صفحة الكاتب : نزار حيدر

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ السَّابِعَةُ (٢٣)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

{مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ}.

لماذا لا ينتبهَ البعضُ لفُرصِ التَّمكين؟! فكلَّما مرَّت عليهِ فرصةٌ لم يشعر بها فيخسر الواحدة تلوَ الأُخرى؟!.

[٣] أَسباب مُهمَّة مِن بينِ أَسبابٍ عدَّةٍ؛

*الإِغترار بما عندهُ والتكبُّر، فيتصور أَنَّهُ اكتفى من العلمِ والخبرةِ والنَّجاحات، فلا حاجةَ لمزيدٍ منها إِذا قرأَ كتاباً ومارسَ إِدارةَ مهنةٍ أَو مسؤُليَّةِ موقعٍ أَيَّاماًوأَسابيع.

والغرورُ هو الذي يُزيِّنُ للمرءِ أَعمالهُ مهما كانت متواضِعةً أَو رُبما حقيرةً، وهو المرضُ الذي يصعب عِلاجهُ إِذا لم يُبادِر صاحبهُ لعلاجهِ بالإِنتباهِ إِليهِ والإِعترافِبهِ أَوَّلاً كما في قولهِ تعالى {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۖ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَايَصْنَعُونَ}.

والغرورُ هو الذي يدفعُ بصاحبهِ للخَوضِ بكلِّ حديثٍ مِن دونِ أَيِّ استعدادٍ علميٍّ أَو معرفيٍّ أَو حتَّى خِبرويٍّ كما في قَولهِ تعالى {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِبِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُّنِيرٍ* ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ} وقولهُ تعالى {حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوا قَالَأَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} فهو يحكُم على الشَّيء قبلَ أَن يفهم.

وفَوقَ هذا يستعرِضُ عضلاتِهِ [المعرفيَّة] الخاوِية!.

وإِنَّ أَسوءَ من ذلك عندما يتصدَّى لِمَن يُقدِّم لهُ المعرفة والخِبرة والمَشورة بالتُّهمِ والطَّعنِ والدِّعايات المُغرضةِ والتَّسقيطِ وأَحياناً التَّهديدِ كما في قَولهِ تعالى {قَالُواإِنْ هَٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَىٰ} على اعتبارِ أَنَّ خبرتهُ فريدة من نوعِها يخشى أَن يذهب بها المُصلح!.

وقولُهُ تعالى {إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا ۚ وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا}.

أُنظُر كيفَ يُضيِّع على نفسهِ وعلى مُجتمعهِ فُرص التَّمكينِ!.

إِنَّهُ الإِستكبار في النَّفس الذي يحولُ بين المرءِ وفُرص التَّمكينِ {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَىٰ رَبَّنَا ۗ لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْوَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا}.

والتكبُّر هوَ أَوَّل درُوس إِبليس عندما رفضَ أَن يسجُدَ لأَبينا آدم (ع) عندما خلقهُ الله تعالى وأَمرَ الجميعُ بالسُّجودِ لهُ، يقولُ تعالى {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْأَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ}.

أُنظُر كيفَ يُقدِّم لنا أَميرَ المُؤمنينَ الوصفَة كعلاجٍ لهذا المرض، يقُولُ (ع) {عِبَادَ اللهِ، إِنَّ أَنْصَحَ النَّاسِ لِنَفْسِهِ أَطْوَعُهُمْ لِرَبِّهِ، وَإِنَّ أَغَشَّهُمْ لِنَفْسِهِ أَعْصَاهُمْ لِرَبِّهِ; وَالْمَغْبُونُ مَنْ غَبَنَ نَفْسَهُ، وَالْمَغْبُوطُ مَنْ سَلِمِ لَهُ دِينُهُ، وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ، وَالشَّقِيُّ مَنِ انْخَدَعَ لِهَوَاهُ وَغُرُورِهِ}.

وقالَ (ع) لرَجلٍ سأَلهُ أَن يعظهُ {إِنْ أَصَابَهُ بَلاَءٌ دَعَا مُضْطَرّاً، وإِنْ نَالَهُ رَخَاءٌ أَعْرَضَ مُغْتَرّاً، تَغْلِبُهُ نَفْسُهُ عَلَى مَا يَظُنُّ، وَلاَ يَغْلِبُهَا عَلَى مَا يَسْتَيْقِنُ، يَخَافُ عَلَىغْيَرِهِ بِأَدْنىَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَيَرْجُو لِنَفْسِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ عَمَلِهِ، إِنْ اسْتَغْنَى بَطِرَ وَفُتِنَ، فَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ مَا أَصْبَحَ فِيهِ أَهْلُ الْغُرُورِ، فَإِنَّمَا هَوَ ظِلٌّ مَمْدُودٌ، إِلَى أَجَلٍ مَعْدُود}.

*الإِنشغالُ عنِ الفرصةِ، وهذهِ واحدةٌ مِن أَسوأ أَسباب الفشل، يقولُ تعالى {مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ* لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ۗوَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ ۖ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ}.

إِنَّ الذي لا ينشغِلَ عن فُرص التَّمكينِ هو الذي يعرف قيمتها ويُقدِّر أَهمِّيَّتها كما يقولُ أَميرُ المُؤمنين (ع) {وَقَدْ عَرَفَ حَقَّهَا رِجَالٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ لاَ تَشْغَلُهُمْعنْهَا زِينَةُ مَتَاع، وَلاَ قُرَّةُ عَيْن مِنْ وَلَد وَلاَ مَال، يَقُولُ اللهُ سُبْحَانَهُ؛ (رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ)}.

وعكسهُ الذي يصفهُ (ع) بقَولهِ {فَمَنْ شَغَلَ نَفْسَهُ بِغَيْرِ نَفْسِهِ تَحَيَّرَ فِي الظُّلُمَاتِ، وَارْتَبَكَ فِي الْهَلَكَاتِ، وَمَدَّتْ بِهِ شَيَاطِينُهُ فِي طُغْيَانِهِ، وَزَيَّنَتْ لَهُ سَيِّىءَ أَعْمَالِهِ،فَالْجَنَّةُ غَايَةُ السَّابِقِينَ، وَالنَّارُ غَايَةُ الْمُفَرِّطِينَ}.

*التَّضليلُ، فعندما ينشغلُ بالقيلِ والقالِ تضيعُ عليهِ الفُرصة، وهو المرضُ الذي أُصبنا بهِ بدرجةٍ مهولةٍ ومُخيفةٍ من خلالِ وسائل التَّواصُل الإِجتماعي التيتطمُرنا في كُلِّ لحظةٍ بالأَكاذيبِ والفبركاتِ وبكُلِّ ما يُضلِّل عقولَنا فتضيعُ علينا فُرصُ التَّمكينِ!.

يقولُ تعالى {وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ}.

بقيَ أَن أُشيرَ إِلى خطأَينِ يرتكبهُما كثيرون يُضيِّعا عليهُم فُرص التَّمكينُ؛

*عندما ينتظرونَ الفُرصة التي تُعجبهُم فقط! والتي تتناغم وأَهواءهُم! ولكن ليست كلَّ الفُرص على ما يُرام، ولذلكَ يطولُ انتظارهُم!.

يقولُ تعالى {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ}.

*وعندما ينتظرونَ الفُرصة التي تأتي اليهِم من [الكبارِ] فقط فإِذا جاءتهُم من غيرهِم استصغروها ورفضُوها.

يقولُ تعالى {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْكَاذِبِينَ} وقولهُ تعالى {قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ}.

١٦ مايس [أَيَّار] ٢٠٢٠

لِلتَّواصُل؛

E_mail: nahaidar@hotmail.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/05/17



كتابة تعليق لموضوع : أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ السَّابِعَةُ (٢٣)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net