صفحة الكاتب : د . ناهدة التميمي

ايها العراقيون .. هذا ما يُحاك لكم
د . ناهدة التميمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الحقيقة ان الربيع او الخريف العربي الذي يجتاح المنطقة ليس مقصود به الا العراق .. فهم يرمون ان يصل هذا الخريف وهذه الفوضى الى العراق ليتحقق لهم ماخططوا له منذ سنين , الا وهو تقسيم العراق الى دويلات مشتتة ضعيفة ومتصارعة بينها .. وهذا ماعمل عليه الانكليز من قبل والامريكان ايضا منذ وصولهم هذه البقعة التي يخافونها ويخشون بأسها , فهم قد درسوا حركة التاريخ جيدا وادركوا ان العراقيين الذين لايصبرون على ضيم والذين سحقوا ممالك جائرة قديما .. مثل  مملكة اورشليم وغيرها , والذين بهم وليس بغيرهم من العرب فُتحت ممالك الهند والسند والصين وبلاد تركب الافيال في حملات محمد الفاتح المعروفة.. هؤلاء وحسب رأي المحللين والخبراء والاجتماعيين والسايكولوجيين الغربيين والامريكان يمكن ان يعيدوا الكرّة نفسها مع اي من الجيران والمحميات التي تهمهم ,, ولذلك عمدوا على اذلالهم من خلال تسليط البعث وبالذات فترة صدام حسين عليهم , ومنذ ذلك الحين والى يومنا هذا  و التخريب الممنهج للمجتمع العراقي وتغيير تركيبته وديمغرافيته مستمر , بحيث يكون للاكراد النصيب الاكبر فيه وللعرب من غير العراقيين مثل المصريين والفلسطينين نصيب كبير ايضا .. وفي نفس الوقت عمدوا الى اتعاب شعبه وتيئيسهم بالحروب والحصار والاعدامات والسجون والملاحقة والجيش الشعبي .. كما عمدوا الى افقار العراق وجعله مديونا بعد ان كان دائنا وله احياطي نقدي كبير لتحطيم الذات العراقية وكسر روح المواطن العراقي فلايجد امامه الا الهروب من الوطن .. 

وعندما جاء الامريكان راحوا يواصلون مابدأه صدام بتقليل اعداد العراقيين من خلال احتضان القاعدة واعمالها الارهابية المروعة والتفخيخات والتفجيرات وقتل المدنيين وتاجيج الذبح الطائفي , فكانت الابادة البشرية للعراقيين التي حصلت بين الاعوام 2005 و 2007 هي الافضع والاكثر ترويعا..
 بل ان اول شيء عملوه هو سرقة تاريخ العراق ليبقى شعب بلا تاريخ .. فقد سمحوا بنهب المتحف العراقي ونفائسه العظيمة وقطعه الثمينة, ومالم يرغبوا به سمحوا بتكسيره وتحطيمه . 
 اما التعليم فبسبب عدم وجود اجواء دراسية مناسبة ومدارس مجهزة وضياع الهدف من التعليم لان الطالب يدرك انه لافائدة من شهادته اذ لايستطيع التعيين بها اضافة الى وجود عدد هائل من الايتام والمشردين, فقد ازدادت نسبة الامية بشكل مخيف وحتى من يتخرج من الطلاب فانه يُهمل اربع اوخمس سنوات دون عمل بسبب عدم وجود تعيين مركزي وتوقف معظم المعامل والدوائر والشركات الانتاجية والخدمية التي خُربت بسبب تدمير بناها التحتية وعدم وجود كهرباء فينسى الخريج ما تعلمه وبذلك يعود الشعب جاهلا واميا فينتهي المجتمع والشريحة المفكرة فيه 
 ناهيك عن قتل الاطباء والمهندسين واستاذة الجامعات فلا يبقى فكر ولامفكرين ولاكفاءات تبني الوطن او تساهم في نهضته  ..
 
