صفحة الكاتب : علي علي

حليمة تأبى التغيير بإصرار
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   معلوم أن الانسان يكتسب الخبرة -إن لم يكن يمتلكها- في حياته من خلال التجارب التي يمر بها، فقد جُبل الإنسان على حب التعلم مما يحيطه في حياته اليومية، وكذلك من خيالاته وأفكاره، بل ومن أحلامه أيضا. فقد كان الوصول الى القمر والمريخ حلما وقبلها كان مستحيلا، إلا أنه بعد ذلك صار متوقعا وممكنا، ثم بات بعد ذلك أمرا محققا، وحط الانسان قدمه على القمر وبعث من هناك رسالة الى أهله وسكان المعمورة كافة.

  ومن خصلة التعلم هذه، أظن ان خمسة عشر عاما عجافا، كافية لأي فرد سوي من بني آدم، ليكسب خلالها من الخبرات مايمكنه من إدارة حياته وحياة معيته بشكل مثالي، لاسيما في بلدنا العراق الذي يصلح ان يكون أنموذجا ثريا بالتجارب والدروس والعبر، ولو سخر سياسيوه خاصية اكتساب الخبرة، ووظفوها في إدارة مفاصل البلد، لكان العراقيون اليوم في (گمرة وربيع). وهذا قطعا اذا افترضنا جدلا ان السياسيين اليوم في عراقنا، يمتلكون خصالا عديدة أولها الكفاءة والحرص على مصالحنا، ثانيها القدرة على التحكم بالظروف المحيطة بنا والمستجدة علينا، فإن كانت مواتية أحسنوا التصرف في إيصال مدها وخيرها الى جرفنا بما ينفعنا، وإن كانت تنذر بمساوئ وأخطار قد تحيق بنا وتحيطنا، يكونون مهيئين باستحداث الحلول الآنية والسريعة، بما يتناسب مع الزمان والمكان والإمكانيات لمواجهتها وتجاوزها، فيكون واحدهم بهذا قد أدى واجبه، إن كان برلمانيا او رئيس كتلة أو حزب أو عضوا فيهما، او مسؤولا يمتلك صنع القرار والبت فيه، ويكون قد أتم مامطلوب منه كراع لرعيته.

  يجاهد العراقيون اليوم بـ (ألف ياعلي) و (ألف قل هو الله أحد) للوصول الى من يعين بلدهم على النهوض من محنته واقفا سليما معافى، لامطروحا سقيما معاقا، ويتطلعون الى كتلهم وأحزابهم وهي تتلاطم بين أمواج الأهواء والرغبات والمصالح، متأملين رسو سفنهم في بر أمان وأمن واستقرار، ليتشكل مجلس نواب يدير البلاد بما يعوض عليهم تخبطات الدورات السابقة. وهم يتأملون بعد هذه الرحلة ولادة شخص رئيس وزرائهم، والدوامة التي يعيشون فيها ستبقى تدور بهم لحين معرفته وجلوسه الى كرسيه، وهم غير متيقنين بعد من خطواته نحو تغيير جذري في إدارة البلد، بما يجدي نفعا ويأتي بثمرات يانعة طال صبرهم لجنيها، وسط تحديات الكتل والأحزاب بعرقلتهم الحثيثة لجداول أعمال الساعين بالتغيير الحقيقي.

وفي حقيقة الأمر ان في نفوس كثير من المواطنين، تركات ثقيلة من مخلفات السنين السابقة التي عانوا فيها سوء إدارة المجلس التنفيذي بمؤسساته كافة، وقطعا هذا من جراء الخلل في انتقاء الوزراء والمسؤولين الكبار فيها، والذين بدورهم كانوا منصاعين تمام الانصياع الى أوامر أحزابهم، فجاءت مصلحة الحزب لتكون هي الأغلب والأولى من مصلحة الوزارة، وهذا كان أس الخراب.

  اليوم والعراقيون خاضوا التجربة الرابعة في العملية الديمقراطية، هناك جروح لم تندمل بعد، في نفوس الناخبين الذين خابت آمالهم، لاسيما وقد أدركوا ان الجميع ضحك على ذقونهم، بدل المرة مرات ثلاث، والرابعة بين أيديهم. وماتولد بعدها في تعيين الوزراء من خيبات أشد قسوة من الأولى، إذ كانت تشبه كثيرا ماكان يحدث في زمن المقبور، فصح المثل القائل؛ (بدلنا عليوي بعلاوي). ولو تناسينا المجلس التنفيذي وممارسات رئيسه ووزرائه التي ظلمت المواطن، سواء أكان مقصودا أم غير مقصود! فلا أظن أحدا منا قد نسي التسويفات والمماطلات في إقرار القوانين، التي كانت اجتماعات مجلس نوابنا السابق تقتصر على قراءات أولى تعقبها ثانية وثالثة وعاشرة، لمقترحات او مشاريع قوانين تخدم المواطن، فيما كانت رئاسة مجلس النواب سباقة الى إقرار قوانين أخرى تخدم مصالح النواب وأحزابهم وكتلهم، وجهات وفئات داخل العراق وخارجه، ذات الشمال وذات اليمين وذات الجنوب.

  وبالطبع كل هذا على حساب المسكين ابن المسكين (أبا عن جد) المواطن العراقي. وماكان دأب جلسات مجلسنا السابق إلا تحت عنوان (كلمن يحود النار لگرصته) إذ تميل الكفة دائما لصالح الأحزاب والكتل والقوائم دون مصلحة المواطن في كل الأحوال. ليت شعري هل الجديد خير من القديم؟ وهل الغد خير من الأمس؟ أم أن حليمة تأبى بإصرار تغيير عادتها القديمة!.

aliali6212g@gmail.com

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/05/27



كتابة تعليق لموضوع : حليمة تأبى التغيير بإصرار
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net