صفحة الكاتب : د . آمال كاشف الغطاء

حكم الطغاة 4 نفسية وسلوك الطغاة
د . آمال كاشف الغطاء

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
أعتدنا أن نعتبر الطغاة  من يتبؤن  كرسي الحكم ولكن بتحليل نفسية الطغاة وسلوكهم نجدهم يتواجدون في كل مكان ويتغلغلون بيننا ويكسبون ودنا ولا نستطيع تميزهم لأنهم لا يملكون الآليات التي تمكنهم من تنفيذ نزعاتهم وأفكارهم وعندما نحدد سلوك الطغاة سيكون من السهل تحديد الإنسان الطاغية الذي عند امتلاكه بارقه من المال والسلطة يترك العنان لأهوائه ليحقق أرادته . إذن هنالك نوعين من الطغاة من يتبوء مركز السلطة والآخر الذي يتغلغل داخل المجتمع ويختلف أحداهما عن الأخر في سلوكه من حيث الإمكانيات المتاحة له.
أن الطاغية يسعى لإيقاع الأذى بالآخرين إذا كان يملك القوة فيسلب أموالهم وحياتهم وتاريخهم ويستأصل جذورهم أما إذا كان فاقد للقوة فنراه متنمرا متوحدا يعتقد اعتقاد راسخ أن كل من يخالف رأيه يشكل امتهان لكرامته وأن عليه أن يدافع عن رأيه بإسقاط الطرف المقابل فيسعى لإلحاق الأذى بالآخرين بعفوية وهدوء لأنهم أساؤا إليه في مرحلة من حياته وعليه أن يغتنم الفرصة لينال منهم وبما أنه عاجز عن القتل ونهب أموال الآخر فإذا كان  قريب منه أو بعيد يسعى لمنحه أحساس بالمهانة أو جعل حياته جحيم لا يطاق هؤلاء يشكلون خطراً على المجتمع لأنهم يمهدون لظهور الطغاة وخلق أناس على شاكلتهم . فالأب الذي يتحكم بالعائلة ويفرض عليها نمط معين من السلوك والراى والفعل لا يختلف عن الطاغية الذي يتحكم في دولة . 
أن هنالك تباين في سلوك الطاغية الحاكم فهو يمتلك الرأفة والرحمة والحنان مع أولاده ولكنه قاس جبار مع شعبه . يتكلم بالشرف والأخلاق والعفة ولكنه داعر متهتك عندما تتاح له الفرصة .فالطاغية عندما يحكم لا يعرف العهود والمواثيق يتحلى بصبفات المنافق الذي إذا أوتمن خان وإذا حدث كذب وإذا وعد أخلف أما إذا الطاغيه العادي الذي يملك القليل من آليات التحكم والتسلط فهو يتكتم ويتخفى ويحرص على أن يبدو بصورة أخرى إنه خنزير داخل أرنب. الطاغية لا يعرف الحب فإذا أحب من هو دون منه أحتقره  وأذله أما إذا كان أعلى منه مرتبة فيحاول أن يقضم ما يملكه الأخر لينزل به إلى مستوى أقل منه وهذا ما تعامل به الطغاة مثل نيرون مع معلمه سنكا والأسكندرمع استاذة ارسطو. فالطاغية في السلطة أو خارجها لا يستطيع أن يرى من أحسن إليه ورفع من مقامه وسانده لأنه لايريد أن يتذكر أيام ضعفه وهوانه فكونه في السلطة يقتله وإما خارجها فيهينه ويحتقره. 
إذا كانت الحروب  المتنفس للطغاة عن جبروتهم وقسوتهم فأن أحداث المشاكل وتسميم الأجواء وخلق الخلافات هي من سمة الطغاة خارج السلطة ولا نستطيع أن نحدد بالضبط لماذا يكون الإنسان طاغية ولكن بشكل عام البيئة وليس الوراثة هي التي تخلق الطاغية .
هناك مجتمعات تخلق طغاة حيث يؤله القائد ويخضع له خضوعا تاما ويمنح صفات يتفرد بها وتربط هذه المجتمعات مصيرها بهذا القائد من حيث الحياة والموت واذا اخطا او فشل في حرب فالمشكله ليس ازهاق ارواح الناس وخسارة الاراضي والممتلكات في معركه محسومه نتائجها مسبقا وانما القائد يجب ان يبقى لانه رمز واسطوره.
لا يمكن أن يخلق الله إنسان بصبفات سيئة نهى الله عنها ويعاقبه عليها فالطاغية ينشأ بحكم البيئة . والعوامل البيئية التي تتحكم بظهور الطاغية هي العائلة عندما تكون ممزقة و الأب منحرف وتعاني في حدوث أزمات بين الأم والأب وينشأ الولد عديم الانتماء ينمو كنبات بري وكنتيجة لعدم الانتماء وفقدان الحماية من الأب والأم يأخذ المجتمع دوره في القسوة على هذا النمو الإنساني المنحرف لينال منه وليعيده إلى جادة الصواب فتنشأ في أعماقه قسوة وإحباط وألم دفين على واقعه على نفسه على كل من حوله وعندما يكبر ينفجر هذا الخزين إلى بركان على ما حوله .
أن الثورات التي حدثت في أفريقيا والدول العربية وأمريكا اللاتينية حملت الكثير من الطغاة إلى السلطة فقاموا بمجازر مروعة ونهبوا أموال شعوبهم لأن الثورة عملية غير منظمة يستطيع الطغاة بما يملكون من أساليب ملتوية أن يصلوا إلى قمة الهرم ويستحوذوا على السلطة أن ضعف المجتمع وعدم وجود آليات الضبط الاجتماعي وافتقاد العدالة في القضاء وغياب حرية الرأي وحرية التواصل الاجتماعي يؤدي إلى تسلق الطغاة للمناطق الهامة في المجتمع  يساعدهم الانفلات الأمني للثورة  وتصاعد الشعارات والخطب ذات العبارات المؤثرة ولهفة الجماهير للتخلص من النظام السابق كل هذا يؤدي إلى ظهور الطغاة ولذا نحن بحاجة إلى اعتماد أسس واضحة بحيث لا تتيح للطغاة الوصول إلى قمة سدة الحكم .
