صفحة الكاتب : عبد الخالق الفلاح

الرؤية المستقبلية لما بعد الارهاب
عبد الخالق الفلاح

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

أن نجاح السياقات والخطوات الأمنية والعسكرية بتنفيذ المهام الموكلة بنجاح في ضرب الارهاب ، في العراق وسوريا، ، قياسا بتقلص الرقعة الجغرافية التي يتواجد عليها أعطت أكلها نسبيا ، وهذا لا يعني ولا يعكس بالضرورة انتصارا نهائي أو زوالا للخطر والتهديد، انهيار هذه التنظيمات في مواقع ما في هذه البلدان لا يعني الانتهاء التام في الحرب على الإرهاب لأن الحرب العسكرية اذا لم تصاحبها حرب فكرية وإصلاحات اجتماعية وسياسية، وإنتاج ثقافة مضادة، والتقليص من الفقر والهشاشة، والفوارق الاجتماعية، وتأمين ظروف العيش الكريم، من شأن كل تلك العوامل تبقى الامور غير منتهية - بالإضافة طبعا إلى الإيديولوجيا التي تقدم قراءة مغلوطة ومبسوطة ومتطرفة للدين- كما ان انتزاع فتيل الصراعات المشتعلة في الشرق الأوسط، وإيجاد حل عادل لقضايا الدول المتضرر من جراء تلك الممارسات المجرمة  ووقف مخططات تفتيتها و التي ابتليت بهذه المجموعات الخبيثة ومساعدتها ماديا ومعنويا والتي باتت ترزح تحت تهديد انتشار النزعات الطائفية، التي تؤجج التطرف، وتخلق البيئة المناسبة لانتشارها والعمل على استئصال الأيديولوجيا الإرهابية، ونزع كل الأفكار والأيديولوجيات الخبيثة لدى افراد تلك المجموعات ، وإدماجهم بالشكل الصحيح في مجتمعاتهم وفق معايير صحيحة  لأن نسبة مهمة من المنتسبين لتلك التنظيمات لا يمكن لها ان تترك هذه الافكار بسهولة. ويقول الفيلسوف الفرنسي جاكوب روغوزنسكي، " عن داعش والإرهاب، " بأن البطن التي أنجبت داعش ما زالت خصبة، في دلالة على أنه حتى وإن تم دحر داعش في موقع ما، فإن الأيديولوجية المتطرفة ما زالت موجودة، وأن ظروف نمائها واستشرائها مازالت قائمة، خاصة مع تعمق الشعور لدى الشباب بالظلم والتهميش والقهر، والخوف من المستقبل، وعدم الثقة بالمحيط الذي يعيشون فيه ".

كما يمكن العمل على تأسيس وحدات متخصصة في دراسة هذه الظاهرة الخطيرة، و تعمل على تجميع كل الوثائق والمصادر والمعلومات الجديدة والقديمة، وذلك بغية فهم التطرف والإرهاب، والسعي إلى محاربته بالاعتماد على الفكرحتى يتم القضاء على هذه الافكار ولا تجعلهم يعصفون بالمنطقة لأن أيديولوجياته مازالت مستمرة .

 المجتمع الدولي يحتاج الى تظافر الجهود من اجل تطبيق قانون مكافحة الإرهاب وتسهيل عمل هذه القانون من خلال الزيارات الدورية لبعض الدول المشاركة وربطها بالتقنيات الحديثة والتطور التكنلوجيا لا سيما الجريمة الالكترونية وايجاد عقوبات رادعة لمنع التسلل تحت اي ظرف وخلق فرص تعاون فعال مع المنظمات الرقابية والاقليمية وتشديد عقوبات الجرائم وتجميد منابع الإرهاب ، وبلاشك فأن عودة المجموعات  الارهابية الى العراق والأجانب والعرب إلى بلدانهم، تشكلان تحديات كبرى لمرحلة ما بعد داعش، و زوجاتهم اللواتي يشكلن خطرا كبيرا، لأن بعضهن لعبن دورا كبيرا في التجنيد، كما أنهن قد يؤثرن على أطفالهن الذين يشكلون هم أنفسهم خطرا إذا فاقت أعمارهم 6 سنوات، وذلك بسبب التأثير الأيديولوجي والعقائدي ، خصوصا أنهم اكتسبوا تجارب ميدانية، حيث يقدر عدد العائدين المنحدرين من الدول الأوروبية بحوالي 5 آلاف شخص وهم في ازدياد ، في مقابل ما يفوق 6 آلاف شاب من المنحدرين من منطقة شمال إفريقيا ، ما تسبب في خلط أوراق النظام العالمي.

 الإرهاب الجديد، خلق أنماطا جديدة من التفاعلات تختلف في بعض جوانبها عما كان معتادا في العلاقات الدولية لأن تلك الجماعات سعت إلى جعل الإرهاب ذا بعد عالمي، وأن هدفها الأساسي هو الترهيب، و قد نجحت بالفعل في ذلك و داعش عملت على خلق نموذج تعليمي خاص بها، يعتمد على أربعة عناصر، هي أولا المسلك التأويلي عبر تأويل النصوص تأويلات متطرفة، وثانيا إغلاق المعنى داخل الوعي واللاوعي، وثالثا ربط الجرح التاريخي بالمقدس، ثم أخيرا خلق مسافة بين الحياة والعصر من جهة والتدين من جهة أخرى، و لم يتم التركيز على النظام التعليمي الذي تبني مناهجه على التحايل في قراءة النص الديني وتأويله وتوليد مفاهيم خاصة بالإرهاب، وهو ما أدى إلى استشراء العنف المتبادل في العالم، بسبب فعل العنف مع داعش وغيرها، وعنف رد الفعل مع القوى العالمية.

ولهذا، فنحن اليوم في مرحلة ما بعد داعش في أمس الحاجة لاعداد  دراسات جديدة لتقوية الفكر والوجدان والتحديات المستقبلية لمواجهة التطرف بكل اشكاله ، و تجليات وتحولات التطرف في البلدان وما يمثله من تحديات مستقبلية جوهرية للدول وذلك بعد سقوط وانهيار التنظيمات الارهابية في مراكزه الرئيسة في العراق وسوريا والذي لازال يمثل الخطر المحدق بعد انهيار الخلافة و يحتاج الى تظافر الجهود المشتركة وتحمل المسؤولية وتبني مواقف والاستفادة من هذه التجارب لانها تمثل تحديا للعالم كله و تهديد أمنه واستقراره .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الخالق الفلاح
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/03/03



كتابة تعليق لموضوع : الرؤية المستقبلية لما بعد الارهاب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net