اما الاسرة والمجتمع فقد وضعوا لها منهاجا واضحا لتدميرها وتفكيك الاواصر والروابط فيها من خلال تيتيم الابناء وتغييب المعيل بالقتل او التعويق او السجن وبذلك تتفكك الاسرة وتتجه فتياتها للانحراف او للقيام باعمال رثة لتعيل نفسها و ماتبقى من الاسرة وبذلك ضمنوا عدم الترابط الاسري , كما انهم يعملون ومنذ امد بعيد لاحلال مصريين ومهاجرين وفلسطينين بدل العراقيين لان اولئك اطوع لهم من العراقيين في التكيّف مع المتغيرات الدولية. 
فيما يخص الكهرباء والتي هي عماد التطور والتقدم لاي بلد في العالم .فان انقطاعها عن اي شعب ما فأنك انما تقطع عليه امكانية التقدم والازدهار والتطور والاستقرار .. وقد صرفت اموال طائلة في سبيل اصلاح منظومة الكهرباء ولكن كل شيء كان هواء في شبك واضغاث احلام .
البطالة مقصودة وقد عمل الامريكان والدوائر الغربية والاسرائيلية عليها من خلال تدمير المشاريع والشركات والمعامل التي يمكن ان يتوظف بها الشباب .. وبذلك لن يبق امام الشاب الا خيارين .. اما التطوع في الشرطة والجيش,, وهم في كل مرة يجمعونهم مدغدغين احلامهم بوظيفة كريمة ثم يفجرونهم عبر عملائهم من القاعدة .. او الخيار الآخر ان يكون مجرما او ارهابيا .. قليل من المتمكنين منهم يستطيع ان يبدأ عملا خاصا به او يهاجر الى ارض الله الواسعة . وفي كلتا الحالتين الهدف واحد, اخلاء البلد من ساكنيه وتبديل القوم بغير القوم ..
الفقر واستشراؤه بين العوائل الضعيفة هو نتيجة حتمية لارتفاع رواتب الوزراء والبرلمانيين والحكومة والرئاسة وذوي الدرجات الخاصة وحماياتهم ومكاتبهم الاعلامية وموظفيهم وصرفياتهم وحجهم ونثرياتهم ومنافعم فحتما لن يبق شيء يذكر ليصرف على مشاريع تحفظ كرامة وادمية هؤلاء الفقراء . 
 انتشار الاوبئة والامراض شيء وجزء مما يحاك للعراقيين وهذا بدأ منذ ايام البعث في عهد صدام لما قال صدر الدين اغا خان في تقريره العالمي لبعثة الامم المتحدة قال وجدنا( برازا انسانيا) في ماء الشرب الواصل للعمارة والجنوب بالذات ,, لكي تنتشر الاوبئة والامراض والموت .. تبعه الحصار الذي اهلك العراقيين مرضا وتعبا وموتا .. ثم لحقه القصف بكل صنوفه للشعب العراقي ومنشآته الحيوية وبنيته التحتية .. القصف طبعا كان باليورانيوم المنضب والفسفور الابيض وكل الانواع المسرطنة والمميتة والقاتلة .. وها نحن اليوم نرى انتشار السرطانات والموت بسببها والتشوهات الخلقية واعتلال صحة المجتمع ككل.. بينما اجبر صدام الناس انذاك على الذهاب والدوام في تلك الدوائر والمنشآت التي قصفت بكل هذة المواد المؤذية والقاتلة بل والمساعدة في نقل الاثاث والانقاض منها وبذلك ضمن امراض اكبر عدد من الناس وهلاكهم 
 ثم جاء الغزو الامريكي .. ليطيح بصدام .. ليس لانه لم يسد لهم خدمات جليلة .. بل لانه قلم جاف انتهى حبره ولايمكن اعادة ملؤه ثانية .. هم ارادوا فرضه وتسويقه من جديد للحكام العرب وحكام الخليج بالذات ولكن اولئك لفظوه ورفضوه فوجدوا انه لابد من التخلص منه لان مرحلة تقسيم العراق و الشرق الاوسط قد حانت ولابد من لاعبين جدد و تغيير الوجوه لهذه المرحلة .. 
ناهيك عن الايتام والارامل والمشردين فهؤلاء مشكلة مستقبلية كبيرة .. لان المخططين لتدمير العراق يريدون نساءا بلا رجال ..فالرجال تكفلت بهم المفخخات والذبح الطائفي والتهجير والتفجيرات التي لم تسلم منها تجمعات المتطوعين للجيش والشرطة ولا اصحاب البسطيات ولا مساطر عمال البناء البؤساء.. وبذلك تتشرد الاسرة وينحرف الابناء فيسهل احلالهم بمن يضمنوا ولائهم ,, 
 فهل من مزيد لهذا التخريب الممنهج والمبرمج للمجتمع العراقي بكل نواحيه ..

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . ناهدة التميمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/11/08



كتابة تعليق لموضوع : ايها العراقيون .. هذا ما يُحاك لكم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : سهل الحمداني ، في 2011/11/08 .

صدقت في كلامك يادكتورة ، ولكن كثر العملاء والسفلة والسفاحون من أبناء جلدتنا في العراق اليوم العراق في أعناق الشرفاء عليهم الضرب بيد من حديد على هؤلاء الخونة ليبقى العراق ، شامخا كنخلة ونساءه ورجاله //






حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net