أن الشروط التي أعتمدها علماء المسلمين الواجب توفرها فيمن يتولى شؤون الأمة يجب أن يعاد النظر بها فشرط العدالة وهي الأخلاق الفاضلة أن لا يخون ولا يكذب ولا يرتكب الكبائر ويكون عالم بما يتطلب منه من واجب .
2- ذا تاريخ نزيه وخالي من الشوائب ويتمتع بعلاقات اجتماعية نزيهه .
وقادر على إدارة الدولة وحماية مواردها واستغلالها والحفاظ على موروثها الثقافي.
3- أن يحرص على كرامة أهل مملكته وأمنهم .
يجب وضع هذه الشروط موضع التنفيذ حتى لا يصل طغاة المجتمع إلى سدة الحكم   
 تختلف نهاية الحاكم الطاغيه عن الإنسان الطاغيه فالاخير ينتهي باختفاء أثره أما كذرية أو مال ونجد ذلك في الروايات (كقصة مدينتين) حيث المركيز مع قلاعه و(القاهرة الجديدة ) لنجيب محفوظ ومسرحية (الراقصة) لأوجين أونيل أما الحكام فنجد مسرحية (كاليجولا) لالبير كامو و(رتشارد الثالث) لشكسبير ومسرحية (ما كبث) لشكسبير وفي كل الحالات يتملك الطاغية شعور جارف بأنه قادر على تجاوز القوانين الكونية التي تفرض العدالة كما جاء في الشرائع والنظام كما نراه من حركة الكواكب والمجرات وعلى الأرض نجد هنالك طبيعة تقف ضد الإنسان وتدافع عن نفسها فخمسة ألاف سنة لا نستطيع القضاء على الفئران والجراد الذي يسبب التلف للمواد الغذائيه  ولكن نستطيع إلى حد ما تجنبها كما أن بعض الكائنات المجهرية تخلق لها دفاعات جديد كالبكتريا. 
أن الاضطهاد النفسي الذي يتعرض له بالإهمال والاحتقار في الطفولة يولد رواسب من الصعب زوالها وعندما يصبح في موقع السلطة يحس أن من حقه أن يعوض عن الحرمان الذي ذاقه في طفولته والصعب في الأمر أن من أساء أليه لا يعرف ذلك ولكن الطاغية يعرف بالسنين والشهور والدقائق ما لحق به من سوء تصرف واضطهاد ومسرحية (رتشارد الثالث ) لشكسبيرعبرت جيداً عن هذا الأمر . أننا نحتاج إلى دراسة لدقائق حياة الطاغية منذ نعومة أظفاره وحتى تسلمه السلطة بما يخص سلوكه مع زملائه تقبله للمعرفة سلوكه مع عائلته فكيف يتسلم السلطة قاتل ؟هل نتقبل أعطاء السلطة لأوزوالد قاتل كنيدي ؟ ولكن تربع على كرسي الخلافة من قال أضع كل ما كتب تحت قدمي هاتين في العهد الذي كتبه معاوية مع الأمام الحسن (ع) واستلم الخلافه مروان بن الحكم الذي سدد سهمه الى طلحه في حرب الجمل .
ربما يعتبر البعض أن الحكام الذي يأتون من أصول عسكرية يكونون أميل إلى الطغاة فالعمل العسكري لا مكان فيه لتبادل الرأي وإنما المهم تنفيذ الأوامر للوصول إلى الغاية ولكن شهد التاريخ وجود الديمقراطيه في ظل حكام اصولهم عسكريه مثل تشرشل وايزنهاور إذن المشكله في النظام الذي يسمح بتسلل الطغاة الى موقع السلطه.
ماذا كان تقدير القذافي وصدام لذاته بحيث جعلته يواصل الحرب ؟ لم يكن صاحب قضية وإنما كان مبالغاً في تقدير إمكاناته ومتماديا في تقدير ذاته التى يعتبرها تعلو على الاخرين.
أن التاريخ الأوربي يعزو ظهور الأسكندر المقدوني ويوليوس وقيصر ونابليون هؤلاء الذين اقتحموا العالم بجيوشهم إلى أخيل أحد ابطال الاخيين الذي حارب جيش طراودة وقتل هكتور بن بريام ،ان كل واحد منهم يرجوا أن يكون كأخيل يحتل كتب التاريخ ببطولاته .
 في القرن العشرين ظهر الحكام الطغاة في أمريكا اللاتينية  وأعتبر تشي جيفارا نموذجا له يحتذى به ويستحق أن يضطهد الآخرين من أجل أن يحقق أفكاره ومبادئه. أما في البلاد العربية فظهرت أفكار أعتقد البعض أن من الضروري الدفاع عنها للتمكن من تطبيقها . واعتبار عبد الناصر نموذج يقتدي به .
ربما يكمن السر في وقوف القذافي وصدام وصالح جعلهم بن لادن نموذج لهم فبن لادن صمد دون أن يملك المقومات المالية والمعنوية التي يملكها القذافي وصدام وصالح فلما ذا لايحذون حذوه؟ ان حصيلة هذا كله رخص الدم العربي الاسلامي؟     

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . آمال كاشف الغطاء
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/01/16



كتابة تعليق لموضوع : حكم الطغاة 4 نفسية وسلوك الطغاة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net