصول على أمتيازات موجودة عند الآخرين تتمثل بالحماية والعطف أوالحنان الأزيد والموجود عند الطفل الآخر ، أو الطعام المتمثل بالحلويات وغيرها .
من ناحية علم النفس التطوري هناك ثلاث ركائز لتفسير المظاهر الأجتماعية والنفسية هي : القدرة على البقاء وتوريث الجينات وحماية الحياة وتطويرها نحو الرفاهية،فاذا كانت بعض المظاهر هي تكيف تطوري ، فمالداعي لبقائها في زمن أمكن لنا حماية نوعاً بأساليب مختلفة كأبتكار القوانين والأنظمة خصوصاً ونحن كائنات ذكية تمتاز عن غيرها من المخلوقات بالذكاء والقدرة على التطور ....
..............................................................................................................
المصادر ...
الغيرة والغزل, لهاينز كينج (1831-1904)
علم النفس الأجتماعي الدكتور حامد عبدالسلام الزهران..
التخلف الأجتماعي ...الدكتور مصطفى حجازي ..
الموجز في التحليل النفسي ..سيغموند فرويد ..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


انعام عبد الهادي البابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/11/08



كتابة تعليق لموضوع : الغيرة .... ومراحل تطورها الإجتماعية ...
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net