أم جبار امرأة عراقية ثكلى، ربما لا تتمتع بأناقةِ ولباقة، فقد رسم الزمن على وجهها وعيناها الشاحبتين تجاعيد وهموم تحمل كل منها قصة وحكاية، فهي مِن بلد تحج إليه الحروب كل حين.
في عصر كل يوم، تجلس على عتبة بيتها المتهالك في منطقتهم العشوائية، والهموم أنستها معاناة وقسوة الشتاء البارد وحرارة الصيف اللاهب.
تنقل حبات المسبحة بين يديها، وتضرب أخماس في أسداس، يجول في خاطرها سؤال بريء تقول : لو كان لي ثروة مالية طائلة كثروة انجلينا جولي، وأذهب إلى نينوى ومعي كاميرات ترى هل يمتدحني الشعب العراقي الذي نسي ما قدمتهُ للموصل والعراق من دماء !
أم جبار الفقيرة بإمكانيتها وغنية بعطائها لم يرحمها احد، فالوطن الذي قدمت له أغلى ما تملك، ثلاثة من فلذت كبدها، للدفاع عن الأرض والعرض والمقدسات لم يمنحها شبراً تسكنُ فيه، لتبقى تصارع في الأحياء العشوائية المبنية من الصفيح فوق آبار النفط، بعد أن استشهد أولادها على ارض هذا الوطن الذي طمع فيها الاستعمار على مر العصور لما فيه من ثروات وخيرات.
خلفوا لها تركة ثقيلة أثقلت من كاهلها فهي معيلة لتسعة أيتام، ابنها الأكبر استشهد عام 2003 اثر مواجهات لمقارعة الاحتلال الأمريكي، وابنها الثاني لازال ثراه المفقود في سبايكر لم يوارى، وأما آخر العنقود ومدللها فقد روت دمائه الزكية ارض نينوى.
ما يؤلم أم جبار والآلاف من أمثالها، لماذا لم يتذكرها مدونو الفيس بوك ولم يتعاطف معها البعض من الشارع العراقي بقدر ما تعاطف مع سفيرة النوايا الحسنة في الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، انجلينا جولي التي زارت المدينة القديمة في نينوى قبل أيام وأحدثت ضجة عارمة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat