هل خذلت المرجعية المتظاهرين؟!!
د . عباس عبد السَّادة شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . عباس عبد السَّادة شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
في البدء علينا أن نعي جيداً أن المرجعية ليست فرداً مثلي ومثلك تتحكم به عواطفه، وتسيره انفعالاته، ويتخذ قرارات في لحظة انفلات الصبر بسبب كثرة المعاناة، وليست سياسيا أو منتفعا يراوح ويناور من أجل أن يكسب ود الجمهور. المرجعية كيان حكيم تملك مؤهلات قيادة الأمة، وتعلم كيف تضع قدمها في الموضع السليم إذا ازدحمت الأرض بالأشواك.
منذ البواكير الأولى لمعاناة الشعب من الحرمان ونقص الخدمات، والفساد والامتيازات الخاصة كانت المرجعية في طليعة المطالبين بالحقوق العامة للمواطنين، ومن أراد التثبت فليراجع بيانها عام ٢٠٠٦ مخاطبة رئيس أول حكومة منتخبة في العراق.
وفي عام ٢٠١١ عندما حصلت موجة احتجاج وتظاهرات أيدت المرجعية مطالب المتظاهرين ودعت بالسبل كافة لتحقيها، ورفع المعاناة عن هذا الشعب، مؤكدة على الحذر من تسييس التظاهرات، ومتمسكة بسلميتها.
وتكرر ذلك في عام ٢٠١٥ وكانت المرجعية في كل مرة تطالب وتحذر الحكومة من مغبة عدم الاستجابة للمطالب المشروعة.
ويرافق كل تلك السنين تأكيد المرجعية بصورة مُلِّحة على ضرورة تغيير الفاسدين في كل دورة انتخابية، ومحاسبتهم بقضاء عادل نزيه.
وسجلت المرجعية موقفها التاريخي بوجه الفاسدين والمقصرين عندما أغلقت بابها بوجوههم، ورفضت استقبالهم تعبيرا عن الاحتجاج الشديد منها لسياستهم في إدارة البلد، وتضييعهم حقوق المواطنين الكرام.
وجاء صيف ٢٠١٨ وبدأت موجة احتجاجات جديدة، وأعلنت المرجعية من منبر الجمعة تأييدها مطالب المتظاهرين المشروعة، وتأكيدها على سلمية التظاهرات، وتوصيتها بعدم الاعتداء على الممتلكات العامة، وهو موقف سديد حكيم يحفظ للشعب حقه في ظل القانون بعيدا عن الفوضى.
ومر أسبوع مع تصاعد حدة الاحتجاجات وخروج بعضها عن السيطرة، وكان الناس يترقبون منبر الجمعة فأعلنت المرجعية وصاياها المهمة لمن أراد أن يتصدى للمسؤولية والخدمة.
ويظن بعض المدونين (بحسن نية، وبعضهم بسوء نية) أن المرجعية خيبت الظنون في هذه الخطبة، وراح بعضهم يتهكم بالحديث عن موضوع الحسد الذي تحدث به خطيب الجمعة السيد الصافي في الخطبة الأولى.
وباختصار نقول:
أولا، اعتدنا أن نرى موقف المرجعية في الخطبة الثانية، أما الأولى فموضوعها ديني بحت يشرح فيه الخطيب مقاطع من أدعية الأئمة ويبين ما فيها من مواعظ وهو جزء مهم من واجبه، وطبيعة المكان والزمان والمناسبة العبادية.
ثانيا، ماذا قالت المرجعية في خطبتها الثانية؟ تحدثت المرجعية عن أهم شروط النجاح في المسؤولية المتمثلة بالكفاءة والمعرفة، واختيار المستشارين المؤتمنين، والعمل في حدود الوقت، وبناء الثقة مع الرعية.
ثالثا، ماذا تعني هذه الخطبة، وهل هي إهمال لموضوع التظاهرات، ومطالبها، لنتأمل بالآتي:
١. عندما أيدت المرجعية التظاهرات في الخطبة السابقة، ورسمت لها خط النجاح بالسلمية، والمحافظة على المطالب المشروعة، جاءت هذه الخطبة لتكمل أختها السابقة لتبين شروط المسؤول لتذكر بها المسؤولين، والمتظاهرين، فيعرف كل منهم تكليفه وماذا يريد ويراد منه.
٢. يلحظ أن المرجعية لم تخصص تلك الشروط بالمسؤولين الحكوميين وإنما جعلتها عامة لكل من يتصدى لخدمة ما، وذلك تذكيرا للشعب بمقولة: ((كيف ما تكونوا يولى عليكم)) فقد يطالب الطبيب بالحقوف والخدمات، وهو مقصر في واجبه، والموظف، والمعلم والكاسب كذلك، فكلنا راع وكلنا مسؤول عن رعيته.
قد يقول قائل :هذا الكلام لا يلامس مشاعر الناس الغاضبة، فنقول له ارجع إلى بداية المقال، لطفا.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat