ماذا أضاف السيد السيستاني لعنوان المرجعية العليا؟
محمد عبد الصاحب النصراوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد عبد الصاحب النصراوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لا شك إن الألقابَ و العناوينَ الموجودةِ في كل المجتمعاتِ جاءت نتيجة رغبة الجماهير بتمييز بعض الأشخاص عن غيرهم لمكانة دينية او اجتماعية و حتى الاقتصادية منها و العرفية.
و هذه الألقاب و العناوين وُضِعَ لها خصائص و مميزات سواء كانت على مستوى أهل الاختصاص و المعرفة أو حتى على مستوى عامة الناس ، بمعنى إن الشخص البسيط على المستوى الفكري و الثقافي أصبح مساهماً في إعطاء هذه العناوين و الالقاب سمات و مميزات تصب ايضا في تشكيل اطارها العام و الخاص .
و الواقع عندما ندرسه بموضوعية و تجرد عن المصالح الشخصية و الانتماءات الأثنية و العرقية ، نجد إن معظم هذه العناوين و الألقاب في غير محلها و ذلك لأسباب عديدة :
1. معظم الألقاب و العناوين جاءت الى فئات تسيطر على المقدرات المالية للبلدان و أصبحت تحملها و هي فاقدة لأهم ميزة من مميزاتها وهي الشعور بالمسؤولية ، فأصبحت تحملها دون استحقاق و اختيار حر من قبل الجمهور.
2. تغليب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة ، لذلك نجد سوء الاختيار لمن يحمل اللقب او العنوان ، و دوائر الدولة خير برهان على ذلك ، من لا يملك أبسط المؤهلات العلمية يدير مديريات او وزارات تفوق امكاناته لاستيعاب المتطلبات الرئيسية لتطويرها وحل مشكلاتها و في كثيرا من الاحيان يكون بعيدا عن النزاهة و المصلحة العامة.
3. الثقافة المغلوطة لدى الكثير من الناس جعلتهم ينظرون لبعض الالقاب و العناوين بمنظار التقديس رغم مساندتها للإرهاب و الظالمين ، و كل ذلك يتحمل مسؤوليته المثقف الواعي لتنصله عن دوره في بث الوعي بين الاقران و الاهل ، و الركون الى الواقع ، و عدم محاولة التغيير ، سواء كان بطريقة التوجيه او الواقع العملي الذي يندمج فيه.
أقولها و كلي ثقة و يقين و أنا أعيش في هذا العصر المليء بالمتناقضات و الإغراءات و الانحرافات ، إننا شهدنا شخصية عظيمة ليست من الانبياء و لا من الائمة الهداة المعصومين ، و انما هي شخصية تمسكت بحبل الله المتين و بصراطه المستقيم لتجسد لنا اروع معاني الثبات و التضحية و الحكمة ، انها شخصية حملت هموم الامة و اخذت على عاقتها توحيد الصفوف ، و بث روح الانسانية ليس على مستوى الوطن فحسب ، وانما بمنطلقات عالمية تجاوزت الانتماءات الدينية و العرقية لتكون رسالة للعالم أجمع .
هذه الشخصية الغزيرة المعاني تجسدت في شخص المرجع الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله الشريف) ....
عندما نستقرئ تحركات المرجع الأعلى نجدها نابعة عن حكمة ودراية ، كل تصريح و كل فتوى و كل توجيه جاء نابضاً من استيعاب كامل لهموم هذه الامة و متطلباتها. فجّرت المرجعية في أذهان المخلصين أبواب من المعرفة كنا نغفلها ؛ لأنها تتطلب توفيقات إلهية للوقوف على معانيها و إدراك أهميتها.
التاريخ يشهد و المخلصين يشهدون أن سماحته أضاف لعنوان المرجعية كمالات لا تحصى ولا تعد و منه أهمها:
1.الصبر عند البلاء ، و عدم الرضوخ و الاستسلام للشارع و ضغوطاته ,التي تفتقد الى الحكمة و تخضع للمشاعر و الضغوطات التي تمارسها بعض الشخصيات ذات الدور السلبي في المجتمع.
2. استيعاب الجميع و الدور الأبوي الواضح لكل من زار سماحته و ما يبديه من ارشاد و نصيحة .
3. الخطاب الوطني الذي لم يستطع حتى الاعداء تأويله و تفسيره وفق رغباتهم التي تهدف الى تقسيم العراق و زعزعة و حدته.
4. حياة البساطة و الزهد لسماحته اسقطت ادعاءات كل من يحاول خلط الأوراق ، و خير دليل على ذلك الحياة المتواضعة التي يعيشها أولاده و احفاده و التي لا تجاوز بيت بسيط في ازقة النجف الاشرف.
5.عدم مقابلة الاساءة بالإساءة مهما كانت النتائج و مهما كانت التصريحات التي تستهدف شخص المرجع و مكانته كعنوان ديني .
6. الإشادة العربية و العالمية بسماحته ، والدور الكبير في تقليل النزاعات الداخلية ، و ايجاد الحلول لكل معترك من شأنه زعزعة الاوضاع و خروجها عن السيطرة.
بعد هذا الايجاز لبعض الدروس العملية التي قدمها سماحة المرجع نجد إن عنوان المرجعية العليا ازداد شرفاً بالإنسان و إخلاص نيته لله عز و جل ، الانسان هو من يعطي العنوان و اللقب قيمته ، فلا حياة و لا معنى للّقب و العنوان دون روح انسانية تبني الانسان من الداخل و تجعله وسيلة لنشر الخير و الصلاح في الارض التي كانت ولا تزال ممتحن لعباد الله ايهما أفضل عملا.
و النقطة الجديرة بالذكر ، إن الدنيا أقبلت على سماحته بكل زينتها و ثرواتها لكنه أبى ان يكون ممن تستعبده الدنانير و القصور , و تمسك بطريق اجداده في بذل الغالي و النفيس من أجل المبدأ و الهدف.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat