صفحة الكاتب : خالد محمد الجنابي

‏في ذكرى مولد الرسول ألأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم
خالد محمد الجنابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو : (محمــد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشــم ابن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مُرة بن كعب بن لُؤَيّ بن غالب بن فِهر بن مالك ابن النَّضر بن كِنانة بن خُزيمة بن مُدركة بن إلياس بن مُضر بن نزار بن معد بن عدنان) (رواه البخاري) ، وعدنان من ولد إسماعيل الذبيح بن إبراهيم عليهما السلام ، وأبوه:  عبد الله بن عبد المطلب ، كان أجمل قريش (قبيلة قريش) وأحب شبابها إليها ، عاش طاهرًا كريمًا حتى تزوج بآمنة بنت وهب أم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، ‏وأمّه: آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب ، وجدّه: عبد المطلب بن هاشم ، هو سيد قبيلة قريش ، أعطته رياستها لخصاله الوافرة ، وقوة إرادته، وعزيمته على فعل الخير لكل الناس، وقد اشتهر بحفر بئر (زمزم) التي تسقي الناس بمكة المكرمة إلى يومنا هذا ،‏ ولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في يوم الاثنين ، لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول ، من عــام الفيل ، ومات أبوه عبد الله ، وهو لا يزال جنينًا في بطن أمـــه ، فلما ولد كان في حجر جده عبد المطلب يرعاه وينظر حاجته هو وأمه ، جاءت نسوة من بني سعد بن بكر يطلبن أطفالاً يرضعنهم ، فكان الرضيع المبارك من نصيب حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية ، ودرّت البركات على أهل ذاك البيت الذين أرضعوه مدة وجوده بينهم ، وقد مكث فيهم ما يربو على أربع سنوات ، توفيت والدته وعمره ستة سنين ، ترك يُتم النبي صلى الله عليه وسلم في نفسه أبلغ الأثر ، إذ وُلد يتيم الأب وماتت أمُّه وهو ابن ست سنين، فلما توفيت ضمّه جدُّه عبد المطلب إليه ورقّ عليه رِقةً لم يرقها على ولده ، وقرّبه وأدنا ه، وإن قومًا من بني مدلج قالوا لعبد المطلب : احتفظ به ، فإنّا لم نر قدمًا أشبه بالقدم التي في المقام منه ( هي أثر إبراهيم عليه السلام في المقام الإبراهيمي بجوار الكعبة ) ، فقال عبد المطلب لأبي طالب: اسمع ما يقول هؤلاء ، فكان أبو طالب يحتفظ به ، فلما حضرت عبدَ المطلب الوفاةُ أوصى أبا طالب بحفظه ، أوصى عبد المطلب ابنه أبا طالب بحفظ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورعايته ، وكان أبو طالب لا مال له ، وكان يحبّ محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم حبًّا شديدًا لا يحبه ولده ، وكـان لا ينام إلا إلى جنبه ، ويخرج فيخرج معه ، وكان يخصه بالطعام ، وكان إذا أكل عيال أبي طالب جميعًا أو فرادى لم يشبعوا ، وإذا أكل معهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شبعوا ، فيقول أبو طالب: إنك لمبارك ،‏ لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خمسًا وعشرين سنة ، تزوج خديجة بنت خويلد ، وهي من سيدات قريش ، ومن فضليات النساء ، وكانت أرملة توفي زوجها أبو هالة ، وكانت إذ ذاك في الأربعين من عمرها، وقيل في الثامنة والعشرين ، وكانت امرأة تاجرة ، تستأجر الرجال في مالها ، وتضاربهم بشيء تجعله لهم ، وخديجة رضي الله عنها أول امرأة يتزوجها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، ولم يتزوج عليها في حياتها ، وولدت له كل ولده إلا إبراهيم ، فولدت القاسم وعبد الله (الملقب بالطيب والطاهر) ، وثلاث بنات هن: أم كلثوم، ثم فاطمة، ثم رقية. أما إبراهيم فقد ولدته مارية القبطية التي أهداها له مقوقس مصر ،‏ وقد مات القاسم وعبد الله قبل الإسلام ، أما البنات فأدركن الإسلام وأسلمن رضي الله عنهن ، وتوفيت خديجة رضي الله عنها قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بثلاث سنين ، أول ما بُدِئ به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلاّ جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبّب إليه الخلاء ، وكان يخلو بغار حراء، فيتعبّد فيه الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ، ويتزود لذلك ، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها ، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء ، فجاءه الملك فقال : اقرأ، قال ما أنا بقارئ ، قال: فأخذني فغطّني - أي ضمّني ضماً شديداً - حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني فقال : اقرأ ، قلت : ما أنا بقارئ ، فأخذني فغطّني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ ، فقلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطّني الثالثة ، ثم أرسلني فقال : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ، اقرأ وربك الأكرم) (العلق/ 1-3 ) ، فرجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرجف فؤاده ، فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال : زمّلوني زمّلوني - أي ضعوا عليّ غطاءً - ، فزمّلوه حتى ذهب عنه الروع و الخوف ، فقال لخديجة وأخبرها الخبر:  لقد خشيت على نفسي ، فقالت خديجة : كلا والله ما يخزيك الله أبداً ، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكلّ - أي المريض المتعب - ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق - يعني الموت - ، ‏فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزّى ، ابن عم خديجة ، وكان امرءاً تنصّر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العبراني ، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ماشاء الله أن يكتب ، وكان شيخاً كبيراً قد عمي ، فقالت له خديجة : يا ابن العم اسمع من ابن أخيك ، فقال له ورقة : يا ابن أخي ماذا ترى ؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خبر ما رأى ، فقال له ورقة:  هذا النّاموس الذي نزّل الله على موسى - يعني جبريل عليه السلام- ، يا ليتني فيها جذعٌ - أي شاب - ، ليتني أكون حيًّا إذ يخرجك قومك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله  وسلم : أو مخرجي هم ؟ قال : نعم ، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عوديَ ، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً ، ثم لم ينشب - يلبث - ورقة أن توفي ، وفتر الوحي - أي انقطع فترة - ، استمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في تعبده في غار حراء ، فعاد الوحي وكان أول ما نزل بعد فترة انقطاعه الأولى قوله تعالى : (يا أيها المدثر) ، ثم أبطأ الوحي عدة ليال فقال المشركون : قد ودّع محمداً ربُّه ، فأنزل الله عز وجل ( والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى ) (الضحى/ 1-3) ، ‏وكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حريصاً على حفظ القرآن فيحرك لسانه به ، فنزلت الآية : (لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه) (القيامة/9) ، وقد كان يأتيه الوحي مثل صلصلة الجرس - وهو أشد الوحي عليه - فيفصم عنه وقد وعى عنه ما قال ، وأحياناً كان يأتيه الملك على هيئة رجل فيكلمه فيعي ما يقول ، والمشهور أن نزول الوحي استغرق ثلاثاً وعشرين سنة منها ثلاثة عشر عاماً بمكة ، وعشر سنين بالمدينة ، كانت خديجة رضي الله عنها أول من آمن ، ثم آمن عليه السلام ، ثم آمن من الرجال أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، وزيد بن حارثة ، وبلال بن رباح ، وسعد بن أبي وقاص ، وعثمان بن عفان ، وطلحة بن عبيد الله ، والزبير بن العوام ، وخالد بن سعيد بن العاص ، وعبد الله بن مسعود ، وخباب بن الأرت ، وعمار بن ياسر ، وعمرو بن عبسة السلمي ، وأبو ذر الغفاري ، وعبد الرحمن بن عوف ، وأبو عبيدة بن الجراح ، وعثمان بن مظعون ، وسعيد بن زيد ، وأسماء بنت أبي بكر ، وفاطمة بنت الخطاب ، وخلق آخرون ، ثم عمر بن الخطاب الذي قيل إن الله أتم به أربعين من الصحابة ، وقبله أسلم حمزة بن عبد المطلب عمّ الرسول صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة ، وأسلم أيضاً المقداد بن الأسود ولكنه كان يكتم إيمانه ، رضي الله عنهم أجمعين ، وأسلم الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه ، ودعا قومه إلى الإسلام ولقي منهم صدوداً ، فطلب من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يدعو عليهم ، ولكن الرسول دعا لهم بالهداية ، فهداهم الله وجاءت دوس مسلمة لله ورسوله بعد عدة سنوات ، انطلق قوم من الجن - بعد أن حيل بين الجن وبين خبر السماء - نحو تهامة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنخلة - مكان على مسيرة ليلة من مكة - وهو عامد إلى سوق عكاظ ، وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر ، فلما سمعوا القرآن تسمّعوا له ، فقالوا هذا الذي حال بينكم وبين خب السماء ، فهنالك رجعوا إلى قومهم فقالوا: ( إنا سمعنا قرآناً عجباً يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحداً )(الجنّ/ 1-2 ) ، وأوحى الله عز وجل إلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم قولهم هذا ، وقد دعا الجنُّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد هذه الحادثة ، وذهب وقرأ عليهم القرآن ، ثم عاد وأرى أصحابه آثارهم ونيرانهم ، ‏بدأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدعو إلى الإسلام ، من أول ما أنزلت عليه النبوة ثلاث سنين مستخفياً ، ثم أُمر بإظهار الدعوة بنزول قول الله عز وجل:  ( وأنذر عشيرتك الأقربين) (الشعراء/ 214) ، جاهرت قريش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالعداوة والأذى ، وكان عمه أبو طالب يمنعهم مع بقائه على دين قومه ، في حين أن عمه أبا لهب كان أشد قومه وأولهم إيذاءً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، واشتركت بطون قريش ورجال منها في إيذائه كذلك ، واشتدوا في هذا الإيذاء ، يعذبون من لا منعة - حماية - عنده ويؤذون من لا يقدرون على عذابه ، والإسلام على هذا ينتشر بين الرجال والنساء ، ولقي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من العذاب أمراً عظيماً ، ورزقهم الله تعالى على ذلك من الصبر أمراً عظيماً ،‏ حين ما اشتد البلاء والفتنة والإيذاء على المسلمين في مكة ، قال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن بأرض الحبشة ملكاً لا يظلم أحد عنده ، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجاً ومخرجاً مما أنتم فيه" ، ‏فخرج المسلمون حتى نزلوا بالحبشة فأكرمهم النجاشي وأمّنهم ، وكان أول من هاجر من المسلمين عثمان بن عفان وزوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وتبعه جمع من كبار الصحابة ، وكانت الهجرة الأولى سنة خمس من مبعث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وعدد الذين هاجروا فيها أحد عشر رجلاً وأربع نسوة ، وأما الثانية فكان عدد الذين هاجروا فيها اثنين وثمانين رجلاً وثماني عشرة امرأة ، وأبناؤهم ، وسببها أن المهاجرين الأوائل سمعوا بإسلام قريش فعاد بعضهم ومنهم عثمان بن عفان وزوجته فلم يجدوا قريشاً أسلمت ، ووجدوا المسلمين في بلاء عظيم وشدة ، فهاجروا مرة أخرى ومعهم هذا العدد الكبير ، ‏وقد أرسلت قريش في أثرهم عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة بهدايا إلى النجاشي ليردّ المسلمين ، ولكن هيهات فقد أسلم النجاشي وأبى أن يردّهم ، بل أعطاهم الأمان في أرضه وأقرّهم على دينهم ، وردّ رسل قريش لم ينالوا شيئاً ، ‏ما إن دخل الإسلام عمر بن الخطاب ، وحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنهما ، وخروج بني هاشم من شعب أبي طالب ، حتى توفي أبو طالب في أواخر العام العاشر من البعثة ،  وبموته فقد الرسول صلى الله عليهوآله  وسلم سنداً كبيراً ، لم يجد من يقوم مقامه من بني هاشم ، ولذلك بدأ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يعرض نفسه على القبائل ليطلب نصرتها ، ورحل إلى الطائف لأجل تلك النصرة ولكنها لم تحدث ، فقد خذله أهل الطائف وسلطوا عليه صبيانهم فقذفوه بالحصى حتى أدموا قدميه واستهزءوا به كثيراً ولكن هذا لم يجعله ييأس صلى الله عليه وآله وسلم ،  ‏وكان وقع ذلك شديدًا على النبي – صلى الله عليه وآله وسلم- وما كاد يلتقط أنفاسه ، ويبتعد عن الطائف حتى لجأ إلى الله بالدعاء في حرارة قائلاً  : " اللهم انى اشكو اليك ضعف قوتى و قلة حيلتى و هوانى على الناس انت رب المستضعفين و انت ربى الى من تكلنى؟ الى بعيد يتجهمنى ؟ ام الى عدو ملكته امرى؟! ان لم يكن بك على غضب فلا ابالى اعوذ بنور وجهك الذى اضاءت له الظلمات و صلح عليه امر الدنيا و الاخرة من ان تنزل بى غضبك او يحل على سخطك لك العتبى حتى ترضى و لا حول ولا قوة الا بك" ، وتوفيت خديجة رضي الله عنها في نفس العام ، ففقد الرسول صلى الله عليه وسلم سنداً ثانياً من داخل كيانه الأسري ، ‏في تلك الظروف الصعبة كانت المواساة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحادثة الإسراء والمعراج ، يقول الله عز وجل:  بسم الله الرحمن الرحيم سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير ، صدق الله العظيم ، الإسراء/ 1 ، وقصة الإسراء والمعراج مبسوطة في الصحاح ، وقد لقي صلى الله عليه وآله وسلم في معراجه الأنبياء آدم ، ويوسف ، وإدريس، وعيسى ، ويحيي ، وهارون ، وموسى ، وإبراهيم ، عليهم السلام ، وسمع صريف الأقلام ، وفرضت عليه الصلاة ، ثم رفع إلى سدرة المنتهى ، ثم رفع له البيت المعمور في السماء السابعة ، ورأى نهر الكوثر وأنهار الجنة ورأى جبريل عليه السلام على هيئته ، ورأى أقواماً يعذبون على جرائمهم ، ‏ورغم أن حادثة الإسراء والمعراج كانت مواساة وتطميناً للرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلا أنها كانت فتنة لبعض المسلمين وللكافرين ممن لم يصدقوا بها ، وجمهور العلماء على أن الإسراء كان يقظة بالروح وبالجسد ،‏ و‎‎ أعلن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عزمه على الحج في العام العاشر ، فتقاطر الناس من أرجاء الجزيرة العربية للحج معه ، وخرج من المدينة لخمس بقين من ذي القعدة ، ولما وقف في عرفة نزل قول الله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً صدق الله العظيم المائدة/3 ، وقد تعلّم المسلمون مناسك الحج من النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تلك الحجة المباركة ، التي بلغ عدد المسلمين فيها أربعين ألفاً ، حيث استمعوا إلى خطبة الوداع التي ألقاها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في عرفات في وسط أيام التشريق ، وجاء فيها :‏ (إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا في بلدكم هذا ، ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدميّ هاتين موضوع ، ودماء الجاهلية موضوعة ، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث ، وربا الجاهلية موضوع وأول رباً أضع ربانا : ربا عباس بن عد المطلب فإنه موضوع كله ، واتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، وإن لكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ، وإني قد تركت فيكم ما لن تضلوا إن اعتصمتم به ، كتاب الله ، وأنتم تُسألون عني ، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت رسالات ربك وأديت ونصحت لأمتك ، وقضيت الذي عليك ، فقال : بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكثها إلى الناس:  اللهم اشهد اللهم اشهد ) ، ألمّ المرض بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم بعد عودته من حجة الوداع بحوالي ثلاثة أشهر ، وكان بدء شكواه في بيت ميمونة ، ولما أثقله المرض ومنعه من الخروج للصلاة بالناس قال: (مروا أبا بكر فليصل بالناس ، وراجعته السيدة عائشة رضي الله عنها ، لئلا يتشاءم الناس بأبيها ، فقالت: إن أبا بكر رجل رقيق ضعيف الصوت كثير البكاء إذا قرأ القرآن ، فأصرّ على ذلك ، فمضى أبو بكر يصلي بهم) ، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم يتوكأ على العباس وعليّ عليهم السلام ، فصلّى بالناس وخطبهم ، وأشار إلى تخيير الله له بين الدنيا والآخرة واختياره الآخرة ، قال : ( إن عبداً عرضت عليه الدنيا وزينتها فاختار الآخرة ، ففطن أبو بكر إلى أنه يقصد نفسه فبكى ، وتعجب الناس منه إذ لم يدركوا ما فطن له ) وعندما حضره الموت كان مستنداً إلى صدر عائشة وكان يدخل يده في إناء الماء فيمسح وجهه - من شدة الحمى - ويقول: ( لا إله إلا الله ، إن للموت سكرات) ، وأخذته صلى الله عليه وآله وسلم بحة وهو يقول: (مع الذين أنعم الله عليهم) ، ويقول: (اللهم في الرفيق الأعلى فعرفت عائشة أنه يُخير وأنه يختار الرفيق الأعلى ) ، ودخلت عليه فاطمة عليها السلام فقالت: واكرب أباه ، فقال لها: (ليس على أبيك كرب بعد اليوم ) ، ودعاها (فأسرّ إليها بشيء فبكت ، ثم دعاها فأسرّ إليها بشيء فضحكت ) ، وأخبرت رضي الله عنها – بعد وفاته - أنه صلى الله عليه وآله وسلم أخبرها أنه يموت فبكت ، وأخبرها بأنها أول أهله لحوقاً به فضحكت ،‏ وقبض صلى الله عليه وآله وسلم حين اشتد الضحى ، في يوم الاثنين ، في الثاني عشر من ربيع الأول من العام الحادي عشر للهجرة ، وبكت فاطمة رضي الله عنها أباها صلى الله عليه وآله وسلم، وهي تقول:‏ يا أبتاه أجاب ربا دعاه ، يا أبتاه من جنة الفردوس مأواه ، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه ، وانتهت حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولم تنته رسالته ، فهي خالدة إلى يوم الدين ، ولم تنقطع أمته فالخير فيها إلى يوم يبعثون ، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه الصادق الوعد الأمين ، والحمد الله رب العالمين .
khalidmaaljanabi@yahoo.com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


خالد محمد الجنابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/02/04



كتابة تعليق لموضوع : ‏في ذكرى مولد الرسول ألأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net