صفحة الكاتب : حسين نعمه الكرعاوي

الديمقراطية، شُنقت غيابيًا
حسين نعمه الكرعاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كان من أبعد المطامح للشعب العراقي، هو أن يعيش في ظل نظامٍ يحفظ له وجودهُ ويحافظ على حقوقه وأن يكون تحت خيمة حُكمٍ عادلٍ يحفظ للعراق هيبته وشعبه، فسقوط نظام الديكتاتوري بِكُلِ ما يحمل من ظلمٍ وجور لم يكن كافيًا لرسم ملامح الحُكم الجديد، فالديمقراطية تحتاج أُناسٌ يؤمنون بها أولًا، ويعملون على ترسيخها فعليًا وعمليًا ثانيًا، شرط أن يكون الهدف الأول والأخير هو حُكم الشعب من الشعب الذي من حقه أن يُعبر عن رأيه ويختار ممثلين لصوتهِ وحقوقه، وأن تُولد الأحزاب من رحم معاناة الشارع العراقي، لترتقي بذلك الشارع لشواطئ الأمان والأستقرار وعلى كافة الأصعدة، السياسية، الأقتصادية، الاجتماعية، وأن لا تنغر بما تحصد أنتخابيًا ولا تكون غايتها الوصول الى السلطة فقط، ومن ثم توزيع الأمتيازات وفق مبدأ المحاصصة الحزبية ولكل مجتهدًا نصيبٌ من جراحات هذا البلد.

إنتخابات "2018" كانت من أصعب التجارب الإنتخابية التي مرت على العراق في ظل التجربة الديمقراطية، من حيثُ المشاركة فيها أولاً، ونتائجها الملموسة على أرض الواقع ثانيًا، ناهيك عن الإشكاليات والإتهامات والأرهاصات التي رافقت هذهِ العملية الإنتخابية، لِتخلق لنا فريقين بعد فرز نتائجها، الأول كان داعم لنتائجها النهائية، والبعض الأخر أخذ يشكك ويُطالب بالمراجعات وإعادة للعد والفرز وصولًا لألغاء الإنتخابات أذا ما توصلت الأفعال السابقة لما يرمي الوصول اليه، الفريقان غير مُباليين بخطورة المرحلة ولا بشعبٍ أقل من نصفهُ خرج وصوت، وأكثر من نصفهِ ساخطٌ على العملية الإنتخابية ولم يخرج أصلاً، ليوجه أهتمامه صوب فرز الاستحقاقات للفائزين أولاً، وخلق جو المعارضة والتعقيدات والقرارات غير العقلانية من البرلمان المُنتهية ولايته ثانيًا، وفي رحلة بحثنا عن الحلول الصحيحة والواضحة لأنقاذ التجربة الديمقراطية بكل ما لها وما عليها، صرنا نتجه لتعقيدها أكثر فأكثر.

المؤسسة القضائية، والتي تُعد من أقوى السلطات في البلاد، يؤسفنا ما نراه منها اليوم في إنها تُقاد ولا تقود، ففي الوقت الذي نطمح بأن يكون لها الدور الاساسي في حماية التجربة الديمقراطية والوقوف ضد كُل من يحاول تشويه ملامحها، نجدها تُخاطر بإستقلاليتها لتحول مهامها الإشرافية وتتجه الى الدور التنفيذي لدعم قرارات البرلمان المُنتهية ولايته، فهل ستكون الحكم والخصم في آن واحد؟

من يسعى لأن يكون قائدًا لهذا البلد، عليه أن يُدرك بأنه لا معنى ولا فائدة من الفوز في الإستحقاق الإنتخابي، في ظل كُل هذا التخبط الصريح، فهناك فرقٌ واضح بين من يسعى للمحافظة على التجربة الديمقراطية، وإدارة الدولة بالشكل الصحيح، فيكون بحثهُ عن السلطة لغرض إدارتها والحفاظ عليها، وبين من يبحث عن السلطة ليتمتع بإمتيازاتها فيكون بذلك قد حكم على النظام الديمقراطي بالشنق غيابيًا.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسين نعمه الكرعاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/06/18



كتابة تعليق لموضوع : الديمقراطية، شُنقت غيابيًا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net