صفحة الكاتب : نزار حيدر

عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الخامِسَةُ (٩)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

    أَعظمُ مشاكلِ الشُّعوب والأُمم عندما لا يُؤْمِنُ الفردُ بدورهِ كفردٍ وفِي نفسِ الوقت هو عاجزٌ عن أَداءِ دورٍ ما في الجماعة! فلا هو يبادرُ بأَداءِ دورهِ بمفردهِ ولا هو يبادرُ بأَداءِ دورهِ في الجماعة! وفِي المُحصِّلة يُركِنُ الدَّورُ جانباً بانتظارِ مَن يبادرُ إِليهِ!.
   عاشوراء مدرسةٌ في المُبادرةِ على المُستويَين؛ الفردي والجَماعي! فلا دورُ الفرد أَلغى دور الجماعة ولا دورُ الجماعةِ أَلغى دورُ الفردِ! ولذلك كانت عاشوراء عظيمةٌ في تضحياتِها وهي المعركةُ الوحيدةُ في التَّاريخ الذي استُشهِدَ فيها كلُّ المُقاتلين بِلا استثناءٍ!.
   إِنَّ التَّناسق بين الدَّورَين، الفردي والجماعي، يخضع لمقاييسَ دقيقةٍ جدّاً فإِذا طغى أَحدُ الدَّورَين على الآخر تحقَّق المفهوم سيِّء الصِّيت الذي تحكي عَنْهُ الآية الكريمة {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ} فالنَّتيجة ستكونُ حتماً {وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} أَمّا إِذا تحقَّق التَّوازن فسيتحقَّق المفهوم القُرآني {وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}.
   ولذلك ففي الوقت الذي حثَّ فِيهِ القرآن الكريم على دور الفرد بقولهِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ ۖ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} وقولهِ {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ ۖ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ ۚ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} حثَّ في نفسِ الوقت على دورِ الجماعة كما في قولهِ {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} وقولهِ تعالى {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
   إِنَّ دَور الفرد يتكامل مع دورِ الجماعة والعكسُ هو الصَّحيح، ولذلك لا ينبغي أَن ينتظرَ أَحدهما الآخر وإِنَّما لابُدَّ من المُبادرةِ دائماً، ففي الوقت الذي يهيِّئ الفرد نَفْسَهُ للدَّور ينبغي عليهِ أَن يجدَ دورهُ في الجماعةِ.
   وهكذا كانت عاشوراء، فبينما كانَ لكلِّ واحدٍ من قادتِها وأَنصارِها وشهدائِها دورهُ البارز والكبير على مُستوى الفرد كانَ لَهُ في نفسِ الوقتِ دورهُ البارز والكبير في الجماعةِ!.
   *فلو أَنَّ كلَّ واحدٍ منهم فكَّر بعقليَّة الفرد لما بقيَ أَحدٌ منهم في كربلاء ولما التحقَ أَحدٌ منهم بالحُسين السِّبط (ع).
   *ولو أَنَّ كلَّ واحدٍ منهم فكَّر بعقليَّة الجماعة كذلك لما بقيَ أَحدٌ منهم في عاشوراء وهُم يَرَوْن جماعةٌ قليلةٌ جدّاً في مُقابلِ جماعةٍ كبيرةٍ جدّاً.
   إِذا أَردنا أَن نُنجز أَهدافنا ونحقِّق غاياتنا السَّامية يجب أَن نُفكِّر بعقليَّتَينِ في نفسِ الوقت؛
   عقليَّة الفرد حتى لا تضيع طاقات كلَّ واحدٍ فينا.
   وعقليَّة الجماعة حتى تتكامل طاقات الجميع وتنصهِر في بوتقةٍ وَاحِدَةٍ وِجهتُها هدفٌ واحدٌ.
   ولنتذكَّر أَنَّ العقليَّة الفرديَّة لوحدِها تصنعُ أَصناماً! وأَنَّ العقليَّة الجمعيَّة لوحدِها تئِدُ صناعةِ القادة!.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/09/18



كتابة تعليق لموضوع : عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الخامِسَةُ (٩)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net