الإسلام السياسي : حلم اليقظة
بوقفة رؤوف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الفرد المسلم كائن عاطفي , يسهل انقياده إذا عزف على وتر العاطفة في شخصه , فتجد الفرد المسلم وان كان غير متقيد بتعاليم الإسلام أن حدث مس بشخص نبي الإسلام مثلا تده يتحول الى أشد المدافعين عنه والثائرين في وجه المسيئين له , بعد أن كان هو في واد وتعاليم الإسلام في واد آخر
ولان الفرد العاطفي من ابرز سماته أحلام اليقظة, حرص أن يكون الفرد المسلم مدة صحوته يحلم أحلام اليقظة من وقت استيقاظه إلى موعد نومه
و من بين أحلام اليقظة الجميلة, اللذيذة والممتعة التي تجعل الوقت يمر مر السحاب, دون أن تشعر بانقضائه: الإسلام السياسي
إن الإسلام ذات لا يتجزأ كالإنسان ذات واحدة بأعضاء مختلفة كل عضو يؤدي وظيفة لا يستطيع عضو آخر أن يحل محله في تأديتها , وان استقل عضو من أعضائه عن الذات الإنسانية , يفقد صفة الإنسانية , فاليد المبتورة مثلا لا تشكل إنسان وان جلبت مجموعة من الأيادي فكذلك الأمر لا يعطيك إنسان , أو غيرت وظيفة كل عضو أو مكان عضو بدل عضو , ربما يعطيك كائنا غريبا لكن لن يعطيك أبدا إنسان
الإسلام السياسي لا يغدو أن يكون مجرد عضو ذو وظيفة محددة في ذات المجتمع المسلم, لا يستطيع أن ينوب عن الإسلام الاقتصادي ولا أن يعوض الإسلام الثقافي أو يحل محل الإسلام الاجتماعي ولا حتى أن تتكتل تياراته فتعطينا جبهة إسلامية
وبالتالي يوهم نفسه أو غيره من يظن أن الإسلام السياسي هو البذرة التي سوف تثمر يوما دولة إسلامية راشدة
وقد قبلت الأحزاب الإسلامية عن علم أو جهل أن تكون جزءا من لعبة الأنظمة , هدفها إشغال الرأي وجعل جزء كبير منه يطارد سراب الدولة الإسلامية
سيأتي يوم تقوم فيه دولة راشدة, بغض النظر عن تسميتها ( مملكة, إمبراطورية, اتحاد ولايات, جمهورية...), لكن الدولة الراشدة لا تقوم نتيجة نضال الإسلام السياسي, كما أنها لا تقوم بجرة قلم, ولا بوضع دستور جديد ولا إنشاء مؤسسات جديدة ولا بسن قوانين جديدة
فالإسلام السياسي لا يغير الجوهر , ربما يغير المظهر , قد يحدث مواقف استعراضية , خطب رنانة , لكنه لن يكون الطريق الصحيح الموصل إلى الدولة الراشدة
قد يحتج على هذا الكلام بان ليس وظيفة الإسلام السياسي بناء مجتمع إسلامي ولا تربية النشء تربية إسلامية, بل وظيفته الوصول إلى السلطة لأجل أسلمتها والتربية الإسلامية مهمة الأئمة والدعاة و الجمعيات الخيرية والثقافية والرياضية وغيرها كثير, بعبارة مبسطة وواضحة أن ألأحزاب الإسلامية ترى المواطن صوت انتخابي فقط يوصلها لسدنة الحكم
قد يقول قائل هذه هي السياسة, أقول نعم صحيح هذه هي السياسة سواء كان الحزب إسلامي أو علماني فما الفرق إذن بين الإسلام السياسي
وغيره من التيارات الأخرى؟
يجيبني أحدهم الفرق يظهر حين يتسلم زمام السلطة مثلما حصل في تركيا والنجاح الباهر لحزب ذو ميول أو خلفية إسلامية
ومن الخطأ الحكم على التجربة التركية لأنها لم تنته بعد ولا زالت تجربة ممكن مصيرها النجاح كما يمكن أن يكون الفشل
ونحن نتكلم على دولة لا على أشخاص , فالتجربة الناجحة هي التي تعطيك آليات تعمل بها أنت أو غيرك , لا تجربة تموت بموت الأشخاص
الإسلام السياسي لا يعطيك مؤسسات , بل يعطيك زعيم والدولة لا تحتاج لزعماء
إن الإسلام السياسي يحمل في طياته الجهوزية للانقسام والتفرق فحزب حركة النهضة مثلا خرج من رحمها حركة الإصلاح الوطني والذي سيخرج من رحمه هو الآخر حزب جبهة العدالة والتنمية وحزب جبهة الجزائر الجديدة
وحركة مجتمع السلم تفرخ منها حركة الدعوة والتغيير
وحركة الوفاء والعدل انشطر عنه حزب الحرية والعدالة
ولا يخدعنك قول القائل أن هذا الاختلاف اختلاف رحمة وهذا التنوع تنوع تكاملي يثري ساحة العمل الإسلامي , لأنه وصل الأمر باستعداء كل أنصار حزب إسلامي لأنصار الحزب الإسلامي الآخر واتهام كوادر كل حزب لكوادر الأحزاب الإسلامية الأخرى بالتخوين والعمالة للنظام في مجالسهم الخاصة بل وصل حد الاقتتال بالعصي والأسلحة البيضاء بين إطارات الحركة الواحدة الذين يحملون هم المشروع الإسلامي وإقامة الدولة الإسلامية فأي رحمة وأي إثراء؟
وبالتالي فالإسلام السياسي استنزاف لطاقة المجتمع وتوجيهها التوجيه الخاطيء , يجب علينا أن نكون نحن التغيير الذي نود رؤيته في العالم على حد قول غاندي لأنه لا يستطيع أحد تغيير نفسه دون الم باعتباره هو نفسه الرخام وهو نفسه النحات .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
بوقفة رؤوف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat