صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

الكويت الخطأ والإستراتيجية
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ليست المرة الأولى التي يزور فيها أمير الكويت صباح الأحمد بغداد بعد العام 2003 السنة التي شهدت نهاية حكم صدام حسين الذي ترك في ذاكرة كل كويتي أثرا لايمحى، تتوارثه الأجيال التالية، حين غزا المدينة الغافية على الخليج عام 1991 وكان الأمير حينها وزيرا للخارجية، وإنسحب منها تحت الضغط العسكري الذي دمر البنية التحتية، ووضع البلاد تحت طائلة عقوبات قاتلة، وبنود حاكمة لم تبق سيادة ولاقيادة، وظل العراق يدفع حتى قبل وقت قصير من العام 2019 مبالغ مالية هائلة، وكانت الكويت تتلقى التعويضات بصدر رحب، وتبعث إشارات المودة آملة من الجار أن يكون أكثر هدوءا لأنها تحتاج إليه في إستراتيجيتها للبقاء، وهي مستعدة لإعتبار الغزو خطأ عابرا يمكن للزمن أن يداوي جراحه، وللأجيال أن تمسح من الذاكرة ماإستطاعت من ألم.

في مقابل خطأ صدام حسين العابر، وإن كان قاسيا هناك إستراتيجية لدى الكويتيين يريدون لها أن تستمر في المستقبل، فهناك تهديدات جدية من جارة تزحف على أراضيهم، ولها أطماع في حقول النفط المشتركة، وهناك وحش لايشبع، ويمكنه إلتهام كل شيء، ويخشى الكويتيون أن تلتهمهم، أو تمضغهم أفواه الجيران الجائعة، ولايركزون على اللحظة، بل يريدون ماهو أبعد من ذلك لحماية أنفسهم ومستقبلهم، ويعدون العراق أقرب الى هذا النوع من الشراكة التي تمكنهم من البقاء على المساحة الملائمة من الطمأنينة.

لم يعد هناك مايعيق تطوير العلاقات مع الكويت من جانب بغداد، غير إن المشكلة إن العراق مايزال لم يصل الى مرحلة الطمأنينة، فهل هو عربي، أم كردي، أم فارسي، أم تركي، وهل هو مسلم سني، أم مسلم شيعي، وهل هو قريب لإيران أم للعرب على الضفة المقابلة للخليج الذي صغرت مساحة نافذة العراق المطلة عليه لأسباب متصلة بالتوسع والنفوذ والمنافسة؟ فالعراق بحاجة الى علاقات متوازنة، لكن التنازع الإيراني الأمريكي عليه يشكل عقبة أمام تطويره ونهضته، فلابد من تحديد المسار، والتأكيد على نوع الهوية التي تمثل وجوده.

هناك أمل، ولكنه مثل هلال العيد لايرى في الليلة الأولى، وهناك من يعتمد الآلات والتقنيات الحديثة ليراه فيعلن العيد، وهناك من يعتمد النظر المجرد، وشهادة شهود ليعلن ذلك، ونحن بالفعل بحاجة الى مزيد من الوقت لنتطلع الى نوع العلاقة بين الكويت والعراق، وهل إن الحكومات العراقية والمنظومة السياسية قادرة على إتخاذ قرار نهائي وحاسم فيما يتعلق بعلاقات بغداد مع الكويت، ومع المحيط العربي والإقليمي، وهل إن حجم التأثير الإيراني سيبقى كما هو، أم إنه سيتراجع لإعتبارات مرتبطة بالضغوط الأمريكية، وتهديدات الحرب والحصار، ورغبة دول عربية في مقدمتها السعودية لجره نحوها بأي ثمن؟

علينا أن ننتظر لبعض الوقت.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/07/03



كتابة تعليق لموضوع : الكويت الخطأ والإستراتيجية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net