بعد تقرّر الالتفاف السلمي على الغزو المغولي، وصدور فتوى السيد ابن طاووس، تشكل الوفد برئاسة المحقق الخواجة نصير الدين الطوسي لمقابلة هولاكو.
وكان اختيار نصير الدين الطوسي لعوامل مرتبطة بدراسة شخصية هولاكو.
ذلك أنّ الطوسي كان خبيراً في مختلف العلوم العقلية والرياضية وغيرها، ومنها علم الفلك، الذي كان هولاكو مولعاً به.
فدخل المحقق الطوسي على هولاكو بعنوان أنه عالم فلك، ويطمح لإقامة مرصد فلكي .
وبطبيعة الحال، فإن هولاكو المولع بعلم الفلك لم يستطع مقاومة الفكرة، فأبدى استعداده لدعمها.
وهنا بدأت خطة إنقاذ التراث والعلماء، حيث أنّ المرصد الفلكي يحتاج إلى مكتبة، وفريق عمل مساعد من العلماء.
وتحت هذا العنوان تم إنقاذ مكتبة ضخمة من المخطوطات ، وجمع كبير من علماء الشيعة، بل وبعض علماء العامة، من الإعصار المغولي الرهيب، وبشكل علني، وبحماية مغولية، دون حاجة إلى تهريب قد لا ينجح، تحت عنوان أنها ( مصادر فلكية)، وأنهم ( علماء فلك).
وقام مرصد مراغة الفلكي الشهير، كمعلم علمي حضاري بارز وسط هذه العاصفة الهوجاء.
في نفس الوقت، كان الوزير الشيعي مؤيد الدين بن العلقمي، يحاول إنقاذ ما تبقّى عبر محاولة تبصير المستعصم العباسي بخطورة الموقف، ولفت انتباهه لصرف الثروات المكدسة في حماية الدولة، وصرف بعض الاهتمام عن الجواري إلى شؤون الدولة، وتحويل النشاط العسكري من التنكيل بالشيعة في الكرخ إلى درء المخاطر عن البلاد.
ولما لم يجدِ كل التحذير نفعاً ، ولم يستيقظ الخليفة وقادته من الغفلة، سقطت بغداد ، وسقطت بسقوطها دولة بني العباس.
وألقى التاريخ السلطوي باللائمة في سقوطها على الشيعة المضطهدين الذين حاولوا إنقاذ ما تيسر إنقاذه، دون الدولة الغافلة المتغطرسة التي أضاعت كل شيء.
ولم تقتصر هذه المبادرة الانقاذية على بغداد، بل كان لفقهاء الشيعة مبادرات مشابهة في مناطق أخرى، كمبادرة والد العلامة الحلي التي أنقذت الحلة مما جرى لبغداد.
يتبع
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat