لفت انتباهي وأنا اقرأ للكبير سلمان گويش خاطرة يقول فيها،" بعض الأشياء توازي الخبز في أهميته "! ويروح مكملاً نصه عن السيارات البالغة التعتيم وكيف يختبيء خلف تصفحها المتنفذون وكيف ان كثرة الأضواء والبناء الشاهق لا يلفت نظره كثيراً.. كونه رجل فقير لا يهتم لكل هذه الأشياء بقدر اهتمامه إلى رغيف من الخبز يسد به معتدته التي لم تعهد الشبع بحسب اعتقادي منذ وجود العرب على وجه الكرة الأرضية ..
سلمان كيوش لفت انتباهي لكثرة العوز الذي يمر به ابناء بلدي وهم يقضون سنين عمرهم العجاف بين ضرورة الفقر وتسلط المعقدين نفسيا وورثة الأنبياء كما يدعون.. فلو أخذنا على سبيل "اللطم" اخر عقدين من الزمن وجعلناها شاهدا على ما ندعي، لرأينا منها ما لم يخطر على بال التاريخ ولا يثبت على شريط الذاكرة التي ملئت بفضل من تولى قيادة الدفة، بالدم والفوضى والحرمان وتسويق الشهادة إلى الموت دون ادنى إرادة لنا.
عقود من الزمن وابناء جلدتي يحاصرهم الموت من كل ناحية، ويأتيهم بأشكال متعددة ، فمرة تراه حصارا ومرة حرب وأخرى على شكل مفخخات تحصدنا بالموت الجماعي حتى تتناثر اشلاءنا وتختلط مع بعضها برائحة البارود وال TNTوحصى الأسفلت الأسود ( وكم من قتيل دفنت في قبره قطع من الأسفلت ضناً منهم انها بقاياه) ..! ورغم هذا لازال سلمان كيوش يتغنى بذاكرة سيد محمد وهدوء الهور ومشراگته " الچباشات" التي تحولت بفعل فاعل إلى أطلال لا يتجاوز جمالها حدود قرار اليونسكو لضمها إلى التراث العالمي.. حتى الطيور التي كانت تتوافد في كل الفصول إلى مشرق الشمس عند نقطة التقاء هور الحمار بالچبايش والحويزة. لم تعد تحلق هناك.! لان سياسات القمع والتنكيل وقطع الالسن والرقاب شملت أجنحتها ..
اعلم يا سلمان ان الموازنات الانفجارية قد أرقت كل الأشياء وحتى الخبز الذي ذكرته في نصوصك، مرحلة الخبز لدى ابناء الجنوب باتت معقدة في زمن التكليف الشرعي لسياسيو المهزلة والصدفة التي جاءت بهم من وراء الغيب ليدعون انتماءهم لذلك الهور الذي تتغنى به، والهور منهم براء..
لنكتب قليلًا انا وانت عن ذكرة الطور المحمداوي الذي فر من مرابع الهور العتيق وترسخ كذاكرتك التعويضية في مقابر النجف لينعى بدوره مسعود العمارتلي وهو يرتل ما جاء منك عند وادي السلام.. لنمر انا وانت ولو بسطور عند مدافن الشهداء التي أصبحت معلما في ذلك البحر الذي جف من الماء لميتلئ بدماءنا.. الا تعتقد ان المسألة باتت تعويضية بشكل أو باخر؟ فعدالة السياسيين لا ترغب بالتصحر ولكنها تستبدل السائل بالسائل." الدماء بدل الماء" والهدوء بدل فوضى المطالب بالحقوق والعيش الكريم .. يا سيدي الكريم جنوب العراق احرفاً خطت على أناملك وأصبحت محرابًا بين ذاكرتك ونياح امهاتنا، فصلى عليه المارقون صلاة الشياطين واستباحوا الجنوب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat