صفحة الكاتب : د . عادل عبد المهدي

ايها العراقيون.. لا تبخسوا حق انفسكم
د . عادل عبد المهدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

العراقيون وهم الشعب الذي سكن ويسكن وادي الرافدين او ارض سومر وبابل وأكد واشور واربيلو، وارض الـ"مسيوبوتامي" والطوفان.. وارض ادم وسام ويحيى بن زكريا وادريس ونوح وصالح وابراهيم وشعيب وايوب وذو الكفل ويونس والقائمة تطول.. وارض اليهود والمسيحيين والمندائيين/الصابئة والاسلام.. وارض علي والحسين والجوادين والعسكريين والامام الحجة.. وارض طلحة والزبير وابن حنبل والبصري والحلاج وابو حنيفة والكيلاني والقائمة تطول.. وارض الشيعة والسنة والمعتزلة والصوفية والفرق المختلفة، والقائمة تطول.. وارض العرب والكرد والتركمان والفرس والازديين.. و"ارض السواد" والعباسيين، ومجالس العلم والادب والحضارة والاكتشافات والابداعات والمعتقدات والافكار.. وولايات البصرة وبغداد والموصل وشهرزور. هذا العراق بكل اقوامه وتلاوينه يأتيه الاجانب والغزاة يستقرون فيه فيهضمهم، ويصبحون جزءاً منه.. جاءه الشاهنشاهات والسلاطين والجبابرة، واباطرة اليونان والرومان والمغول، وجيوش بريطانيا والهند وامريكا، والقائمة تطول.. هذا العراق تصيبه الكبوات، فينبري من لا يفهم عمق جذوره ومتانة اسسه ويقول هذه "نهاية العراق". فيفاجىء الجميع وينهض ليكون ارض سلام وعلم وحضارة من ارقى الحضارات.. هذا العراق يظلمه الطامعون والحاسدون، لكن ما يظلمه اكثر تصديق ابناءه للافكار الهشة والبناءات الركيكة والمقارنات الكاذبة التي لا ترى سوى السلبيات، وتتناسى قدراته وامكانياته. وكأن الاصرار على السلبيات يكفي لازالتها.. او ان رؤية الايجابيات ستكون غطاءاً لها.
انتهينا من النظم الاستبدادية، وحروبها ومخاضاتها الدامية من احتلال وحصار وعقوبات وديون ودمار.. ودخلنا في نظم تمنح الحرية لشعبنا، وهذا انجاز كبير.. رغم كل المظالم والفوضى والفساد وانهيار الضوابط والتوازنات التي شيدتها انظمة الجبر والظلم والاستبداد.. والتي ستحتاج لوقت غير قصير لتجد مستقراتها وتوازناتها الجديدة. قبل اربع سنوات وقفت "داعش" على ابواب بغداد واحتلت نصف العراق، وتكلم الاستراتيجيون ومراكز الابحاث والحرب، ان العراق قد انتهى، وانه سيعلن افلاسه وانهياره.. واذا برجل فقير الا من علمه، متواضع طاعن في السن، يفترش الارض يصدر فتوى تُخرج ملايين الرجال والنساء للوقوف بوجه "داعش".. وتهب الدول من الشرق والغرب، ويقدم العراقيون الغالي والنفيس في اشرف معركة يخوضها شعب من الشعوب، والتي لم توقف زحف الارهاب عراقياً فحسب، بل عالمياً ايضاً.
هذه ليست عواطف وبكاء على ماض، بل للتذكير ببعض ما نملكه من قدرات، نحجزها عندما نردد قناعات غيرنا، ونفقد الثقة بانفسنا، فنحجز طريقنا بانفسنا، ونراكم سلبياتنا دون تحريك ايجابياتنا، ونسمح بالتدخل في شؤوننا.
بدأ الخارج بالمراجعة. وها هي الانتخابات التي قال كثيرون انها ستفشل، تفند من جديد –رغم كل ثغراتها- ما قيل ويقال. روبرت فورد السفير الامريكي الذي خدم في "الادارة المدنية"، ولاحقاً في سوريا، واكبر مستعربي الخارجية الامريكية، والاستاذ في معهد الشرق الاوسط في واشنطن، نستقي من مقالته الاخيرة "رجاء اتركوا العراقيين وشأنهم"، نصوصاً مختارة: "لم تبلغ الانتخابات البرلمانية العراقية حد الكمال، وبلغتنا انباء عن محاولات التزوير.. والأهم من كل ذلك، انه نظام عراقي لصالح الشعب العراقي.. نحن لم نفهم العراق بصورة جدية للغاية ما اسفر عن ارتكابنا الكثير من الاخطاء هناك.. وفي عام 2018 الحالي، يجب على الاجانب البقاء بعيداً تماماً عن العراق، وترك العراقيين وشأنهم للتفاوض بمعرفتهم في تشكيل الحكومة الجديدة في بلادهم.. والشعب العراقي يتسم بالذكاء ومفاوضوه صارمون للغاية.. اعتدت ان اقول ان كانت لدي قضية ارفعها في يوم من الايام سأستعين بمحام كردي درس القانون في مدينة النجف.. فان كانت الصفقات السياسية العراقية دون المستوى، على الاقل سيتفهم الشعب العراقي مسؤوليته ولا يلقي باللائمة على الاجانب. ويمكنهم القيام بالخطوات الكبيرة بانفسهم. فان نجح الشعب العراقي في ابرام الصفقات السياسية الناجحة، ربما ينبغي على الولايات المتحدة طلب المساعدة الفنية من بغداد لمعاونة الكونغرس الاميركي والحزبين الجمهوري والديمقراطي!". لهذا نقول ايها العراقيون لا تبخسوا حق انفسكم.. انظروا الى ايجابياتكم فهي اكثر بكثير من ايجابيات ثلاثة ارباع بلدان العالم.. فبتحريك الايجابيات يمكن اصلاح السلبيات.. وبزرع الامل في النفوس يمكن الانتصار على الصعوبات والفشل والفساد.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . عادل عبد المهدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/05/21



كتابة تعليق لموضوع : ايها العراقيون.. لا تبخسوا حق انفسكم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net