صفحة الكاتب : مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية

الوساطة اليابانية وأبعاد تفجير ناقلتي النفط
مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

علي مراد العبادي

مع تصاعد التوتر الحاصل بين الولايات المتحدة وايران على خلفية انسحاب الرئيس ترامب من الاتفاق النووي المبرم معها، وفرض الولايات المتحدة الامريكية عقوبات جديدة على طهران، والذي رافقه تصاعد في الحرب الكلامية ونذر حرب محتملة، وتحشيد كل من الطرفين المتصارعين لقواته في المنطقة، إلا إن النية الخفية لطرفي الازمة هو عدم الذهاب إلى الحرب بصورة مباشرة وإنما دفع كل طرف للأخر نحو تقديم المزيد من التنازلات لأجل التفاوض، والدليل على ذلك ما يصرح به مسؤولو الدولتين والذي يشوبه التناقض كما في تصريحات الرئيس ترامب وبومبيو والقادة الايرانيين، وعلى ذلك فإن كل هذه التصريحات تأخذ إطار التهديد والوعيد.

إن هذه الأوضاع المتصاعدة جعلت عددًا من الأطراف تعرض رغبتها في التوسط ما بين الدولتين للعودة لمسير المفاوضات، ومنهم العراق وقطر، لكن واشنطن رفضت ذلك المقترح وخففت من حدة التصريحات ولاسيما مع زيارة الرئيس ترامب لليابان والتي اعلن منها عدم نيته تغيير النظام السياسي في طهران، وقد كلف رئيس الوزراء الياباني بحمل رسائل للمرشد الاعلى الايراني أما لماذا اليابان، فربما لأن اليابان من اكثر الدول شراءً للنفط الايراني فضلاً عن البضائع الاخرى وهو ما ظهر جليًا على لسان رئيس الوزراء الياباني قبيل زيارته لواشنطن بأنه يعارض العقوبات و لاسيما الحياتية منها كالدواء والغذاء.

إن زيارة رئيس الوزراء الياباني شينزو ابي لطهران وعرضه على المرشد الايراني رسائل من ترامب، لم تثنِ طهران عن رأيها فقد رفض المرشد الايراني الاعلى هذا العرض، وأعلن بصريح العبارة وبصوت نقلته وسائل الاعلام اثناء ذلك اللقاء بقوله: ((من وجهة نظرنا فإن ترامب لا يستحق أن نتبادل الرسائل معه.. وايران لا تثق بأمريكا أبدا ولن تكرر تجربة المفاوضات معها ولا يوجد شعب حر وعاقل يقبل التفاوض تحت الضغط))، فيما كان جواب رئيس الوزراء الياباني بأن الرئيس ترامب قد ابلغه انه لا يسعى لتغيير النظام في ايران وهو مستعد لإجراء مفاوضات صادقة مع ايران فكان رد المرشد الاعلى بقوله: مشكلتنا مع أمريكا ليست نيتها تغيير النظام الايراني، لأنها لا تستطيع القيام بذلك أصلًا حتى لو أرادت.. ما يقوله ترامب بأنه لا ينوي تغيير النظام الإيراني (كذبة) ولو كان يملك هذه القدرة لفعل ذلك... رؤساء أميركا السابقون ايضا حاولوا حثيثا القضاء على الجمهورية الإسلامية في إيران لكنهم لم يستطيعوا فعل شيء.. أميركا تكدس آلاف الرؤوس النووية وغير مؤهلة للحديث عن الدول التي يمكنها امتلاك السلاح النووي أو لا يحق لها.. لو كنا ننوي صنع السلاح النووي لما استطاعت أميركا فعل شيء لكن نحن نعارض السلاح النووي وأصدرت فتوى تمنع تصنيعه.. وهنا يظهر ان في المقطع الأخير من كلام المرشد تكمن العبرة بأن طهران لا تنوي صناعة السلاح النووي ليس مخافة من امريكا، وإنما ذلك محرم شرعاً لدى ايران وقد تعد هذه رسالة بحد ذاتها.

ولعل الأمر المثير هو حدوث هجوم بحري استهدف ناقلتين للنفط الخام في خليج عمان في وقت اللقاء مع المرشد الايراني، كما ان احدى تلك الناقلتين تعود لشركة يابانية. ويبدو إن الهجوم على الناقلتين أعطى الفرصة للولايات المتحدة ودول اخرى لتوجيه أصابع الاتهام لطهران بتنفيذ هذا الهجوم، وهو ما نفته ايران داعية للتحقق من الامر والبحث عن الفاعل المستفيد من كيل التهم لطهران ووضع الحجج أمام المجتمع الدولي لأن ايران لا تريد الحرب فكيف تنفذ هجمات بهذا المستوى الذي من شأنه تعكير اية تهدئة مع واشنطن ولماذا استهدفت تلك الناقلة بهذا المكان والتوقيت ؟! ويظهر إن الإجابة عن التساؤل تعود إلى ترجيح طرف ثالث يسعى لإشعال الحرب في اشارة الى اسرائيل او أطراف اخرى تحاول الدفع باتجاه الحرب.

وبالتالي فإن ايران تعول على الصبر الاستراتيجي لأكبر قدر من الوقت وطالما لعبت عليه في الاوقات السابقة وربما تسعى لذلك لحين الانتخابات الامريكية القادمة، فيما تسعى الولايات المتحدة لفرض المزيد من العقوبات بهدف دفع ايران على التنازل والرضوخ لشروط جديدة حتى تتمكن من عقد اتفاق جديد بشروط قاسية، وهي تدرك جيداً صعوبة اقناع المفاوض الايراني بالطرق الاعتيادية فالضغط قد يجبرها اخيراً على التفاوض المشروط، وحتى مع فشل الوساطة اليابانية الا ان خيار الحرب قد جرى استبعاده من طرفي الازمة ويبقى الامر متروكا للظروف الدولية والرغبة المتبادلة والنية الحقيقية لإنهاء الازمة ودور الوسطاء في دفع الطرفين للذهاب نحو طاولة التفاوض.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/07/09



كتابة تعليق لموضوع : الوساطة اليابانية وأبعاد تفجير ناقلتي النفط
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net